عُرفت الكويت منذ تأسيسها في مطلع القرن السابع عشر، وبالتحديد في عام 1613م بأعمالها الخيرية ومبادراتها الإنسانية ومساهماتها التطوعية، داخل البلاد وخارجها، واستمرت الكويت بهذه الصفات إلى يومنا هذا، وأدت دولة الكويت دوراً كبيراً في دعم العمل الإنساني تجاه شعبها والمقيمين على أرضها منذ القدم، سواء بالقيام بتقديم خدماتها من خلال مؤسساتها الرسمية، أو مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
كما أدت دوراً حيوياً تجاه دول وشعوب العالم من خلال المساهمة في تنمية هذه الدول، بدعمها المستمر لها في شتى المجالات الحياتية، وتقديم الدعم للشعوب التي تعاني الفقر والجوع والمرض ومواجهة الكوارث الطبيعية والحروب، فأنشأت لذلك العديد من الجهات التي تقوم بهذا الدور، منها هيئة الجنوب والخليج العربي والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، فقدمت الدولة المنح والقروض والهبات التي ساعدت دول العالم المختلفة في استكمال عمليات تنمية مجتمعاتها.
بلغت مساعدات دولة الكويت المقدمة لدول العالم، وفق الإحصاءات في الفترة من عام 1990 وحتى عام 2014م، ما جملته أكثر من 42 مليار دولار، من ضمنها نحو 8.5 مليارات دولار كقروض ومـــنح ومعونات، عبر القنوات الحكومية.
مساعدات الكويت لدول العالم في الفترة من عام 1990 وحتى 2014م بلغت أكثر من 42 مليار دولار
وبعد المسيرة الرائدة للكويت في العمل الإنساني والتنموي وتحقيق السلام، فقد صدر تقرير عن منظمة «مبادرات التنمية العالمية» في بريطانيا عام 2014م، يُفيد بحصول الكويت على المرتبة الأولى خليجياً وعالمياً من 20 دولة، في تقديم المساعدات نسبة إلى الدخل القومي، وجاءت الكويت أكثر الدول سخاءً، وها هي الكويت اليوم تُعبر عن منهجها في العطاء الإنساني والتطوعي، من خلال تضمين العمل الخيري والإنساني في خطتها الإستراتيجية لرؤية الكويت «كويت جديدة 2035»، متخذة العمل الإنساني إحدى أبرز سياساتها وأهدافها وخططها.
مبادرة إلغاء فوائد الديون
دأبت الكويت على مساعدة أشقائها من دول العالم، ومن مبادرات الكويت الإنسانية ما أعلنه أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 22 سبتمبر 1988م، بمبادرة إلغاء فوائد الديون المستحقة على الدول الفقيرة.
مركز عالمي للإنسانية
في 9 سبتمبر 2014م، قامت منظمة الأمم المتحدة باختيار الكويت «مركزاً عالمياً للعمل الإنساني»؛ تقديراً لجهودها الإنسانية والخيرية والتنموية، الذي تبين بشكل بارز في مؤتمرات المانحين للشعب السوري، الذي يعاني أبناؤه بسبب الحرب الدائرة فيه، فقد استضافت الكويت 3 مؤتمرات، على أرضها في الأعوام 2013، و2014، و2015م، كما شاركت في المؤتمر الرابع الذي عُقد في بريطانيا عام 2016م.
كما منحت الأمم المتحدة سمو أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، لقب «قائد الإنسانية»؛ لجهوده الكبيرة في إقامة مؤتمرات المانحين ومساعدة الدول والشعوب المنكوبة، ومن هذه المؤتمرات مؤتمر إغاثة أطفال غزة، ومؤتمر دعم إعمار العراق.
الأمم المتحدة تختار الكويت «مركزاً عالمياً للعمل الإنساني» تقديراً لجهودها الخيرية والتنموية
وقامت الكويت منذ سنوات عديدة من خلال الصناديق والمؤسسات الكويتية المانحة الحكومية والأهلية بتقديم المساعدات والمنح، منها الصندوق الكويتي للتنمية الذي تأسس في مطلع الستينيات الذي بلغت قروضه الميسرة 13 مليار دولار، وبلغت ما يقارب 1000 قرض، استفادت منها أكثر من 100 دولة.
واستمرت الكويت في تقديم مساعداتها وعطاءاتها للدول والشعوب والمنظمات الإنسانية من أجل استقرار الإنسان وسلامته، فقد تبرعت الكويت بالعديد من المساعدات، مثل: تقديم الكويت عام 2007م مبلغ 300 مليون دولار لدعم القضية الفلسطينية في مؤتمر المانحين في باريس.
