هل تذكرون قصة الدب الذي رأى ذبابة تحوم على وجه صديقه وتؤذيه، فأخذ صخرة كبيرة وألقاها على الذبابة التي كانت فوق رأس صديقه؟!
نتعامل نحن أحياناً بما يشبه هذا الأسلوب، حين نرصد بعض الظواهر السلبية فنتخذ إجراءات تضر شرائح كثيرة غير مشاركة في تلك الظواهر السلبية!
فمنها «المطبات» التي غزت شوارعنا ونغّصت على الناس قيادتهم لسياراتهم، وذلك حين رأى الناس بعض المستهترين يقودون سياراتهم بشكل غير مسؤول، فقرروا المطالبة بوضع المطبات في كل شارع وبأعداد كبيرة ليمنعوا المستهترين من سلوكهم السيئ، ورغم أننا نرفض الاستهتار الذي يقوم به بعض شبابنا هداهم الله، فإن المطبات أثرت على الجميع (المستهتر والملتزم)، وخاصة مع كثرتها وضخامة حجمها.
ومنها القطع التي وضعت على صنابير المياه في مواضئ المساجد للحد من استهلاك المياه، نحن ضد الإسراف في الماء وسائر الموارد، لكن هذه القطع «الموفّرة» تمنع جريان الماء بصورة طبيعية لأداء الوضوء براحة وبوقت معقول؛ فأصبح أداء الوضوء في المساجد أمراً مكروهاً لهذا السبب، وتم معاقبة المحسن والمسيء معاً.
ومنها الأرضيات المطاطية القاسية التي توضع عند مداخل المساجد، والهدف منها الحفاظ على السجاد داخل المسجد من الماء العالق بأقدام المصلين القادمين من الموضئ، لكن هذه الأرضيات تؤذي الناس عند المشي عليها وتؤلم الأقدام، فتم إيلام الجميع لوجود فئة قد تفسد السجاد بماء الوضوء.
بالتأكيد توجد حلول تقلل من وطأة الظواهر السلبية دون التأثير على كل الناس، لكن ذلك يحتاج لتفكير وإبداع، ولنضرب مثلاً بشركة المرافق العمومية التي جعلت الدخول لكل مواقف السيارات التابعة لها إلكترونياً، فقضت على عدة ظواهر سلبية منها عدم توفر صرافة معدنية لدى أكشاك الخروج، ومنها ضياع بطاقة الدخول، وغير ذلك، فكان هذا الحل ممتازاً وفي محله وأسعد الجميع.