في بعض الأوقات، يشعر الطفل بالكسل والخمول، وفقدان للشغف والاهتمام، تارة تجده غير عابئ بواجباته المدرسية، أو اختباراته الشهرية، وتارة تجده متردداً في بدء مهمة ما، وقد لا يعرف كيف يبدأ من الأساس؟
لا تنزعج كثيراً، وتعامل مع الأمر بمرونة وحكمة، فحالة الطفل المزاجية قد تتأثر لأسباب بسيطة أو تافهة، لكنه يراها من وجهة نظره معقدة وصعبة، مثلاً تعليق سلبي من أقرانه حول شخصيته، أو كلمة غير مناسبة من أحد أقاربه، أو تجاهل من قبل معلمه، أو اهتمام غير مقصود من والديه بشقيقه الثاني أو الثالث، وغير ذلك من أمور حياتية، قد تصيبه بالإحباط والملل.
تقول مؤلفة كتاب «الأطفال الموهوبون الذين لا يهتمون: كيف يتم إحياء دوافع طفلك» د. إلين براتن: إن على الوالدين تحديد العقبة الرئيسة التي تعيق الطفل عن التقدم، أو تحرمه من حالة الشغف والنشاط، وبمجرد فهم وتحديد طبيعة العقبة، يمكن للأهل مساعدة أطفالهم على تجاوزها، مثلاً قد يعاني من الإرهاق وقلة النوم، أو أنه يواجه مشكلة مع زملائه في المدرسة، أو يخشى الفشل في اختبار ما، أو يشعر بالإحباط من كثرة ما يسمعه من أخبار سلبية في المجتمع الذي يعيش فيه.
السطور القادمة توجز لك عدة طرق من شأنها إعادة شحن بطارية النشاط والحيوية لدى طفلك، ويمكن أن تنجح طريقة منها أو اثنتان أو أكثر في تحقيق المراد.
أولاً: اللجوء إلى الله عز وجل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يدعو فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن وضَلَعِ الدين وغلبة الرجال» (رواه البخاري، ومسلم)، كما روي عن ابن عابس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «يا ابن عابس، ألا أخبرك بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون؟»، قال: بلى يا رسول الله، قال: «قل: أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، هاتين السورتين) (رواه النسائي، وأحمد).
ثانياً: عليك باحتضان طفلك، وإشعاره بالحب والاهتمام، والإشادة به، وبقدراته ومهاراته، مع تقوية العلاقات الأسرية، وتعزيز أجواء التفاهم والحوار بين أفراد الأسرة؛ لأن هذا سينعكس عليه بالإيجاب، ويمنحه شعوراً بالأمان، مع تجنب إبداء الخوف الشديد والسيطرة الزائدة عليه، حتى لا تزداد مقاومته للقيام بالمهام المطلوبة، وبالتالي يأتي الكسل والخمول كرد عكسي لذلك.
ثالثاً: استكشف أسباب الخمول لديه، اطمئن من أمه وأصدقائه على حالته الصحية والنفسية، أو صارحه بشكل مباشر لتعرف أين تكمن المشكلة تحديداً، هل لديه كل ما يحتاجه؟ ماذا يريد؟ كيف يخطط لتجاوز ذلك؟ بذلك ستخفف من الضغوط التي يشعر بها، وقد تساعده على ترتيب جدوله اليومي والدراسي.
رابعاً: استثارة الحماس والشغف لديه، من خلال ممارسة ألعاب المعلومات، أو تنظيم مسابقة ما بين أفراد الأسرة، أو ابتكار طريقة جديدة للتنافس، مع وضع جائزة للفائز بها، وهو ما سيخرجه من أجواء الخمول إلى المرح، وسيعيد إليه النشاط من جديد، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال نزهة مثلاً، أو ممارسة نشاط رياضي، أو السفر للريف ومشاهدة مناظر الطبيعة الجميلة، والتفكر في آيات ونعم الله عز وجل.
خامساً: اجعل طفلك يعتمد على نفسه، فقط قدم له عدة مقترحات للخروج من حالة الملل، وامنحه الفرصة لاستعادة الشغف، من خلال إعداد وجبة طهي بمفرده، أو رسم لوحة مدرسية، أو جولة تسويقية، فهذه أنشطة تنمي لديه مهارات عدة، وتشعره بذاته، وقدرته على اتخاذ القرار بنفسه.
سادساً: من الحكمة تعليم طفلك مواجهة الإحباط، وأن كل إنسان قد يمر بنفس حالته، هنا يظهر دور الأب والأم في دعم طفلهما، وتوجيهه للتعامل مع هذه المشاعر بشكل إيجابي، وكيف يكون صلباً في مواجهة العقبات، وكيف يتجاوز خموله وكسله؛ لأن عواقب ذلك لن تأتي إلا بالمزيد من التدهور.
سابعا: ساعد طفلك على الالتحاق بنشاط ما؛ رياضي أو علمي أو تطوعي، حتى لو لم يحبه في البداية، لكنه سيستفيد منه، وسيتعلم من أجوائه مهارات عدة، وقد ينبغ فيه لاحقاً، وهذا جزء من عملية التعلم، تضاف إلى التعليم المدرسي، ولا تقل أهمية عنه.
ثامناً: تعزيز المثابرة لدى الطفل، ومساعدته على تقسيم المهام إلى خطوات صغيرة وواضحة لتسهيل الإنجاز، وإرشاده إلى أن الوقت جزء من عملية التعلم والنضج، وأن الصبر مفتاح الفرج، وأن المثابرة طريق النجاح، ويمكن أن تضرب له أمثلة على ذلك من واقع حياة المحيطين به من الأقارب والأصدقاء، وكذلك من التاريخ والسير، مذكراً إياه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً» (رواه أحمد).
تاسعاً: ساعده على إطلاق مشروع خاص ولو صغير، مثلاً بيع الهدايا، أو العصافير، أو رسم لوحات طبيعية، بحسب مجلة «فوربس»، فإن الطفل في حاجة للشغف من خلال غرس حب العمل لديه في هواية ما أو نشاط مفضل لديه، ويجب مناقشته فيما يحب أن يعمل، وكيف يحوله إلى هدف ومشروع، بحسب رائدة الأعمال والكاتبة نيللي أكالب.
عاشراً: حاول اكتشاف طفلك؛ صفاته، قدراته، مواهبه، حدد نوع شخصيته؛ انطوائي، خجول، اجتماعي، فكل طفل لديه شيء جميل قابل للنمو والتطور، ولديه ملَكَة ما كفيلة بإشعال الحماس لديه، ونفض الكسل عنه، وهنا يجب التنويه بنقطة مهمة، وهي أن تقصيره في أداء الواجب المدرسي مثلاً لا يعني أنه فاشل أو كسول، بل ربما لا يجد الحافز إلى ذلك، أو يكره مدرس المادة؛ وبالتالي يبغض أداء واجبه المنزلي، ولذلك ينصح التربويون بالمتابعة الجيدة من قبل أولياء الأمور، وحسن التواصل مع معلمي المدرسة التي يقصدها، وكذلك مع إدارتها.