مع استمرار العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة للشهر التاسع، تزداد الصعوبات في توصيل المساعدات بسبب الحدود المغلقة والتحديات التي تواجهها المنظمات الإنسانية، أذكر مكالمة تلقاها أحد رؤساء المنظمات الإنسانية في واشنطن د. عبدالكريم أيوب، حيث صرّح لأحد المتبرعين بأنه رغم التحالف مع كبرى الجهات الرسمية والأممية، لا يمكنه ضمان وصول المساعدات في الوقت المناسب بسبب الأخطار والتطورات المستمرة، بما في ذلك التضييق على المعابر.
أعجبتني شفافية رئيس منظمة «UMR» تلك مع المتبرعين، ولكن التحديات التي أثارها تعكس حجم الصعوبات والقلق الذي يساور الكثير من الجهات الإغاثية، عندما تعجز منظمات إنسانية كبرى عن ضمان وصول المساعدات، فإننا أمام حالة غير مسبوقة من العجز وفقدان الثقة في النظام الدولي الإنساني؛ فالحدود المغلقة، والقيود المفروضة من سلطات الاحتلال شلت أعمال الجهات الإنسانية، وجعلت من الصعب توفير المساعدة الملحة إلا بإذن الاحتلال أو إلقائها من الجو بالطائرات!
أكرر ما أطلقته منظمة «أكسفام» في أحد تقاريرها: «وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد الفعّال»، فالقصف المستمر يجعل من المستحيل توزيع المساعدات حتى لو تم إعلان ممرات إنسانية، يجب أن نقيم عملية مساعدات واسعة في سياق آمن وسلمي يلبي احتياجات كل سكان غزة، بمن في ذلك النساء والفئات الضعيفة، وقف العنف بشكل دائم سيكون مقدمة ضرورية لمحادثات السلام ومعالجة جذور الصراع، القنابل تتساقط باستمرار على غزة؛ مما يشكل مصدر قلق كبير للمدنيين والإنسانيين، لقد فقدت «الأونروا» أكثر من 70 من موظفيها في الأسابيع الثلاثة الماضية، والأثر على المنظمات المحلية في غزة كبير.
حتى إذا عبرت المزيد من الشاحنات إلى غزة، فإن القصف المستمر يعيق تسليم المساعدات، الطرق مدمرة، لا توجد مستودعات كافية، والوقود غير موجود، يجب على قادة العالم تأمين وقف إطلاق النار لتسليم المساعدات بشكل آمن، وإلا سنعرض الوكالات الإنسانية والمدنيين لخطر أكبر.
بعد الاستماع لمئات الكلمات الناقدة للأوضاع الإنسانية في غزة من داخل مبنى الأمم المتحدة وقرارات ومطالبات لوقف إطلاق النار دون استجابة، أصبحت أحياناً أفكر في رفع صوتنا بشكل أكثر صدمة، من خلال حث المتبرعين على عدم التبرع لغزة نظراً لعدم القدرة على توصيل المساعدات بفعالية، يجب أن تطلق المنظمات الإغاثية حملة تعكس الحالة المتردية، ونقول: «نتوقف عن استقبال التبرعات والمخاطرة في إرسال المساعدات حتى إيقاف إطلاق النار»!
إن عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار يضعف الثقة في القانون الدولي، وأيضاً الثقة بالنظام الإنساني الدولي وفعالية العمليات الإنسانية.