في إحدى دورات خدمة العملاء وعندما كنت أتحدث عن الأشخاص الذين لا يصلحون للعمل في خدمة العملاء، سألتني إحدى المشاركات وكانت تتميز بالذكاء والبديهة الحاضرة: “إن جميع الذين ذَكَرْتَهم بأنهم لا يصلحون في خدمة العملاء يعملون فعلاً في خدمة العملاء، والأمور تسير وشئون الناس لا تتوقف! فكيف ذلك؟” فأجبتها بأن الأمر يتعلق بالتميز في تقديم الخدمة وليس تلك الخدمة التي يقوم موظفوها بتقديمها كيفما كان ودون مراعاة رضا العملاء. إن العميل يريد أن تنقضي حاجته من تلك المؤسسة وهذا هو الحد الأدنى، ولكن هل تقديم الخدمة الرديئة (خدمة الحد الأدنى) يفضي إلى نمو هذه المؤسسة أو تلك؟
إن أي مؤسسة أو شركة لا تبذل جهداً مناسباً لانتقاء من يعملون في خدمة العملاء ضمن معايير تضمن تقديم خدمات متميزة، فإنها تحكم على نفسها بالتقادم إذا لم نَقُلْ بالفناء. بنظرة سريعة للمؤسسات المترهلة، لن تجد صعوبة في ملاحظة أن خدمة العملاء لديها في أدنى مستوياتها، بل إن خدمة العملاء لدى بعض هذه المؤسسات هي السبب في ترهلها، وهذا ما يجعل الأمر جديراً بالاهتمام.
لقد رَصَدْتُ عشر صفات ما أن تتوفر لدى الموظف مقدم الخدمة حتى تتراجع نسبة رضا العملاء إلى مستويات متدنية جداً وهي:
١- المستهتر
فهذا الشخص غير مسئول، حيث أن استهتاره سيتسبب في ضياع حق العميل في إنجاز مهمته، ولك أن تتخيل الإحباط الذي يعاني منه صاحب المعاملة بسبب لا مبالاة الموظف المستهتر.
٢- البليد
لديه برودة في التعامل تستفز العميل وتجعله يشعر بعدم التقدير بسبب تلك البلادة غير المفتعلة، فهي صفة ملازمة لذلك الموظف ومن يتعامل معه بشكل يومي اعتاد عليها.
٣- العصبي
ليس لديه الصبر الكافي لتلبية متطلبات العميل ولا الإجابة على تساؤلاته، فضلاً عن أنه ليس لديه أي استعداد لاحتواء العميل وتفاصيل خدمته.
٤- البخيل
يبخل على الناس بالكلمة الطيبة أو الابتسامة أو بذل قليل من الجهد، ولا نتوقع منه أن يبادر في إنجاز المهمة، فهو يرى أن عليه ألا “يخسر” من وقته وجهده لدرجة أنه يرى أن استخدام عضلات وجهه في الابتسامة أمراً فيه خسارة تعود عليه.
٥- الأناني
لا يفكر الأناني إلا بنفسه ولا نتوقع منه أن يهتم بالآخرين وحاجاتهم، وربما اعتقد بأن على الآخرين أن يقوموا بخدمته، لا العكس.
٦- المتكبر
يرى نفسه أفضل من الآخرين بفوقية تجعله لا يراهم أصلاً، وهو يعتقد بأنه المتفضل عليهم من وقته وجهده، وأن احترامهم ما هو إلا تقليل من شأنه.
٧- العدواني
هو الذي لا يتردد في الاعتداء على الآخرين لفظاً وسلوكاً تحت أي مبرر، فهو يبحث عن أي وسيلة تجعله يصطدم مع الآخرين ليرضي نزعته العدوانية مهما كانت النتائج وخيمة.
٨- المزاجي
إن متقلب المزاج لا يراعي أن هذا التقلب يثير حفيظة المتلقي، بل ويريد من الآخر أن يحتويه ويقبله بمزاجيته. فهو لا يدرك بأن العملاء لا شأن لهم بمزاجيته وأن أهله ومقربيه هم الأولى بشرف احتواءه والصبر عليه.
٩- الساخر
لا قدرة لديه على التحكم بلسانه الساخر، فيقوم بإطلاق الكلمات والعبارات الساخرة دون حساب لردود أفعال الناس، حتى وإن كان ذلك دون قصد الإساءه؛ فالعميل شخص عابر يريد تسيير شئونه والمغادرة بأسرع وقت.
١٠- المتسلط
المشكلة الكبرى إذا كانت حاجتك بيد متسلط، لأنه يفهم تلك السلطة مهما كانت بسيطة على أنها نقطة قوة لديه وبالتالي يتحكم بصاحب الحاجة بطريقة فجّة تدل على ضعف شخصيته.
كما أنه يوجد النمط المركّب الذي يمتلك أكثر من صفة من الصفات أعلاه فيصبح كارثة على مكان العمل، ولك أن تتخيل موظفاً في خدمة العملاء لديه صفة العصبية والتسلط والتكبر، عندها علينا أن ندعو الله كثيراً لصاحب المعاملة (العميل) لكي يسير يومه بأقل الخسائر الممكنة.
قد يكون أصحاب الصفات أعلاه طيبون وليست لديهم نوايا في الإساءة إلى الآخرين، هنا عليهم أن يدركوا بأنه لا ذنب للأشخاص “الغرباء” بطباعهم وسلوكياتهم التي اعتادوا عليها مع الناس المقربين منهم؛ وأن تغييراً ما يجب أن بطرأ لتطوير أنفسهم وتقليل السلوكيات المزعجة للآخرين.
ولكن كيف تسير الأمور مع هؤلاء الموظفين ويقومون بمهامهم وتنقضي الحاجات؟
الإجابة:
لأن جزءاً كبيراً من العملاء هم الذين يقومون باحتواء هذا النمط من الموظفين بغية إنجاز أعمالهم.
يقول المثل الصيني القديم:
“إذا لم تكن تستطيع الابتسام، فلا تفتح متجراً”