تذكرنا هذه المساعي «الأمريصهيونية» المشبوهة، بنفس الأجواء التي أحاطت بقمة شرم الشيخ (يناير 2005م) حين اجتمع مبارك (المخلوع)، وعباس (المزروع) وشارون (السفاح)، والملك عبدالله بن الحسين (الشريف)، في 8 فبراير 2005م، بشرم الشيخ بجنوب سيناء المصرية، وكانت شيطانة الفوضى الخلاقة كونداليزا رايس حديثة عهد باختيارها وزيرة خارجية للولايات المتحدة الأمريكية (الأمريصهيونية) (26 يناير 2005م).
وكان أبو مازن حديث عهد كذلك باختياره رئيساً للسلطة الفلسطينية، في 15 يناير 2005م.
وللعلم فإن رايس من أقوى وأشرس من حمل حقيبة الأمن القومي الأمريكي (20 يناير 2001 – 26 يناير 2005م)، وهي سياسية مرموقة، تجاوزت في عملها خطورة زيجيو بريجنسكي، أخطر من شغل منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي، تجيد عدة لغات، منها الإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية واللاتينية، وهي أديبة وعازفة بيانو مشهورة، وأستاذة جامعية أكاديمية بجامعة ستانفورد، ورائدة فيما يسمى «علم السياسة التحويلية الموجهة».
تنحدر أصولها من شعب نيكار في الكاميرون، وجدتها الكبرى من جهة أمها اسمها زينة، كانت قد أنجبت من مالكي العبيد المختلفين 5 أطفال، من بينهم والدة رايس، وجدتها الكبرى من جهة أبيها جوليا هيد، حملت اسم أحد مالكي العبيد أيضًا.
هي، إذن، تنظر إلى نفسها، وفي ظل عبقريتها، على أنها حسنة من حسنات أمريكا (شمطاء القرن الحادي والعشرين)، وهي مأزومة بفلسفة تفكيكية وتحويلية غرائبية عجيبة، واستمكنت من تنفيذ ما في رأسها عن طريق رأس السلطة الأمريكية.
وقد روجت رايس للدنيا في ذلك الوقت، أنها قد أجبرت شارون على عدم اتخاذ أي إجراءات، أو التصريح بأي أقوال من شأنها أن تفقد الرئيس الفلسطيني عباس شعبيته بين الشعب الفلسطيني!
ووعدت في ذلك الوقت بدور أمريكي فعال جدًا، وتاريخي، في العودة المهمة للغاية إلى تنفيذ خارطة الطريق؛ أي خارطة؟! وأي طريق؟! الله أعلم!
ولم تمر لحظات حتى دقت طبول العرس في سائر العواصم العربية المنبطحة والمنفتحة على الآخر، بانتظار دعوة السفاح شارون ليمر عليها بمجنزرات السلام الحاملة لـ«تابوت العهد»!
حتى إن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي قد قدم دعوة رسمية لشارون لزيارة تونس في ذلك الوقت، وقبل شارون الدعوة رسميًا في 25/ 2/ 2005م؛ ما أهاج الشعوب العربية، والشعب التونسي عن بكرة أبيه.
ولعلنا لا ننسى العتبة السيئة التي سبقت قمة شرم الشيخ 2005م فيما سمي وقتها بخطاب الضمان الأمريكي الشامل، الذي قدمه بوش الابن، لشارون في 14/ 4/ 2004م، على غرار «وعد بلفور» عام 1917م، بل أشد بأساً وأشد تنكيلًا، حيث تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بأن تطلق العنان لشارون، وأن تؤيده مقدماً دون أي قيود شرعية دولية أو محلية، في سحق المقاومة، على فرض أن الولايات المتحدة تعتبر المقاومة إرهابًا! وأن الإرهاب هو الذي يعيق كل عمليات السلام!
ففعل شارون ما فعل بالضفة وغزة و«الأقصى» وعرفات نفسه، ثم عمل على توليد هذا النموذج الغرائبي (عباس) الذي تبنت رايس تسويقه في سوق ما بعد العصر، على أنه النموذج الاستسلامي المناسب للعمل، معه ضد الإرهاب، ولا بد من نمذجته، وتسويقه، وحمايته، بل وتعميمه في المنطقة، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، على أن يقطع الشجرة أحد أغصانها!
ثم محاولة إقناع الجانب الصهيوني بالتسوية مع هذا الممثل الشمعي للشعب الفلسطيني المحتل الصبور المجاهد!
ترى، هل يعيد التاريخ نفسه بنفس التفاصيل، ونفس الشخوص، ونفس المنابت، ونفس المسارات؟!
ماذا سنرى مع نتنياهو خليفة شارون الأقذر والأكثر انحطاطاً؟!
ماذا سنرى مع الرئيس الأمريكي القادم، الذي يحوّل الوعدَ إلى وعيد؟!
ماذا ننتظر من المحيط العربي المقيد لحركة النضال والتحرر، والمحاصر لها حتى درجة الخنق وإزهاق النفس الأخير؟!
ألا لعنة الله على الصهاينة وكل من تصهين.
والمجد للمقاومة.