كان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية الذي استشهد إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران الوجه الأبرز على صعيد الدبلوماسية الدولية للحركة الفلسطينية، مع احتدام الحرب في غزة حيث استشهد 3 من أبنائه في غارة جوية «إسرائيلية».
وبعدما تقلد منصب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، في عام 2017م، كان يتنقل بين تركيا والعاصمة القطرية الدوحة هرباً من قيود السفر المفروضة على قطاع غزة المحاصر، وهو ما ساعده على التفاوض في محادثات وقف إطلاق النار غير المباشرة الجارية بين «حماس» و«إسرائيل» بوساطة أمريكية قطرية مصرية.
وقال هنية، في تصريحات لقناة «الجزيرة» بعد فترة وجيزة من عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها «حماس» ضد «إسرائيل»، في 7 أكتوبر 2023م: «نقول لكل الدول بما فيها الأشقاء العرب.. هذا الكيان لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام هؤلاء المقاتلين، لا يقدر أن يوفر لكم أمنا ولا حماية، وكل التطبيع والاعتراف بهذا الكيان لا يمكن أن يحسم هذا الصراع».
وردَّت «إسرائيل» على الهجوم بشن حملة عسكرية أدت حسبما أعلنت السلطات الصحية في غزة إلى استشهاد أكثر من 39 ألفاً و400 فلسطيني داخل القطاع حتى الآن.
استشهاد 3 من أبناء هنية في غارة جوية
في 10 أبريل الماضي، أعلنت «حماس» استشهاد 3 من أبناء هنية، وهم حازم، وأمير، ومحمد، عندما استهدفت غارة جوية «إسرائيلية» السيارة التي كانوا يستقلونها: وقالت «حماس»: إن هنية فقد أيضاً 4 من أحفاده؛ 3 فتيات وفتى، في الغارة.
ونفى هنية تأكيدات «إسرائيلية» بأن أولاده كانوا يقاتلون في صفوف الحركة، وقال: مصالح شعبنا الفلسطيني مقدمة على أي شيء، وأبناؤنا وأولادنا هم جزء من هذا الشعب، وذلك عند سؤاله عما إذا كان استشهاد أولاده وأحفاده سيؤثر على محادثات الهدنة.
وعلى الرغم من اللهجة الصارمة التي يستخدمها في تصريحاته، فإن الدبلوماسيين والمسؤولين العرب يعتبرونه براغماتيًا نسبياً.
وتوعد هنية جنود الجيش «الإسرائيلي» بأنهم سيجدون أنفسهم «غرقوا في رمال غزة»، لكنه قام هو وسلفه خالد مشعل بجولات مكوكية في المنطقة لإجراء محادثات بغية التوصل لاتفاق مع «إسرائيل» يفضي إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين مقابل الإفراج عن فلسطينيين محتجزين في السجون «الإسرائيلية»، فضلاً عن إدخال مزيد من المساعدات لغزة.
دبلوماسية مكوكية
عندما غادر هنية غزة في عام 2017م، خلفه يحيى السنوار الذي قضى أكثر من عقدين في السجون «الإسرائيلية»، والذي رحب به هنية مجدداً في غزة عام 2011م بعد عملية لتبادل الأسرى.
وقال المتخصص في الشؤون الفلسطينية بجامعة قطر أديب زيادة: إن هنية يقود المعركة السياسية لـ«حماس» مع الحكومات العربية، مضيفاً أن هنية يرتبط بعلاقات وثيقة مع شخصيات بارزة في الحركة والجناح العسكري، وتابع: إنه الواجهة السياسية والدبلوماسية لـ«حماس».
والتقى هنية، ومشعل بمسؤولين في مصر، التي تتوسط أيضاً في محادثات وقف إطلاق النار، وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن هنية سافر في أوائل نوفمبر 2023 إلى طهران للقاء الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.
وقال 3 مسؤولين كبار لـ«رويترز»: إن خامنئي أبلغ هنية خلال الاجتماع بأن إيران لن تدخل الحرب لأنها لم تعلم بأمرها مسبقاً، ولم ترد «حماس» على طلبات للتعليق قبل أن تنشر «رويترز» التقرير، ثم أصدرت نفياً بعد نشره.
وفي مرحلة الشباب، كان هنية ناشطاً طلابياً في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، وانضم إلى «حماس» عندما تأسست خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م، وتعرض هنية للاعتقال والترحيل لفترة وجيزة.
وأصبح هنية أحد تلامذة الشيخ أحمد ياسين، مؤسس «حماس»، الذي كان أيضاً لاجئا مثل عائلة هنية من قرية الجورة القريبة من عسقلان، وفي عام 1994م قال لـ«رويترز»: إن الشيخ ياسين كان نموذجاً يحتذى به بالنسبة للشباب الفلسطيني وإنه تعلّم منه حب الإسلام والتضحية من أجله وعدم الركوع للطغاة والمستبدين.
وبحلول عام 2003م، أصبح هنية أحد المساعدين الذين يثق بهم ياسين، والتُقطت صورة له في منزل الشيخ في غزة وهو يحمل هاتفاً بجانب أذن مؤسس الحركة الذي كان مصاباً بشلل شبه كامل حتى يتمكن من المشاركة في حديث، واغتالت «إسرائيل» ياسين عام 2004.
وكان هنية من أوائل المدافعين عن دخول «حماس» معترك السياسة، وفي عام 1994م قال: إن تشكيل حزب سياسي سيمكن الحركة من التعامل مع التطورات الناشئة.
ورفض قادة «حماس» الدخول في ميدان السياسة في البداية، ثم وافقوا عليه لاحقاً وأصبح هنية رئيساً للوزراء بعد فوز الحركة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006م، وذلك بعد عام من انسحاب الجيش «الإسرائيلي» من غزة.
وسيطرت الحركة على غزة عام 2007م.
وعندما سأله صحفيون من «رويترز»، في عام 2012م، عما إذا كانت «حماس» قد تخلت عن النضال المسلح، أجاب هنية بالنفي القاطع، وقال: إن المقاومة ستستمر بجميع أشكالها؛ الشعبية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية.
__________________
المصدر: «رويترز».