معاذ الجاهوش (*)
قضت سُنة الله تعالى التي لا تبديل لها (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء: 105)، ومضت سنن الله منذ بدء الخليقة أن النصر مع الصبر، وأن طريق النصر مليء بالفتن والصعوبات.
وفي عالم تحكمه القوة، والشهوة للسيطرة والتحكم، انتصر الشعب السوري بعد ثورة امتدت لأكثر من 13 عاماً، عانى فيها السوريون من كافة أنواع الأذى والطغيان؛ من قتل وتشريد ومعتقلات، وأزمة اقتصادية خانقة، انتصر الشعب السوري على جلاديه وامتلك اليوم زمام أمره، ولعله من الواجب رسم خارطة طريق نمضي بها بالأيام القادمة نرجو أن توصلنا لبر الأمان وترسي أركان دولة مستقرة آمنة.
ويمكننا أن نحدد مجموعة من الأولويات لهذه الخارطة، نرى أنها مهمة جداً للسير الصحيح، نوجزها فيما يلي:
وضع خطة واضحة المعالم مدتها عام كامل، نحاول فيها السيطرة على مجريات الأمور وفق الأولويات التالية:
1- بسط الأمن: يجب العمل على إرساء الأمن الداخلي في كل مدينة وبلدة وقرية داخل سورية، ونقصد بالأمن أن يتحرك الناس لأعمالهم من غير خوف لا من قطاع طرق ولا سلاح بأيدي مدنيين، وأن يجد الناس مرجعاً أمنياً موثوقاً يلجؤون إليه عند حدوث أي انتهاك.
2- توفير الاحتياجات الرئيسة للناس: وهذا يتطلب عودة العجلة التجارية وتوفير السلع الأساسية في الأسواق بأسعار مقبولة، إن البيئة الآمنة لرأس المال تعجل من عودة السلاسل التجارية للبلد وتوفر للمواطن احتياجاته المختلفة.
3- عدم سحب المظاهر المسلحة من الشوارع: ونقصد هنا أن يظل الجيش السوري الحر مرابطاً في أماكنه بكامل عدته ليضفي على المشهد صورة القوة والاستعداد لردع أي مخالفة أو تطرف.
4- العدالة الانتقالية: يجب أن تبدأ الحكومة بنشر خطتها للناس حول آليات المحاسبة لمن تلطخت أيديهم بدماء الشعب، وفتح مراكز رسمية لتلقي الشكاوى والأدلة، وأن تبدأ المحاكمات، ليشعر الناس بالقصاص، وتنتهي فكرة الانتقام والثأر.
5- منع المطالبات الفئوية: في هذه المرحلة المبكرة من الوضع الجديد، يجب ألا تربك الساحة بالمطالبات الفئوية أياً كان شكلها، ويجب تأجيلها ومنعها حتى يستتب الأمر وتستقر أركان الدولة.
6- كتابة دستور جديد: يتطلب الأمر الإسراع في تشكيل لجنة لكتابة دستور جديد للبلاد، تعطى هذه اللجنة مدة زمنية لا تتجاوز 6 أشهر للانتهاء من عملها، ومن ثم يطرح الدستور الجديد للاستفتاء، وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية ألا تُجرى أي انتخابات لأي مكون من مكونات الدولة قبل انتهاء الاستفتاء على الدستور واعتماده.
7- تسجيل موقف دولي يدين الهجمات «الإسرائيلية» على الأراضي السورية ويرفضها.
8- العمل على الاعتراف الدولي: وهذا عمل يجب أن يبدأ من اليوم الأول بمساعدة من الدول الشقيقة والصديقة، ويتطلب هذا الأمر توفير كافة الأمور التي يتطلبها هذا الاعتراف.
9- التواصل مع أصحاب التجارب المشابهة: إن الاستفادة من تجارب بعض الأحزاب التي وصلت للحكم في بعض الدول العربية ومعرفة الصعوبات والتحديات التي واجهتم مهمة للغاية.
بهذه الخطوات نرجو لثورتنا الاستمرار والنجاح والتحول لدولة مستقرة، ولعل أهم ما يميز ثورة سورية وجود قوة تحمي إنجازاتها وتدافع عنها في وجه أي ثورة مضادة، ونسأل الله تعالى أن يتمم الأمر على أحسن حال وأفضل مثال.
_________________
(*) كاتب سوري، رئيس سابق للحزب الوطني للعدالة والدستور (أسس بالمهجر 2013م).