الفرص هي الظروف أو الأوقات التي تسمح لك بإنجاز مهمة ما، وهي حالة تعتريك ناتجة عن مزيج من الدافع النفسي والقبول المجتمعي لإنجاز ما تتطلع إليه.
والفرص تتشكل عبر تجاذب وتواصل فيما بين دوائر ثلاث: دائرة الذات، ودائرة المجتمع المحيط، دائرة الإمكانات.
أما في الذات، فهي: نمط حياتك، وأسلوب تفكيرك، واطلاعك المعرفي، ومهاراتك.
وفي المجتمع، تتمثل في: التشريعات والقوانين والأنظمة، ونمط حياة المجتمع، والإمكانات.
وفي الإمكانات: حتى وإن كانت موجودة، فهل هي متاحة؟ ومدى كلفتها، وجدواها على الذات أو المجتمع، حيث لا يهم موقعك الجغرافي (قرية، صحراء، مدينة).
نضرب مثالاً بالفرص المتاحة في بلد مثل ناميبيا الأفريقية هي على مستويات:
1- مستوى رفيع: عبر استكشاف المخزون للمعادن الثمينة التي تحتوي الأرض.
2- مستوى متاح: باعتبارها وجهة سياحية للأوروبيين الراغبين باستكشاف الطبيعة الصحراوية.
فحال تم اختيار المستوى الأول، نكون حينها بصدد فرص مع: شركات التنقيب عن المعادن، والبنوك، ودراسات جدوى وتدشين شركات، والبحث عن شركاء (أفراد، شركات)، وأسواق لتأمين صفقات البيع بشكل قانوني، وحماية ضد القرصنة.
وحال تم اختيار المستوى الثاني، نكون حينها بصدد فرص مع: شركات إعلان وعلاقات عامة، وشركات سياحية، وشركات طيران، ومطارات، وبنية تحتية تخدم على الحركة السياحية (فنادق، مطاعم، مواصلات، أمن..).
ومع كل تفريع لاختيار مما سبق ثمة ما يستحق الاستكشاف من علاقات وفرص، وما قد ينم عن أخطار أو ما يجب أن نحتاط له.
ولعل عبر المستوى الثاني، كاختيار، فلعل الفرص تكون عبر فتح فروع لمكاتب سياحية في 170 دولة حول العالم، أو مع الاختيار الأول ستنعم بشراكات مع كبرى العلامات التجارية المسوقة للألماس، أو عضوية في مجالس إدارات أشهر البنوك عالمياً، هذا على المستوى الاقتصادي، ناهيك عن عوائد ذلك في المجالات كافة الاجتماعية والسياسية والتعليمية.
فالفرص والبدائل هي ما جعلت غاندي، على سبيل المثال، ينتقل من أن يكون مجرد محام في جنوب أفريقيا يمارس مهنة المحاماة ليصبح صاحب توجه مجتمعي للسلام في الهند.
فعلى سبيل المثال، ومن أجل تبسيط مسار الاختيارات، فحال كانت الأزمة في قرية نائية موضوعها «شحة الماء»، فقد تكون هناك على سبيل المثال بعض العناصر المتاحة من أجل تحقيق ذلك، منها: حفر بئر ارتوازية، عمل سد لتجميع ماء المطر، حفر خندق أو خنادق لتجميع مياه الأمطار، مد خط أنبوب مائي عبر أقرب مدينة.
فإن وقع الاختيار على حفر بئر ارتوازية تكون الفرص قد فتحت عبر مسارات عدة في مثل: الطلب من شركة تتمتع بتواجد دولي، رفع الطلب للوزارة المعنية، الطلب من منظمة إغاثية دولية، دعوة لجمع مال من أهل القرية لتكليف شركة.
ومع كل اختيار من تلك الخيارات ثمة علاقات وفرص ستنكشف بعد طرق باب كل اختيار، فمع الطلب من شركة تتمتع بتواجد دولي في حفر البئر، قد يتم الأمر بشكل احترافي من قبل الشركة وبشكل أسرع حين تتم الموافقة، وهو ما قد يفتح مجالاً للشركة باعتماد القرية كنموذج لتنفذ عبره مشاريعها الخاصة بالمسؤولية المجتمعية.
وحال كان الاختيار الطلب من الوزارة المعنية في حفر البئر، فقد يكون في تقاعس الوزارة في تنفيذ الطلب؛ ما يفتح مجالاً لتشكيل لجنة من وجهاء القرية لتعزيز علاقة رسمية مع وزارات الدولة للضغط أو رفع مطالبات مماثلة من قرى أخرى، ومنها ما قد يؤدي لاعتماد قسم في إحدى وزارات الدولة لتلبية طلبات المناطق النائية.
وفي حال كان الاختيار عبر الطلب من منظمة إغاثية دولية في حفر البئر، فقد يفتح ذلك ملفاً لاحتياجات القرية والقرى الأخرى مع تلك المنظمة مستقبلاً.
وحال كان الاختيار عبر جمع المال من سكان القرية في حفر البئر، فقد يؤدي النجاح في ذلك لاعتماد مجلس لحل أزمات مشابهة مستقبلاً أو لتطوير مرافق القرية العامة.
الأزمات على مستويين، هما:
1- ما يستحق أن تنبري له لتتغلب عليه عبر حل.
2- ما يحتاج لأن تعيد النظر فيه كي تصنفه، كأن يستحق أن تطلق عليه «إنجازاً» أو «أزمة».
إذاً، على ضوء ذلك، يصبح تعريف الأزمة مرتبطاً بإدراك الشخص ذاته حين يتعامل مع الأزمة عبر:
1- إعادة النظر في أسلوب التفكير لديه.
2- إيمانه من أن الأزمة هي رسالة من الله إليه، ولا يمكن أن يأتي من الله الودود إلا كل جبر وجميل.
3- مطالعة الأدوات والإمكانات المتاحة من حوله على النقص الذي يعتريها، من أنها ستكون كافية للخروج من الوضع الذي هو فيه.
4- انطلاقاً من (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى) (الأنفال: 17) يؤمن بقدرة تلك الأدوات على ما يعتريها من ضعف بقوة مستمدة من حول الله لا بحوله.
حينئذ سيكون الإنجاز مدوياً كدوي البالونات التي أطلقها الغزاويون فدحضوا فيها «القبة الحديدية»، وتأخذ منظومة الإنجازات مساراً من المهرجانات حتى في جانب الفنون كي تتمكن من إيصال رسالتك على نحو غير مسبوق عبر وسائل الإعلام والمعارض الدولية حين تعمد ريشة الفنان لاستنطاق أدخنة بارود الحرب.
أما (وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ) (التوبة: 25) فهو الإدراك حين يعتريه الخلل، فلا يجد حتى في البسط الذي هو فيه إلا الضيق، ذلك أن السعة والضيق أمره في الغالب نفسي وعقلي.