تزايدت ظاهرة تعليق جنود الاحتلال الصهيونية ما يُسمى «شارة المسيح» أو «المشياح» باللغة العبرية، التي ترمز إلى «المسيح المنتظر من نسل داود»، الذي يزعم اليهود أنه سيقيم «مملكة الرب اليهودية الأخيرة»، وينتصر على المسلمين.
هذه الشارة يوزعها كبار الحاخامات على جنودهم، ويعدونهم بأنها ستخلصهم وتنصرهم، وتُسرع إقامة «مملكة إسرائيل الأخيرة»؛ لأن عودة المسيح اقتربت، وسيرجِع السلطة لليهود، ويخضع كل الأمم لخدمتهم، وذلك وفقاً لمعتقداتهم القائمة على أن الحرب الحالية «دينية وخلاصيه ونهاية العالم»، حتى يُقنعوهم بالحرب، برغم أن صحيفة «معاريف» العبرية ذكرت أن رئيس أركان جيش الاحتلال هيرتسي هاليفي لا يشجع ارتداءها لأسباب عسكرية.
ولا يقتصر الأمر على الشارة؛ إذ يؤمن تيار الصهيونية الدينية الحاكم في «إسرائيل» حالياً، ويسمى «التيار الخلاصي»، بقرب نهاية العالم، وأن عليهم «تسريع مشيئة الرب»، بالدخول في حروب توسعية لتسريع إقامة «الهيكل» و«مملكة الرب»!
وقد تحدث رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عدة مرات عن نبوءات توراتية وعن «المشياح»؛ أي المسيح المنتظر من نسل داود، وكيف ستنتصر «إسرائيل»، وصبغ الحرب بصبغة دينية يهودية.
في خطابه يوم 2 سبتمبر الماضي، الذي أصر فيه على ادعاء سحق مقاومة غزة لأنها تنتهج عقيدة إسلامية لتدمير «إسرائيل»، قال نتنياهو، ليبشر «الإسرائيليين»: إنهم سينتصرون، إن «زمن المشياح سيأتي»، وقال مدغدغاً أحلام «الإسرائيليين»، وتيار الصهيونية المسيحية الأمريكي: «أبشروا بقرب نزول المشياح» (المسيح المنتظر).
وضمن هذه الإشارات الدينية للحرب، وصف نتنياهو الفلسطينيين بأنهم أبناء الظلام، و«الإسرائيليين» بأنهم أبناء النور، وزعمه أنه يسعى لتحقق «نبوءة إشعياء» بنشر الخراب في أرض الأعداء (النبوءة تشمل مصر أيضاً لا غزة فقط)، وقال: إن عقيدة حركة «حماس» الدينية ومناهج التعليم الإسلامية عن تحرير فلسطين من النهر إلى البحر تعني تدمير «إسرائيل»، لكن «المشياح» قادم؛ أي زعيم اليهود الجديد، ليقودهم للنصر.
من هو «المشياح»؟
المسيح أو «المشياح» (بالعبرية) Mashiach هو المُخلص أو المُحرر، ويقصد به «المسيح المنتظر»، الذي تؤمن جماعات اليمين الصهيوني الديني المتطرف بعقيدة أنه الملك الأخير من نسل نبي الله داود الذي سيقيم مملكة الرب الأخيرة.
ويقول الباحث في شؤون التراث أحمد الأقطش: إن معنى كلمة المسيح في العهد القديم (التوراة) هي «مَشِيح»، من الفعل «مَسَحَ»، وتعني: الممسوح بالزيت (طقس ديني لتنصيب الملوك)، وأوضح أن كلمة «المشياح» كانت تُطلق في العصور القديمة على ملوك «إسرائيل» الذين تم مسح رؤوسهم بالدهن المقدس، خلال مراسم تتويجهم.
