في السابع من أكتوبر 2023م، شهدت المنطقة العربية فصلاً جديدًا من الصراع الفلسطيني-«الإسرائيلي»، عندما اندلعت حرب شاملة بين المقاومة الفلسطينية و«إسرائيل»، جاءت هذه الحرب كنتيجة حتمية لعقود من الاحتلال والقمع «الإسرائيلي» المستمر ضد الشعب الفلسطيني.
فقد شنت حركة «حماس»، التي تُعَدّ واحدة من قوى المقاومة الرئيسة في قطاع غزة، عملية عسكرية واسعة النطاق أطلقت عليها اسم «طوفان الأقصى»، جاءت هذه العملية كرد فعل على سلسلة من الانتهاكات «الإسرائيلية» المتزايدة، بدءًا من الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى مرورًا بتوسيع الاستيطان والاعتقالات العشوائية في الضفة الغربية.
وتحت قيادة غرفة العمليات المشتركة، التي تضم فصائل المقاومة الفلسطينية المختلفة مثل «حماس»، والجهاد الإسلامي، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكل حركات المقاومة الفلسطينية، تم التخطيط لهذه العملية بعناية.
غرفة العمليات المشتركة ليست مجرد تحالف عسكري، بل رمز للوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة العدو المشترك.. إن توحيد الجهود العسكرية والسياسية للفصائل الفلسطينية يعكس رغبة الشعب الفلسطيني في المقاومة والتحرر من الاحتلال «الإسرائيلي»، الذي يمثل أكبر قوة استعمارية في العصر الحديث.
بدأت العملية العسكرية بإطلاق مكثف للصواريخ على مدن ومستوطنات «إسرائيلية»، مما أربك الاحتلال وزرع الرعب في صفوفه، لم يكن الهدف من هذه الصواريخ مجرد إحداث أضرار مادية، بل كان رسالة واضحة أن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتهاكات الاحتلال، وتبع هذا الهجوم الصاروخي اجتياز مقاتلي المقاومة لغلاف غزة (الأراضي المحتلة لعام 1967م)، حيث اشتبكوا مع قوات الاحتلال «الإسرائيلي» وواجهوا آلة الحرب الصهيونية بكل شجاعة وإصرار.
هذه العملية غير المسبوقة من حيث الحجم والنطاق دفعت «إسرائيل» إلى رد فعل عنيف، شنت طائرات الاحتلال غارات جوية مكثفة على قطاع غزة، مستهدفة البنية التحتية المدنية والمنازل السكنية، في محاولة لإضعاف المقاومة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني.. ولكن، وكما هي العادة، لم تفرق القنابل «الإسرائيلية» بين مقاوم ومدني، بل سقط الآلاف من الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال، هذا العنف الممنهج يكشف عن الطبيعة العدوانية للنظام «الإسرائيلي»، الذي يعتمد على القمع والإرهاب للحفاظ على احتلاله.
مع استمرار العدوان، واصلت غرفة العمليات المشتركة التنسيق بين الفصائل للرد على الهجمات «الإسرائيلية».
الفصائل الفلسطينية، على اختلاف توجهاتها السياسية، أثبتت أن الوحدة في المقاومة هي السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال، هذه الوحدة لم تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل امتدت إلى الجانب الشعبي والسياسي، حيث شهدت مدن الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948م احتجاجات ومواجهات مع قوات الاحتلال تضامنًا مع غزة.
وعلى المستوى الدولي، أثارت هذه الحرب موجة من الغضب والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وخرجت مظاهرات حاشدة في العديد من العواصم العربية والعالمية تنديدًا بالعدوان «الإسرائيلي» ودعمًا للمقاومة الفلسطينية، كما ازدادت الدعوات إلى مقاطعة «إسرائيل» وفرض عقوبات عليها، في محاولة للضغط لوقف عدوانها وإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية.
ولكن وسط هذه المعاناة، يبقى السؤال الملح: إلى متى سيستمر هذا الصراع؟ الإجابة تكمن في إزالة أسباب الصراع، التي تتمثل في الاحتلال «الإسرائيلي» وسياساته العنصرية والاستعمارية.
السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وعودة الحقوق إلى أصحابها، وحتى ذلك الحين، سيظل الشعب الفلسطيني مصممًا على مواصلة نضاله، مدعومًا بأشقائه العرب وأحرار العالم، لتحقيق الحرية والكرامة واستعادة أرضه المغتصبة.
إن هذه الحرب، على الرغم من قسوتها ودمويتها، أثبتت مرة أخرى أن المقاومة الخيار الوحيد المتبقي للشعب الفلسطيني في ظل تعنت الاحتلال ورفضه لأي حلول عادلة، كما أن الوحدة الفلسطينية، التي تجسدت في غرفة العمليات المشتركة، هي السلاح الأقوى في مواجهة الاحتلال وتحرير الأرض والإنسان.
__________________________
(*) صحفي فلسطيني – نابلس – فلسطين.