وأسست الكويت صندوق دعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي بملياري دولار خلال مؤتمر القمة الاقتصادية العربية الأولى، في 20 يناير 2009م، الذي ساهمت الكويت فيه بـ500 مليون دولار، وصندوق التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي خلال ترؤس الكويت للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة في بيروت عام 2019م بقيمة 200 مليون دولار ساهمت الكويت فيه بـ50 مليون دولار، وأعلنت عن مسابقة عبدالرحمن السميط لتنمية قارة أفريقيا.
وتبرعت الكويت في مارس 2019م بــ300 مليون دولار أمريكي على مدى 3 سنوات لرفع معاناة الشعب السوري، حيث بلغت تبرعات الكويت للشعب السوري حتى مارس 2019م مبلغ 1.6 مليار دولار.
كل هذه الإنجازات الإنسانية حققتها الكويت وتوّجت جهودها الخيرية، لتستمر الكويت محط أنظار العالم بأفعالها الإنسانية وبصماتها الخيرية التي ملأت شتى بقاع الأرض، لتبقى شاهدة على حب الكويت للعمل الخيري وتجذره في نفوس قيادتها وشعبها.
مؤتمرات المانحين
أقامت دولة الكويت عدة مؤتمرات للمانحين، لمساعدة الدول والشعوب المتضررة، وهي كما يلي:
– مؤتمر مانحين لشرق السودان في الكويت عام 2010م: شهد مشاركة 42 دولة بتعهدات مالية ومساهمات بقيمة 3.5 مليارات دولار، وحضرته 30 منظمة إقليمية ودولية و78 منظمة مجتمع مدني و84 شركة، وساهمت الكويت فيه بمبلغ 500 مليون دولار.
دولة الكويت أقامت العديد من المؤتمرات الدولية للمانحين لمساعدة الدول والشعوب المتضررة
– مؤتمر المانحين الأول لدعم الشعب السوري في الكويت عام 2013م: شاركت فيه 59 دولة بتعهدات بلغت 1.6 مليار دولار، وقدمت الكويت من خلاله 300 مليون دولار، وحضر المؤتمر 13 منظمة دولية إنسانية تعهدت بـ194 مليون دولار.
– مؤتمر المانحين الثاني لدعم الشعب السوري في الكويت عام 2014م: شاركت فيه 69 دولة و24 منظمة إنسانية بلغت فيه تعهدات الدول 6 مليارات دولار، وقدمت الكويت فيه 500 مليون دولار، وتعهدت المنظمات الدولية بـ183 مليون دولار.
– مؤتمر المانحين لإعادة إعمار غزة بالقاهرة عام 2014م: وشاركت في هذا المؤتمر 50 دولة تعهدت بتقديم 5.7 مليارات دولار لمساعدة غزة بعد العدوان الصهيوني عليها، وقدمت الكويت مبلغ 200 مليون دولار، وجهتها لإعادة إعمار غزة في القطاعات السكانية والصناعية والتنموية.
– مؤتمر المانحين الثالث لدعم الشعب السوري في الكويت عام 2015م: وشاركت فيه 79 دولة و40 منظمة إنسانية بتعهدات بلغت 8.4 مليارات دولار، وتبرعت الكويت بـ500 مليون دولار.
– مؤتمر المانحين الرابع لدعم الشعب السوري في بريطانيا عام 2016م: وشاركت فيه 70 دولة تعهدت بتقديم نحو 9 مليارات دولار، وقامت بريطانيا الدولة المضيفة بدعوة أمير دولة الكويت للرئاسة الشرفية للمؤتمر، وقدمت الكويت في هذا المؤتمر 300 مليون دولار.
– مؤتمر مانحين لدعم التعليم في الصومال في الكويت عام 2017م.
– المؤتمر الدولي حول معاناة الطفل الفلسطيني في ظل انتهاكات الكيان الصهيوني لاتفاقية حقوق الطفل في الكويت عام 2017م.
– مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق في الكويت عام 2018م: شارك في هذا المؤتمر 76 دولة، تعهدت بتقديم 30 مليار دولار، وقدمت الكويت مليار دولار، كما قدمت العديد من المساعدات للدول والشعوب؛ مما أثار إعجاب العالم بتلك المساعدات.
فقد تعهدت الكويت في مؤتمر القمة الإنسانية العالمية في تركيا في مايو 2016م بتقديم مبلغ 5 مليارات دولار خلال السنوات الخمس التالية للمؤتمر لمواجهة الأزمات الإنسانية، لتؤكد الكويت أنها ستستمر في عملها الإنساني لتنمية الدول والشعوب في ظل مسيرة حكام آل الصباح الداعمين للخير والمشجعين له، والشعب الكويتي والمؤسسات الأهلية والقطاع الخاص الداعم لمسيرة العمل الخيري.
