الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية واحدة من أبرز المؤسسات الخيرية والإنسانية العالمية، يقع مقرها الرئيس في دولة الكويت؛ المركز العالمي للعمل الإنساني، حيث انطلقت في النهوض برسالتها منذ تأسيسها بقانون من مجلس الأمة الكويتي في عام 1984م، وصدور المرسوم الأميري بنظامها الأساسي من صاحب السمو الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، يرحمه الله تعالى، فكان لها دور مشهود في مواجهة التحديات الإنسانية والتنموية على المستوى الدولي، مركِّزة على مكافحة الثالوث القاتل؛ الفقر، والجهل، والمرض، الذي يشكِّل منظومة العوائق الرئيسة أمام التنمية الإنسانية في كثير من البلدان.
وعبر 10 مكاتب إقليمية ممثلة للهيئة في خارج دولة الكويت، تقع بالدول ذات الاحتياج الإنساني ومحيطها الإقليمي، أبرزها: الأردن، والسودان، والنيجر، وباكستان، أوصلت الهيئة عطاء المحسنين من أهل الكويت وغيرهم من المؤمنين برسالتها إلى أيدي المستحقين حول العالم، وساعدت هذه المكاتب الهيئة على تنفيذ مشاريعها الخيرية بشكل فعَّال، ومتابعتها ميدانياً، والتحقق من وفائها بأعلى معايير الجودة، حيث تمكنت الهيئة من تنفيذ ما يزيد على 25 ألف مشروع، وقدَّمت مساعدات تجاوزت قيمتها 1.3 مليار دولار على مدى نحو 40 عاماً من العمل الخيري.
تعمل الهيئة في مختلف المجالات التنموية والإغاثية الإنسانية حول العالم، مع التركيز بشكل أكبر على التمكين الاقتصادي، والتعليم، والمشاريع الثقافية والاجتماعية، وبناء القدرات المؤسسية، ورعاية الأيتام وطلبة العلم والفئات الأشد احتياجاً والأكثر هشاشة؛ خصوصاً في الأوضاع الإنسانية الصعبة كحالات النزوح واللجوء خلال الكوارث والنزاعات، معوِّلة في ذلك على الحلول المستدامة التي تعزز الأثر الإنساني الأكبر، وتضمن القضاء على جذور المشكلات الإنسانية.
ويتضح هذا التوجه من خلال إستراتيجية الهيئة الأخيرة (2022 – 2026م)، التي ركزت رؤيتها على «إحداث الأثر الأكبر في تمكين الإنسان بالمجتمعات التي تعمل بها»، وانطلقت رسالتها من «تمكين الإنسان تعليمياً وثقافياً واقتصادياً، ليكون قادراً على إحداث التأثير الإيجابي في مجتمعه، عبر برامج نوعية عالية الجودة، وشراكات فاعلة».
وفي هذا السياق المختصر، نشير إلى إحدى أبرز مبادرات الهيئة الخيرية؛ ألا وهي «برنامج التمويل الأصغر»، الذي تم تدشينه منذ العام 1998م، وخُصِّص لتحسين الأوضاع المعيشية للفئات الضعيفة، من خلال دعم المشاريع الصغيرة، حيث شمل البرنامج 32 دولة حول العالم، وأسهم في تحسين أوضاع أكثر من 393 ألف مستفيد، عبر تمويل المشاريع التنموية الصغيرة.
أما على المستوى الإغاثي، فالهيئة قدمت المساعدات الإنسانية في مناطق النزاع والكوارث؛ وخصوصاً فلسطين المحتلة، وكانت لها مشاركات بارزة في إغاثة المتضررين من الأزمات في: سورية، والعراق، والسودان، من خلال مؤتمرات المنظمات غير الحكومية المانحة التي نظمتها الهيئة الخيرية بتوجيه من القيادة الرشيدة، استطاعت من خلالها جمع تعهدات بالتبرع بقيمة تجاوزت 1.8 مليار دولار لدعم الوضع الإنساني في هذه الدول، وتم تنفيذ معظم هذه التعهدات من خلال برامج إغاثية.
كما أطلقت الهيئة عديداً من المبادرات الإنسانية للفت الانتباه لبعض القضايا الساخنة، مثل «مبادرة إطعام مليار جائع حول العالم» في عام 2018م، التي استهدفت توزيع مليار وجبة في مناطق الجوع، مع تبني برامج تنموية تسهم في تقليل الجوع، وحققت المبادرة نجاحاً كبيراً من خلال توزيع أكثر من 3 مليارات وجبة، وتبني مئات الآلاف من المشاريع الكبيرة والصغيرة، استفاد منها ما يقرب من مائة مليون إنسان.
ومؤخراً، أطلقت الهيئة بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وعدد من كبرى المنظمات الإنسانية العالمية والإقليمية مؤتمر الشراكة الفعالة التاسع، الذي أطلق مبادرة «سند» للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة، حيث جمع أكثر من ملياري دولار على هيئة إعلان برامج ومشاريع إنسانية تسهم في تحقيق التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
تعمل الهيئة من خلال منظومة من الشراكات الفعالة مع أكثر من 200 منظمة إنسانية دولية وإقليمية ومحلية، حيث يعزز هذا التعاون الواسع من قدرات الهيئة في الوصول إلى الفئات المستهدفة، وتقديم المساعدات بشكل أكثر فاعلية، كما تحظى الهيئة باعتراف دولي واسع بفضل جهودها الإنسانية المتميزة، حيث يرأس مجلس إدارتها معالي د. عبدالله معتوق المعتوق، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، المستشار السابق بالديوان الأميري، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والعدل الأسبق.
وما زالت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تواصل مع أخواتها في منظومة العمل الخيري والإنساني الكويتي دورها الفاعل في تحسين حياة الآلاف من المحتاجين في مختلف أنحاء العالم، مع التركيز على بناء الإنسان، وتمكينه من النهوض بنفسه وبمجتمعه، لبناء مجتمعات إنسانية قوية ومستدامة، عبر مشاريعها التنموية والإغاثية التي لم تتوقف يوماً منذ نشأتها حتى خلال أحلك الظروف.