أحد أبرز قيادات الإخوان المسلمين في العراق، تتلمذ على يد الكثير من علماء بغداد ومنهم الشيخ أمجد الزهاوي، والشيخ العلامة محمد القزلجي، وهاجر بعد حرب الخليج الثانية إلى أوروبا، ويعتبر الراشد من أهم منظري ومؤلفي الحركة الإسلامية.
ولقد رأيته في مسجد القطان بحولي، وقد تحلق حوله شباب المسجد، وقد كنت أسأله وأستفيد منه، وكنت أراه في جمعية الإصلاح الاجتماعي، وفي أيام الغزو العراقي -لا أعادها الله- كنت أراه في جمعية الإصلاح الاجتماعي في دبي، فقد كان عالماً شرعياً تجلس معه قليلاً فتستفيد منه كثيراً!
وكنا نتلقف كتبه التي صدرت في الكويت ونقرؤها، بل ونتدارسها، وكانت له مقالات في مجلة «المجتمع» بعنوان «الجندية طريق القيادة».
تعلمنا منه في كتاب «المنطلق»:
1- نرفض الأهواء: «إياكم وكل هوى يسمى بغير الإسلام»؛ صرخة تحذير صرخها المحدث الثقة ميمون بن مهران لينبهنا إلى أن كل ما هو غير الإسلام لا يعدو أن يكون هوى من الأهواء.
2- كسوف لا غروب: يرفض الداعية أن ينصاع لمخططات الكيد اليهودي، ورغم الفساد فإن الداعية المسلم لن يتخلى عن محاولة انتشال العباد.
3- الأبرار الهالكون: أيها الأبرار الصالحون، أيها الزهاد العابدون، أمامكم خطر القانون الرباني الرهيب إن تخارستم، لا يغرنكم زهدكم وصلاتكم، انطقوا بالحق، وانهوا عن المنكر وإلا فهو الهلاك.
وتعلمنا منه من كتاب «العوائق»:
– الحر من راعى وداد لحظة، أو انتمى لمن أفاده لفظة.
– ورأس هذه الشرور في مشاهدات الفضيل ارتفاع الأخوة.
يقول: إذا ظهرت الغيبة ارتفعت الأخوة في الله، وكما وصف الفضيل بعضها، كشف الرجل الصالح أبو بكر الحكيم الوراق بعضاً آخر منها، فقال: إذا غلب الهوى أظلم القلب، وإذا أظلم القلب ضاق الصدر، وإذا ضاق الصدر ساء الخلق، وإذا ساء الخلق أبغضه الخلق.
ثم يبين الراشد لشباب الإسلام سهام الشيطان فيقول: هي سلاسل مقيدة موثقة، كما أنها سلاسل متتابعة متوالدة، تلك العيوب الثالمة الثالبة، تشل صاحبها عن حيوية في الخير وحراك، وتشده إلى أرض الجمود، لها تزين وتزيين، ولها لسان طويل وترهيب، لكنها جبانة عند لقاء المؤمن، تخاف انتباهه.
وتعلمنا من كتاب «الرقائق»:
من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب ثماني خصال: آية محكمة، وأخاً مستفاداً، وعلماً مستطرفاً، ورحمة منتظرة، وكلمة تدله على هدى، أو تردعه عن ردى، وترك الذنوب حياء، أو خشية؛ فالمسجد هو في حقيقته موضع الفكرة الواحدة الطاهرة المصححة لكل ما يزيغ به الاجتماع، هو فكر واحد لكل الرؤوس، ومن ثم فهو حل واحد لكل المشكلات، وكما يشق النهر فتقف الأرض عند شاطئيه لا تتقدم، يقام المسجد فتقف الأرض بمعانيها الترابية خلف جدرانه لا تدخله.
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا «الله أكبر» في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعت لله في أدب قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم: ربنا جئناك طائعة نفوسنا، وعصينا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه وأعينهم من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهم لعب عن الصلاة، ولا أكذوبة الكسل
وتعلمنا من كتاب «صناعة الحياة»:
أ- بركة العلم الشرعي وأثره الثقيل:
1- العالم الشرعي من صناع الحياة: إذا تجرد وتعب في تربية نفسه وأطال السهر وحنى الظهر.
2- رواد الفكر الإسلامي من صناع الحياة: بالتعريف بالإسلام وخصائصه.
3- الوعاظ من صناع الحياة: ومهمتهم الضرب على الوتر العاطفي وتحريك المشاعر وإنهاض الهمم وتناول حديث الجنة والنار.
إن نظرية صناعة الحياة في خلاصتها تنبيه لضرورة إمساك الدعاة بمصادر القوة العلمية والمحركات العاطفية والجاذبية الجمالية والتسهيلات المالية، إنها نظرية القدوات، والنقاط الجامعة، والبؤر اللامعة.
لا بد أن ننزل إلى ميدان الصناعة والزراعة والعقار والاستيراد والتصدير، وبخاصة في البلاد الحرة التي لا ينال أموالنا فيها ظلم، وفي العالم الفسيح متسع للاستثمار.
كن حمالاً في السوق، لكن قرر مع أول خطوة لك أن تصير تاجراً أو عقارياً أو مدير شركة، فستصير وتصل بإذن الله، المهم تصميمك وألا تستطيب جلسة الوظيفة الحكومية.
قرر قبول الجوع سنة تأكل الخبز بالخل، هذا هو المهم، إذ ستأتيك الأموال من بعد.
ومن مؤلفات محمد الراشد: «صولة الأصالة»، «المسار»، «صراطنا المستقيم»، «مناغاة الإلكترون»، «العمارة الدعوية»، «منهجية التربية الدعوية»، «بوارق العراق»، «بعض رسائل العين»، «مواعظ داعية»، «آفاق الجمال»، «موسوعة الدعوة والجهاد»، «عودة الفجر»، «صحوة العراق»، «دفاع عن أبي هريرة».
لقد امتلأت منصات ومواقع التواصل عن مؤلفات محمد أحمد الراشد شرحاً وتفصيلاً وثناء؛ فقد استخرج لنا فقه الدعوة من الكتاب ومن سُنة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مستنبطاً فقه الدعوة وأصولها وموازينها من أقوال العلماء الأجلاء الثقات، مدعماً أقوالهم بأدب أهل اللغة والشعر والبيان!
فجزاه الله خيراً وفيراً، وأكرمه بالثبات وحسن الختام، وجزاه على صبره وتحمله جنة وأنهاراً وحريراً، وأقعده مقعد صدق، وجزاه قدم صدق فهو سبحانه ذو الجلال والإكرام.
والحمد لله رب العالمين.