في ظل التطورات الاقتصادية العالمية وتغير معايير قياس الفقر، يشكل تحديث البنك الدولي لخطوط الفقر فرصة لإعادة تقييم إستراتيجيات العمل الخيري، خط الفقر الجديد الذي يعكس الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل عند 6.85 دولار في اليوم (وفق تعادل القوة الشرائية لعام 2017م) يُبرز الحاجة إلى استيعاب تحديات الفقر بمفهوم أوسع وأكثر شمولية.
الفقر في الكويت ومعايير الاستحقاق الخيري
الكويت، على الرغم من كونها دولة ذات دخل مرتفع، تواجه تحديات خاصة في مجال العمل الخيري نتيجة لتباين مستويات المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة؛ لذلك، تختلف معايير تحديد الفقر مقارنة بالدول الأخرى، ويتم تحديد المستحقين للدعم بناءً على ظروف محلية تأخذ في الحسبان تكلفة السكن، والغذاء، والتعليم، والخدمات الصحية.
من هنا، يجب على الجمعيات والمبرات الخيرية الكويتية أن تعمل على وضع معايير استحقاق متجددة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية، مع التركيز على الفئات التي قد لا تكون تحت خط الفقر الدولي لكنها بحاجة إلى دعم فعلي لتلبية احتياجاتها الأساسية.
التحديات والفرص أمام العمل الخيري في الكويت
1- إعادة تقييم خط الفقر المحلي:
في بيئة ذات تكلفة معيشية مرتفعة مثل الكويت، يصبح تحديد خط فقر محلي أكثر دقة أمرًا حتميًا لضمان عدالة توزيع المساعدات.
2- زيادة الطلب على الموارد الخيرية:
مع ارتفاع معايير خط الفقر على المستوى الدولي، تزداد الضغوط على الجمعيات الخيرية لتوسيع دائرة المستفيدين؛ ما يتطلب تعزيز الحملات الخيرية داخل الكويت وخارجها.
3- تعزيز الشراكات المحلية والدولية:
يمكن للتعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة أن يقدم خبرات وأدوات عملية لتطوير إستراتيجيات العمل الخيري بما يعزز من كفاءته وأثره.
4- تنويع الدعم:
بدلاً من الاقتصار على تقديم المساعدات المالية المباشرة، يجب توجيه الجهود نحو مشروعات مستدامة، مثل تمويل المشاريع الصغيرة، وبرامج التدريب والتعليم المهني.
5- التكنولوجيا في العمل الخيري:
تبني أنظمة رقمية لزيادة الشفافية وتسهيل إيصال الدعم لمستحقيه أصبح ضرورة ملحة لتحسين الكفاءة وتقليل الهدر.
دور الكويت الرائد في مواجهة الفقر
مع احتفاظ الكويت بمكانتها العالمية كمركز للعمل الإنساني، ينبغي أن تنعكس هذه المكانة على تطوير إستراتيجيات مبتكرة وفعالة في العمل الخيري، هذه الإستراتيجيات يمكن أن تشمل إنشاء صناديق استثمارية خيرية لتوفير دخل مستدام لدعم الفقراء، وتطوير مبادرات تعليمية وصحية تركز على تمكين المستفيدين وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويمثل الخط النموذجي الجديد للفقر فرصة للجمعيات والمبرات الخيرية الكويتية لإعادة التفكير في منهجياتها وتطوير أدواتها لتناسب الواقع المحلي وتتماشى مع التحولات العالمية، فالفقر في الكويت لا يعني فقط نقص الدخل، بل يشمل الحاجة إلى توفير فرص حقيقية للعيش الكريم، من خلال تعزيز الابتكار والشراكات، ويمكن للكويت أن تبقى في طليعة الدول التي تسهم في مكافحة الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية داخل حدودها وخارجها.