في صبيحة السبت 7 أكتوبر 2023م، كانت فلسطين والأمة العربية والإسلامية على موعد مع السعادة والفرح والانتصار بعد 75 عاماً من الهزائم العسكرية والنفسية المتوالية، قال تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ {14} وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة).
لقد اندلعت معركة «طوفان الأقصى» فأحيت النفوس المؤمنة، ودمرت الكذبة الكبرى بأن جيش «إسرائيل» لا يُهزم، واستطاع مَن وصفهم القرآن الكريم (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (الكهف: 13) من تحقيق هذا الإنجاز العظيم، ولم يفكروا في العواقب والقتل والتدمير؛ لأنهم آمنوا بأنه جهاد؛ ومن ثَمَّ فهو نصر أو استشهاد.
هذه المعركة المستمرة حتى الآن لها نتائج عظيمة؛ أولها تصديقاً لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك»، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس»، فقضية فلسطين والقدس قائمة في قلوب المؤمنين الصابرين.
ومن نتائجها الباهرة المقاطعة الاقتصادية الفاعلة ضد الشركات الداعمة للصهاينة، فقد علمت هذه الشركات أن الأمة الإسلامية لو اجتمعت عليها لا تقوم لها قائمة.
وكذلك من النتائج البيّنة التفكك الاجتماعي والسياسي الذي يشهده كيان الصهاينة، ولأول مره منذ 75 عاماً يكون هناك انشقاق حقيقي بينهم، بل والهروب الجماعي من المستوطنات، ومن الكيان بأكمله، وفقدان حكومة المجرمين في «تل أبيب» صوابهم وبوصلتهم؛ فأخذوا يضربون المدارس والمستشفيات والمنشآت المدنية.
ولم يكتف الصهاينة المجرمين بضرب غزة، بل وسعوا حربهم إلى لبنان وسورية واليمن وإيران، وهو ما يسمى بالهروب للأمام.
نعم غزة تعاني الألم الشديد وارتقاء الشهداء الذين تعدوا 50 ألفاً، ولكن الله تعالى قال: (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء: 104).
في هذه الذكرى، يستوجب علينا أن نكون أمة واحدة، وأن نترك كل خلافاتنا جانباً؛ لأن العدو الظاهر والأشد عداوة للمسلمين هم اليهود والمشركون؛ (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ) (المائدة: 82).