غيث البلخي، ذاك الطفل الذي وجد في دار الإيواء بيتًا يحتويه ويمنحه الحب والرعاية، يمثل اليوم قصة استثنائية عن الأمل والصمود، نشأ غيث في دار الأيتام تحت كنف نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، حيث كان واحدًا من عشرات الأطفال من اللاجئين السوريين الذين فقدوا أسرهم، لكنهم وجدوا عائلة جديدة تمنحهم العناية، والدعم، والتعليم.
تميز غيث منذ صغره بابتسامته التي تحمل إشراقة أمل وتفاؤل، رغم كل التحديات التي واجهها، لم يكن غيث مجرد طفل في دار الأيتام، بل كان رمزًا لنجاح هذه المؤسسة الإنسانية التي تؤمن بأن فقدان الأسرة لا يعني فقدان الحنان أو المستقبل، كان يتلقى التعليم والرعاية الطبية، وينمو في بيئة دافئة مليئة بالدعم الذي جعله يشعر بأنه ليس وحيدًا في هذا العالم.
الأزمة الصحية التي هزت القلوب
قبل أيام، خضع غيث لعملية جراحية دقيقة في القلب نتيجة مشكلة صحية مفاجئة، مما أدخل القلق إلى قلوب الجميع، ليس فقط في دار الإيواء، ولكن أيضًا في نفوس كل من عرفه أو ساهم في رعايته، الخبر كان بمثابة اختبار للروابط التي تتجاوز المفهوم التقليدي للأسرة، ليثبت الجميع أن غيث ليس مجرد يتيم، بل ابنٌ للعشرات ممن يحبونه ويرعون شؤونه.
خالد مبارك الشامري: أبوة تتخطى النسب
في لحظة أظهرت أعمق معاني الإنسانية، غادر الأستاذ خالد مبارك الشامري، مدير إدارة الإغاثة في نماء الخيرية، الكويت متجهًا إلى المستشفى الذي يرقد فيه غيث في العناية المركزة، بالنسبة لخالد، لم يكن هذا السفر مجرد مهمة عمل، بل كان واجبًا شخصيًا تجاه من يعتبره أحد أبنائه.
وتجلى ذلك عند وصول الشامري إلى المستشفى وهو يقول: “غيث ليس مجرد طفل في دار الإيواء، هو ابن لنا جميعًا.. عندما علمت بحالته، شعرت وكأنني أب فقدت طفله، وكان لابد لي من أن أكون هنا بجانبه. دعواتنا جميعًا ترفع إلى الله لشفائه وعودته إلينا سالمًا.”
شعور خالد تجاه غيث لم يكن شعوًا عاديًا؛ بل كان إحساسًا أبويًا نابعًا من سنوات من العطاء والرعاية التي جعلت من دار الأيتام عائلة حقيقية لكل طفل نشأ فيها.
دار الأيتام: بيت يُعيد تشكيل الأمل
تثبت قصة غيث أن دور الأيتام ليست مجرد مؤسسات تُعنى بإيواء الأطفال المحرومين، بل هي منظومات إنسانية تعيد بناء حياتهم وتمنحهم الدعم اللازم ليصبحوا أفرادًا فاعلين في المجتمع، في حالة غيث، لم يكن الدار مجرد مكان للإيواء، بل بيتًا مليئًا بالحب والدفء، حيث اكتسب الكثير من المهارات وتعلم أن الحياة تحمل دائمًا فرصة ثانية.
في هذا الوقت العصيب، يتحد الجميع بالدعاء من أجل غيث، هذا الطفل الذي رسم بابتسامته الأمل في قلوب من حوله. قلوبنا جميعًا قلقة، لكننا نؤمن بقدرة الله ورحمته. ونسأل الله أن يُعيده إلينا سالمًا، وأن يُقر أعين من يحبونه بابتسامته التي اعتدنا عليها.
قصة غيث هي قصة إنسانية بامتياز، تذكرنا جميعًا بأهمية دور المؤسسات الخيرية في بناء مستقبل الأطفال المحرومين، وأهمية أن نتجاوز بالمشاعر والإنسانية حدود المألوف لنكون عائلة واحدة لكل من يحتاجها.