عضوية أممية وفعاليات دولية
حظيت الكويت بثقة المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، كما استضافت العديد من الفعاليات الدولية والأممية على أرضها، ومن ذلك:
– ترشيح أعضاء الأمم المتحدة للكويت لفترة ولاية جديدة لتولي عضوية غير دائمة في مجلس الأمن لمدة سنتين بترشيح 188 صوتاً من 193 دولة، لتتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في فبراير 2018م لتعود بعد 40 عاماً من عضويتها غير الدائمة لمجلس الأمن التي كانت في عامي 1978، 1979م، علماً بأن الكويت انضمت إلى الأمم المتحدة رسمياً في عام 1963م.
«مبادرات التنمية العالمية»: الكويت الأولى خليجياً وعالمياً في تقديم المساعدات نسبة إلى الدخل القومي
– استضافة الكويت للمؤتمر الدولي للنزاهة من أجل السلام في يناير 2019م.
– تكريم البنك الدولي لسمو أمير دولة الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، في مقر البنك الدولي لقاء دوره في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية وإحياء السلام على المستويين الإقليمي والدولي.
مساهمات أزمة «كورونا»
فزعت دولة الكويت عام 2020م لمواجهة جائحة «كورونا» (كوفيد-19)، وواجهت الأزمة باقتدار، وقامت الجمعيات الخيرية الكويتية بعمل حملة تبرعات استطاعت جمع 9.169 ملايين دينار (نحو 30 مليون دولار) في يوم واحد، وتم تقديم مساعدات للمتضررين داخل الكويت استفاد منها الكثير من الأسر والعمالة المتضررة، وتم تقديم دعم لوجستي للكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية.
وقامت دولة الكويت بتقديم عدة مساعدات لعدة دول متضررة من جائحة فيروس «كورونا» في العامين 2020 و2021م، منها فلسطين، والصين، وإيران.. إلخ، وتبرعت بمبلغ 60 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية، كما قدمت الجمعيات الخيرية مساعدات للدول المتضررة من فيروس «كورونا».
أول تبرع لحادث مرفأ بيروت
كانت الكويت أول من قدمت تبرعات سخية لجمهورية لبنان إثر حادث الانفجار الكبير الذي حدث في مرفأ بيروت، في 4 أغسطس 2020م، الذي سبب خسائر كثيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية، بعد قيام جمعية الهلال الأحمر الكويتية بتسيير أول المساعدات عبر جسر جوي بمساعدة سلاح القوة الجوية في الجيش الكويتي.
نواف الخير والعطاء
ولإيمان حكام الكويت جميعا بأهمية العمل الخيري والإنساني، فإنه جرت العادة أن يتولى حاكم الكويت منصب الرئيس الفخري لجمعية الهلال الأحمر الكويتية، وحينما تولى سمو أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، في 29 سبتمبر 2020م، فإن سموه أصبح الرئيس الفخري للهلال الأحمر الكويتي.
وقد أخذ سمو الأمير على عاتقه إكمال مسيرة الكويت الإنسانية والخيرية، لتستمر أيادي الكويت البيضاء المليئة بالعطاء دون حساب، فعمل سموه على توجيه الحملات الإغاثية لكافة دول العالم التي بحاجة للمساعدة دون تمييز، ليؤكد مجدداً أن العمل الخيري سمة بارزة للكويت وأهلها؛ حكاماً وشعباً على السواء.
إطفاء حرائق غابات الدول
مساهمة الكويت في إطفاء حرائق الدول الصديقة والشقيقة، فحينما اندلعت حرائق الغابات في جمهورية تركيا واليونان، في أغسطس 2021م، قامت الكويت بتجهيز فرق إطفاء كويتية ومعها معداتها وتكوّن كل فريق لكلا الدولتين على حدة من 45 إطفائياً، وعددهم الإجمالي 90 إطفائياً من أبناء الكويت، الذين سطروا أروع البطولات في إطفاء الحرائق وعادوا بعد أدائهم البطولي المشرف في مكافحة النيران، كما قامت بإرسال المساعدات للمساهمة في إطفاء الحرائق في كل من الجزائر وتونس التي اندلعت في أغسطس 2021م.
أمير البلاد يستكمل مسيرة الخير
ويستكمل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، مسيرة الخير والعطاء ودعم العمل الإنساني داخل الكويت وخارجها.