يدرك الاحتلال الصهيوني تماماً أن العلم سلاح الفلسطينيين الأقوى، وأنه يحلِّق بالفلسطينيين عبر عوالم وفضاءات الوعي بقضيتهم، شن حربه على المنظومة التعليمية فقد قتل العلماء وأساتذة الجامعات، وخبراء التكنولوجيا، قتل طلاب العلم ووأد أحلامهم، هدم المدارس والمساجد دمر المراكز الثقافية حوَّل المكاتب العامة ورفوفها إلى ركام ورماد، هذا ما فعله جيش الاحتلال الصهيوني منذ السابع من أكتوبر 2023م.
دمار شامل
كشفت المصادر الفلسطينية أن العدوان دمر 440 مدرسة وجامعة؛ أبرزها «الجامعة الإسلامية» و«الأزهر» و«الأقصى» و«فلسطين».
وحوَّل الاحتلال عدداً من الجامعات إلى ثكنات عسكرية ومراكز تنكيل بالمدنيين مثلما حدث في جامعة «الإسراء» جنوب مدينة غزة، حيث وثقت قوات الاحتلال عملية نسفها بعد 70 يوماً من تحويلها لثكنة عسكرية ومركز اعتقال مؤقت.
ضحايا التعليم
ولم تقتصر هذه الحرب على تدمير المباني فحسب، بل امتدت لتطال العلماء والمفكرين والمعلمين وطلاب العلم؛ فقد قتل الاحتلال أكثر من 9 آلاف طالب، واغتال 100 عالم وأكاديمي وأستاذ جامعي، من بينهم 17 يحملون درجة الأستاذية كرئيس الجامعة الإسلامية عالم الفيزياء د. سفيان تايه الذي استشهد مع أسرته إثر غارة صهيونية استهدفت منطقة الفالوجا في جباليا شمال القطاع، هذا بالإضافة إلى 59 يحملون درجة الدكتوراة، و18 آخرين حاصلين على الماجستير.
لكن بحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن هذه الحصيلة غير نهائية؛ إذ هناك تقديرات بوجود أعداد أخرى من الأكاديميين المستهدفين لم يتم حصرهم نتيجة لظروف الحرب.
الخسائر المالية
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تجاوزت خسائر قطاع التعليم في غزة 720 مليون دولار حتى فبراير الماضي، في حين يقدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الخسائر المادية التي لحقت بالجامعات فقط جراء التدمير تفوق 200 مليون دولار.
ولم تكن الجامعات ضمن أهداف الاحتلال خلال عدوانه الأخير على غزة إذ طاولها القصف خلال الحروب السابقة.
وكانت ضمن أهم الأهداف في عدوان 2008 – 2009م، إذ بدأ جيش الاحتلال بقصف الجامعات، ودمر مبنى المختبرات المركزي في الجامعة الإسلامية، وألحق دماراً كبيراً بعدد من مباني 5 جامعات.
وفي عدوان عام 2012م، ألحق قصف الاحتلال أضراراً بجامعتين، وفي عدوان عام 2014م، الذي استمر لمدة 51 يوماً، ألحق القصف أضراراً بالغة بمباني 6 جامعات غزية، بينما في عدوان عام 2021م، ألحق أضراراً بـ3 جامعات ومعهد للتعليم العالي.
مستقبل مجهول
مع دخول العدوان شهره العاشر، يبقى مصير التعليم في غزة معلقاً إلى أجل غير مسمى، ليطيح الاحتلال الغاشم بأحلام الطلبة وطموحاتهم، فهل يمكن إنقاذ العملية التعليمية في غزة؟
يقول الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور: إنه في ظل استمرار العدوان «الإسرائيلي» والاستهداف المتعمد للمدارس التي تحولت لمراكز إيواء للنازحين، فإن أي حديث عن استئناف التعليم الوجاهي يعتبر ضرباً من المستحيل.
أما فيما يتعلق بالتعليم الإلكتروني، فيشير الخضور إلى أن هذا الخيار يبدو صعباً أيضاً، في ظل انقطاع الكهرباء وعدم توفر الإنترنت في غالبية مناطق غزة، وتحوله لكماليات في ظل النقص الحاد في الغذاء والماء.
ويتحدث الخضور لوكالة «سند» للأنباء عن البدائل الممكنة للإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المسيرة التعليمة.
ويوضح: هناك أكثر من 11 ألف طالب مدرسي التحقوا بالتعليم عند بُعد من خلال ربطهم بمدارس في الضفة، وفي الفترة القادمة ومع انطلاق العام الدراسي الجديد، سيلتحق 4 آلف طالب جدد، وهؤلاء يلتقون تعليمهم من خلال معلمين متطوعين.