وتؤمن الجماعات الصهيونية المتطرفة، أتباع ما يعرف بـ«العقيدة الخلاصية»، بأن الزمن الحالي هو زمن قدوم المسيح المنتظر، أو «المشياح» من نسل داود الذي سيقيم مملكة الرب الأخيرة ويبني الهيكل مكان المسجد الأقصى، ويرون أنه يجب أن يصل العالم إلى حافة حرب كبرى، كي ينزل الرب المسيح لينقذ العالم؛ لذا فهم يشجعون استمرار الحرب الحالية وتوسيعها في لبنان وإيران وغيرها، متصورين أن هذا هو زمن «المشياح»، وفق صحف «إسرائيلية».
وتستعد الحركات الصهيونية الخلاصية حالياً لقدوم «المشياح» بمراسيم توراتية، منها: تربية «البقرات الحمراء» لذبحها وتطهير اليهود برمادها، وتجهيز الكهنة ومعدات المعبد اللازمة.
نتنياهو هو «المشياح»!
وقد وصل التطرف لدى بعض اليهود المتطرفين حد تصور أن نتنياهو قد يكون هو «المشياح»، أو آخر مسؤول «إسرائيلي» سيأتي بعده المسيح!
موقع «باي فيث» العبري أكد، في 15 يونيو الماضي، أن حاخام ومستشار نتنياهو الديني مناحيم مندل شنيرسون، الذي لديه نفوذ في البيت الأبيض الأمريكي، أخبر نتنياهو أن الرب يعد له دوراً مهماً في المستقبل، وأن هذا الحاخام أخبر نتنياهو في لقاء خاص قبل سنوات، بأنه سيكون آخر رئيس وزراء لـ«إسرائيل»، وأنه هو الذي سيسلم الصولجان للمسيح.
وعندما التقى هذا الحاخام نتنياهو، بعد توليه رئاسة الوزراء، ذكره بوظيفته في القيام بشيء ما لتسريع مجيء المسيح والمضي قدمًا في إرادة الله، وفق الموقع العبري؛ لذا تطرق الموقع الديني للمطلوب من نتنياهو كي يجهز «إسرائيل» للمسيح، وأين سيبني الهيكل الثالث، وماذا سيحدث لقبة الصخرة والمسجد الأقصى، كجزء من ترتيبات الاستعداد لهذه المرحلة.
الحرب هدف ديني
وقد كتب د. عبدالله معروف، أستاذ دراسات بيت المقدس، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى، عبر حسابه بـ«إكس»، يؤكد أن حديث نتنياهو عن «المشياح» هو إعلان واضح عن إيمانه بأفكار التيار الخلاصي، وهي الأفكار التي تدعي ضرورة جر العالم إلى حرب كبرى حتى يضطر الرب لإنزال المسيح، وفق العقيدة الفاسدة لهذا التيار الخلاصي! وأكد أن جماعات اليمين الصهيوني الديني المتطرف أتباع ما يعرف بالعقيدة الخلاصية تؤمن بأنه يجب أن يصل العالم إلى حافة حرب كبرى، فينزل الرب المسيح لينقذ العالم.
وقد أشارت دراسة نشرتها صحيفة «هاآرتس» العبرية اليسارية، في 29 أغسطس الماضي، لتجهيز هذه الجماعات المتطرفة اليهودية الساحة لقدوم «المشياح» خاصة تفعيل خطة بناء «الهيكل» وهدم المسجد الأقصى، وأكدت أن اليمين الصهيوني المتطرف المسياني (أي الذي يؤمن بقدوم المسيح لخلاص اليهود) الذي يتواجد حالياً في السلطة بحكومة نتنياهو، جاد للغاية بشأن إعادة بناء الهيكل، ويربون «البقرات الحمراء» ويسرعون بالمخططات المعمارية للهيكل، وشددت الصحيفة «الإسرائيلية» اليسارية المناهضة لها التيار الديني على أن المشروع الكبير (بناء الهيكل) قيد التنفيذ بالفعل.