كشف دخول 25 نائباً مسلماً لمجلس العموم البريطاني عقب الانتخابات الأخيرة من بين 650 مقعدًا، واحتلالهم المركز الأول كأبرز أقلية في بريطانيا تضم 4 ملايين نسمة وتفوز بها العدد، عن تطور مهم يتمثل في سعيهم لتوحيد صفوفهم والاستفادة من «صوت المسلمين».
هذه أول مرة يصل هذا العدد (25 نائباً) من النواب المسلمين للبرلمان البريطاني في الانتخابات العامة التي أجريت في 4 يوليو الجاري، وكلهم من المؤيدين لغزة، وجرى انتخابهم على هذا الأساس، من بين 89 نائباً من الأقليات في البرلمان.
ففي انتخابات عام 2019م فاز 19 مرشحاً مسلماً ودخلوا البرلمان البريطاني، وفي انتخابات عام 2017م فاز 15 مرشحاً.
وينقسم هؤلاء النواب، وفق الانتماء السياسي إلى: 4 من المستقلين، و18 نائباً مسلماً فازوا على قوائم حزب العمال، واثنين ترشحا على لوائح حزب المحافظين، وواحد من حزب الديمقراطيين الليبراليين.
عاقبوا «العمال» جزئياً
كان لـ«صوت المسلمين» دور مهم في إنجاح نواب حزب العمال خصوصاً في الدوائر التي بها أغلبية مسلمة، رغم عزوف كثير منهم عن انتخاب العمال بسبب موقف زعيم الحزب رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر الداعم لدولة الاحتلال الصهيونية.
حيث شهدت الانتخابات العامة البريطانية لعام 2024م تراجعًا في أداء حزب العمال في الدوائر الانتخابية التي تضم نسبًا عالية من السكان المسلمين.
وشهدت الانتخابات خسارة عدد من مرشحي حزب العمال، بينهم خالد محمود في برمنغهام بيري بار، الذي كان النائب المسلم الوحيد خلال حرب العراق عام 2003م.
وشهد نواب آخرون من حزب العمال انخفاضًا كبيرًا في نسب التصويت، لكن أولئك الذين اتخذوا مواقف مؤيدة لغزة، مثل جيس فيليبس، وعمران حسين، شهدوا انخفاضات أقل.
وكشف بحث حديث أُجرِي خلال الـ36 ساعة الماضية أنه في الدوائر الـ21 التي يشكل فيها المسلمون أكثر من 30% من السكان، انخفضت حصة حزب العمال بمقدار 29 نقطة مئويّة، من متوسط 65% في عام 2019 إلى 36% في عام 2024م، وتراجعت نسبة المشاركة الانتخابية كثيرًا عن المتوسط، بانخفاض قدره 11.2 نقطة مئويّة في هذه الدوائر، ما يشير إلى أن بعض الناخبين المسلمين امتنعوا عن التصويت، في حين صوت آخرون لمرشحين آخرين.
وبسبب ذلك، انخفض إجمالي أصوات حزب العمال في هذه الدوائر من أكثر من 600 ألف صوت في عام 2019 إلى أقل بقليل من 300 ألف صوت في عام 2024م؛ ما يمثل أكثر من نصف إجمالي الانخفاض الوطني في أصوات حزب العمال بين الدورتين الانتخابيتين (إذ خسر الحزب 537688 صوتًا مقارنة بعام 2019م).
وفي انتخابات الأخيرة، تمكن حزب العمال البريطاني من الفوز بـ412 مقعداً من مجلس العموم (الغرفة الثانية للبرلمان) المكون من 650 مقعدًا، في إنجاز وُصف بأنه أكبر تحول لأي حزب في المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويؤكد موقع «إسلام ميرور»، في 9 يوليو، أن نتائج الانتخابات العامة الأخيرة في بريطانيا حملت أخبارًا جيدة للمسلمين في البلاد، بتحقيقهم إنجازًا تاريخيًّا بارتفاع عدد المقاعد التي يشغلها نواب مسلمون في البرلمان إلى 25 مقعدًا، أورد أسماءهم بالتفصيل، وأنه كان للمسلمين في بريطانيا، الذين يبلغ عددهم الإجمالي نحو 4 ملايين نسمة، دور محوري في هذه النتائج الانتخابية، وكان تأثير المسلمين واضحًا على نتائج الانتخابات ليس بفوز المستقلين الداعمين لفلسطين فقط، ولكن أيضاً من دعمهم المسلمين من غير المسلمين الداعمين لغزة.
