يتأهب الآلاف من السوريين للعودة إلى وطنهم، بعد سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد، وزوال حكم ظل جاثماً على الصدور لعقود، ذاق خلالها الشعب السوري مرارة الظلم والقهر في سجون وزنازين الموت في صيدنايا وحماة وحمص ودمشق.. وغيرها.
«المجتمع» التقت عدداً من السوريين المقيمين في مصر؛ للتعرف على رؤيتهم للحاضر والمستقبل، وأحلامهم في سورية الجديدة، ومطالبهم خلال المرحلة المقبلة.
يقول الحاج ياسر الشامي، الذي فر بأسرته من سورية عام 2013م: إنه فر هارباً إلى مصر، واستطاع مع أبنائه قهر الصعاب وعمل مشروع استثماري صغير يتمثل في محل بيع للدواجن، ثم تطور إلى محل للمأكولات الشامية، حتى كتب الله لهم النجاح، مضيفاً أنه سيعود إلى وطنه للمشاركة في جهود البناء وإعادة الإعمار.
يتابع، في حديثه لـ«المجتمع»: إن الشوق لسورية ظل قائماً حتى نجحت الثورة، التي لا بد لها أن تكتمل، بتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للسوريين، ورد الحقوق لأهلها، وعودة جميع اللاجئين من دول العالم.
وتؤكد روضة مصطفى، التي لجأت إلى مصر مع والدتها وأخواتها البنات بعد استشهاد والدها وزوجها، أن قرار الرجوع قادم لا محالة؛ لأنها مليئة بالأشواق الحارة لعائلتها وجيرانها وصديقاتها في سورية، مضيفة أنه رغم النجاح الكبير الذي حققه السوريون في مصر واحتفاء المصريين بهم، فإن هذا لن يمنعهم من الشوق والرجوع إلى الوطن، واستعادة حريته وكرامته، ولكن في الوقت الحالي الرؤية ليست واضحة تماماً للمستقبل الذي نأمل أن يكون مشرقاً لسورية والسوريين.
وطن حر
الحقيقة نحن في حيرة من أمرنا، هذا ما أكدته أسرة فراس محمود التي عاشت ظروفاً مأساوية أثناء وجودها في سورية، إلا أن المستقبل ما يزال غامضاً في البلاد، خاصة مع التدخل الصهيوني الغاشم عقب هروب الأسد، وتوالي المؤامرات من الصهاينة والأمريكيين وأعوانهم في الداخل والخارج الذين لا يريدون لسورية الخير.
يوضح محمود، خلال حديثه لـ«المجتمع»، أن قرار الرجوع إلى الوطن ستحدده الأحوال المستقبلية التي يتم التعرف عليها يومياً من خلال بقية العائلة في سورية، وبمجرد الاستقرار وعمل دستور جديد وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة، سيكون قرار الرجوع فوراً إن شاء الله؛ لأننا مهما طال الزمان سنرجع، داعياً الله تعالى أن يوفق القادة الجدد لوطننا الغالي في إعادة بناء سورية حرة قوية مستقلة موحدة.
وتقول الحاجة أم أيمن، التي فقدت أحد أبنائها على يد شبيحة الأسد: إنها لم تفقد الأمل يوماً في رحمة الله بالشعب السوري الذي يستحق وطناً مستقراً يعيش فيه أبناؤه مثل بقية شعوب العالم، وخاصة أن الشعب السوري يتميز بالإبداع وحب العمل والنجاح.
وتحذر أم أيمن الثوار الأحرار مما يحاك لسورية؛ لأن الحرية ثمنها غال، وذيول النظام ودعاة الطائفية لن يتوقفوا عن التآمر على حاضر ومستقبل سورية، مشيدة بما حظيته من كرم الضيافة في مصر وغيرها من البدان العربية، وفرحة شعوب العالم العربي بزوال حكم الطاغية بشار، وانتصار الثورة السورية.
سورية الغد
ويروي د. ملهم الخن، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «سورية الغد»، مؤسس جروب «اللمة السورية»، أنه منذ جاء إلى مصر قام مع مجموعة من المتطوعين بتأسيس «سورية الغد» عام 2012م؛ لرعاية أوضاع السوريين في مصر وحل المشكلات التي تواجههم، والتواصل مع الجهات المصرية المعنية ومنظمات المجتمع المدني لإيجاد حلول مناسبة وسريعة قدر الإمكان، تراعي ظروف اللاجئين السوريين، وتقديم الخدمات إليهم من خلال مشروعات تنموية وطبية وتعليمية وترفيهية وغيرها مما تحتاجه الأسرة السورية حتى تستقر أوضاعها من خلال عمل شريف يتناسب مع ظروف كل أفرادها، حتى لا نكون عالة على أحد.
ويضيف الخن أن وراء هذا الجهد مجموعة من الطلاب السوريين، عملوا منذ البداية على تقديم المساعدات العاجلة للاجئين، وتقديم الدعم اللازم لهم وخاصة للذين هم من دون معيل والفاقدين لأحد ذويهم، كما كان العمل في تلك الفترة يسير بشكل تطوعي، وهذا لن ينسينا احتضان المصريين لنا وتضامنهم الكامل معنا، والوقوف معنا في الظروف الإنسانية الصعبة التي واجهتنا.
يتابع، خلال حديثه لـ«المجتمع»: رغم فرحة كل السوريين في العالم بسقوط النظام المستبد الذي أخرجنا من ديارنا إلى كل قارات الأرض في أوضاع مأساوية، فإن قرار العودة أمر يخص كل أسرة؛ نظراً لاختلاف الظروف من أسرة لأخرى، ولكن يظل الشوق للعودة الآمنة أمل كل سوري في الخارج؛ لإعادة إعمار سورية، واستكمال مسيرة الثورة، حتى تعود بلادنا حرة مزدهرة شامخة بإذن الله تعالى.