في ظل تصاعد الأوضاع الإنسانية المتدهورة في شمال قطاع غزة، تتعرض المناطق الفلسطينية لموجات جديدة من القصف والاعتداءات الصهيونية؛ ما يزيد من مأساة السكان الذين يعانون من الحصار المستمر.
ومع دخول التوغل البري لشمال غزة يومه الرابع، تكثف القوات المحتلة عملياتها البرية والجوية، موجهة ضرباتها نحو المدنيين والبنية التحتية، في محاولة لفرض مزيد من السيطرة.
وتواصل قوات الاحتلال حصارها لمدينة جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا شمال قطاع غزة من جميع الجهات، وسط قصف مدفعي وجوي مكثف يرافقه نسف لمنازل المواطنين.
وأفادت «وكالة الأنباء الفلسطينية» (وفا) بأن جيش الاحتلال يفرض حصارًا مشددًا على المنطقة، حيث يطلق النار على كل من يتحرك، بالتزامن مع استهداف المنازل والشوارع والمنشآت؛ ما يجبر المواطنين على النزوح قسراً نحو جنوب القطاع.
وفي هذا السياق، تنتشر طائرات «كواد كابتر» في سماء المنطقة، مطلقة النار على أي جسم متحرك، بينما يتمركز قناصة الاحتلال على المباني المرتفعة، في ظل تجريف واسع لشوارع ومناطق في مخيم جباليا ومحيطه.
كما كثف جيش الاحتلال غاراته خلال الساعات الماضية حول مستشفيات كمال عدوان والإندونيسي والعودة شمال القطاع، ويمارس عملية نسف لمنازل وممتلكات المواطنين.
ووفقًا لشهود عيان، فإن الجيش يمنع دخول الطعام والشراب والدواء إلى المناطق الشمالية؛ ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني الذي خلفته حرب الإبادة، وأوضح هؤلاء الشهود أن عشرات الآلاف من المواطنين محاصرون داخل منازلهم، دون طعام ومياه، ويخشون الخروج خوفًا من التعرض لإطلاق النار.
وكان جيش الاحتلال طالب مستشفيات شمال قطاع غزة بإخلاء المرضى والكوادر الطبية، بينما أعلنت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال يحاصر مستشفى كمال عدوان وأطلق النار على مكتب إدارة المستشفى؛ ما ينذر بتوقف المستشفى خلال ساعات بسبب نفاد الوقود.
«أونروا»: 400 ألف شخص محاصرون شمال غزة
وفي تصريحات للمفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، أشار إلى أن ما لا يقل عن 400 ألف شخص محاصرون شمال قطاع غزة، وأوامر الإخلاء «الإسرائيلية» تجبر الناس على الفرار مرارًا وتكرارًا، خصوصًا من مخيم جباليا.
ولفت إلى أن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين يرفضون الإخلاء، لأنهم يدركون أنه لا مكان آمناً في قطاع غزة.
وأضاف لازاريني أن انتشار المجاعة يتفاقم في جميع أنحاء القطاع، مع عدم توفر الإمدادات الأساسية.
وكشف عن اضطرار بعض مراكز الوكالة للإيواء والخدمات إلى الإغلاق للمرة الأولى منذ بدء الحرب، مؤكداً أن مواصلة القصف تهدد تنفيذ المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة.
4 أهداف للاحتلال
وفيما يخص العمليات العسكرية، ذكر موقع «واللا» العبري أن القيادة الجنوبية للجيش تخطط منذ فترة طويلة لعملية واسعة لـ«الفرقة 162»، بقيادة العميد إيتسيك كوهين، في شمال قطاع غزة، مع التركيز على المناورة البرية في جباليا، وفق ما نقلت وكالة «الأناضول».
وأوضح الموقع أن الهدف من العملية تهجير عدد كبير من السكان من شمال قطاع غزة إلى مناطق الإيواء الإنسانية في الجنوب، بالإضافة إلى قتل المقاومين وتدمير البنية التحتية التي أخفتها «حماس» واستعادتها بعد توغلات جيش الاحتلال السابقة.
«حماس»: انتهاك فاضح للقوانين الدولية
من جهتها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن تهديدات جيش الاحتلال «الإسرائيلي» بإخلاء مستشفيات كمال عدوان والإندونيسي والعودة من المرضى والطواقم الطبية تعد انتهاكًا فاضحًا للقوانين الدولية.
وأشارت الحركة، في تصريح لها، اليوم الأربعاء، إلى أن هذا التهديد بمثابة حكم بالإعدام على الآلاف من المرضى والجرحى، وطالبت الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية باتخاذ إجراءات فورية لحماية المراكز الطبية والمستشفيات.
واختتمت الحركة بالقول: إن العدوان المستمر على سكان شمال قطاع غزة، خصوصًا في جباليا، لن يفلح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، الذي سيبقى ثابتًا في موقفه الرافض للتخلي عن حقوقه المشروعة في الحرية وتقرير المصير.