فقد حصلت أنجيلا أرجينزيو من حزب الخضر، التي أيدتها منظمة «التصويت الإسلامي»، على 8283 صوتًا، وجاءت مرشحة حزب المحافظين لوسي ستيفنسون في المركز الثالث بحصولها على 3339 صوتًا.
وكان استطلاع قامت به شركة «سافانتا» لصالح موقع «هايفن» الذي يرصد أخبار المسلمين، قد أظهر أن 44% من الناخبين المسلمين اعتبروا دعم غزة أحد 5 شروط سيختارون المرشحين على أساسها.
وسيطر العديد من المرشحين المسلمين المؤيدين لفلسطين على معاقل حزب العمال السابقة، حيث فاز شوكت آدم في ليستر ساوث، وإقبال محمد في ديوزبيري وباتلي، وعدنان حسين في بلاكبيرن، وأيوب خان في برمنغهام بيري بار، بمقاعدهم كمرشحين مستقلين.
وكان الناخبون المسلمون ودعمهم لغزة سبباً في فوز 5 مرشحين مستقلين على حزب العمال، وكان 4 من هؤلاء مسلمين يترشحون للمرة الأولى، بمن في ذلك إقبال محمد، الذي انشق عن حزب العمال بسبب موقف الحزب من الصراع.
وهزم الصيدلي صادق الحسن مرشح حزب المحافظين ليام فوكس في شمال سومرست، في فوز تاريخي أنهى ولاية فوكس التي استمرت 32 عامًا وبحصوله على 19138 صوتًا، أصبح الحسن أول نائب عن حزب العمال في المنطقة.
وفاز زبير أحمد، وهو مرشح مسلم آخر لأول مرة، بمقعد حزب العمال في جنوب غرب غلاسكو.
لكن على الرغم من هذا التراجع الكبير، فاز حزب العمال في المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة العالية، حيث احتفظ بـ 17 من أصل 21 دائرة انتخابية.
وتمثلت العقبة الكبرى للحزب أمام المرشحين المستقلين الذين حققوا نجاحًا في دوائر مثل برمنغهام بيري بار، وبلاكبيرن، وديوسبري وباتلي، وليستر ساوث.
حملة «الصوت المسلم»
كان أهم من ترتب على فوز المسلمين بهذه المقاعد الكثيرة خاصة المستقلين وبعضهم نزل الانتخابات لأول مرة، هو سعي المسلمين للاستفادة من نجاحهم في أول اختبار لقوتهم.
فقد دعت حملة «الصوت المسلم»، التي نجحت في توحيد صوت المسلمين وتوجيهه لصالح غزة، إلى تشكيل تحالف موحد يجمع المرشحين المستقلين والأحزاب اليسارية، مثل جماعة حزب الخضر للمنافسة في الانتخابات المقبلة.
وظهرت حملة «الصوت المسلم» على الساحة السياسية في بريطانيا بعد بدء العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة اعتراضًا على مواقف قيادة حزب العمال الداعمة للعدوان «الإسرائيلي»، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 39 ألف فلسطيني.
ودعت الحملة إلى تشكيل «تحالف موحد» يجمع المرشحين المستقلين مع حزب الخضر وأحزاب يسارية، للمنافسة في الانتخابات المقبلة بائتلاف موحد جديد.
وفي دعوتها لتشكيل هذا التحالف، قالت «حملة الصوت المسلم»: إن مرشحين من حزب الخضر أثرت أصواتهم على خسارة مرشحين من جانب «الصوت المسلم» ولو كان هناك تحالف بينهم لفاز هذا التحالف، مؤكدة أن عدد السكان المسلمين في 22 من 40 دائرة انتخابية نزل فيها حزب الخضر يشكل أكثر من 10% من السكان؛ ما يعني أن المسلمين كان يمكنهم تقديم دعم لحزب الخضر يجعله يفوز بعدد أكبر من النواب وهو ما تسعى له الحركة الإسلامية في الانتخابات المقبلة.