كانت عملية «طوفان الأقصى» البرّيّة والبحريّة والجوّيّة، في 7 أكتوبر 2023م، التي استهدفت مستوطنات غلاف غزة بداية الربكة والتناحر السياسي والعسكري والشعبي في الكابينة الحكومية «الإسرائيلية» برئاسة بنيامين نتنياهو!
وصدمة «الطوفان» كانت مناسبة لإطلاق جملة من التهديدات والتصريحات الصهيونية ضد المقاومة الفلسطينية، التي لم يُكتب لها النجاح!
وغالبية تلك التهديدات كانت من نصيب نتنياهو، حيث إنه، وبعد 72 ساعة، وبعد أن خَفَّت الصدمة، قال: إن ردّ «إسرائيل» على الهجوم غير المسبوق الذي نفّذته «حماس» من غزة سيُغيّر الشرق الأوسط!
وفي محاولة للَملَمة جِرَاح الكيان الصهيوني، وزرع الثقة بحكومته، تَوعّد نتنياهو بالقضاء على «حماس» ومنع غزة من أن تُشكّل مصدر خطر وتهديد لـ«إسرائيل»، وسيقضي على كافة قدرات حركة «حماس» العسكرية والسلطوية!
وحتى نُثْبت أن المقاومة صلبة، وبقيت تُناور في ميادين غزة، نشير إلى أن رجال غزة، وخلال مرحلة المفاوضات في الأسبوع الثاني من يناير 2025م، قتلوا 10 جنود صهاينة في غزة!
ومعلوم أن «إسرائيل» خسرت في اليوم الأول لـ«طوفان الأقصى» 1189 من العسكريين والمستوطنين «الإسرائيليين»، وبعدها فقدت خلال معاركها البرّيّة نحو 350 جنديًا وضابطًا من جيشها، وأصيب نحو 5 آلاف بينهم 695 جراحهم خطيرة، وفقًا لمعهد أبحاث الأمن القومي «الإسرائيلي»!
وقال نتنياهو، في 19 نوفمبر 2024م: إن «حماس» لن تَحْكُم غزة بعد انتهاء الحرب، وإن «إسرائيل» دَمّرت القوة العسكرية للحركة، وكل مَن يجرؤ على إيذاء رهائننا سوف نتعقبهم، ونقبض عليهم!
ومع ذلك أُجبرت «إسرائيل» على التفاوض مع «حماس» وبضمانة العديد من الدول ومنها قطر والولايات المتحدة ومصر!
وبخصوص الأسرى الصهاينة لدى المقاومة، تعهّد نتنياهو بمنع دخول الوقود إلى غزة، أو وقف إطلاق النار من دون عودة المختطفين، وتعهد لعوائلهم بالعمل على «جميع الجبهات لإعادة أحبائكم»!
وهذه الوعود لم تجد طريقها للتنفيذ كون القرار ليس بيد نتنياهو رغم قدرة قواته الهائلة، لكن صلابة المقاومة كانت هي الأقوى والأشد، وهي صاحبة الكلمة في الميادين العسكرية والسياسية والتفاوضية!
وتأكيداً لحقيقة الهزيمة «الإسرائيلية» في الميادين العسكرية والسياسية رغم الضربات القاسية ومئات المجازر التي خَلّفت عشرات آلاف الشهداء، أكّد رئيس مجلس الأمن «الإسرائيلي» السابق الجنرال غيورا آيلاند بأن حرب غزة هي فشل كبير لأنها لم تحقق أهدافها، وكان من الممكن التوصل لنفس الصفقة في مايو 2024م، ومنذ ذلك الوقت قُتِل 120 جنديًا!
والمذهل، أنه ومع استمرار المفاوضات بين المقاومة و«إسرائيل» لإنهاء الحرب، قال وزير خارجيتها جدعون ساعر، في 14 يناير 2025م، من روما: إن الدولة الفلسطينية في الوضع الحالي ستكون دولة «حماس»!
وأكّدت «وكالة الصحافة الفرنسية» منتصف الشهر الحالي أن «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وافقتا على اتّفاق وقف إطلاق النار، فمَنْ هو المفاوض لـ«إسرائيل»؟ هل هم رجال المقاومة أم غيرهم!
فأين هي أهداف نتنياهو من الحرب، وهل نجح في تحقيق أهدافه العسكرية وتهديداته شبه اليومية؟ وهل قضى على «حماس» والمقاومة الفلسطينية بعد 15 شهراً من الحرب؟
إن القدرات الفائقة للقوات الصهيونية جعلت نتنياهو يَغْترّ بإمكانية تنفيذ كلّ ما يقول، ولكنّه واجه صلابة نادرة، ومقاومة صلبة قَلّ نظيرها في العصر الحالي، التي أكّدت للجميع أن قضية فلسطين لن تموت وستنتصر رغم الدعم الدولي للكيان الصهيوني!
لقد ذهبت وعود نتنياهو أدراج الرياح، وكانت الكلمة الفصل في أرض المعركة والميادين العسكرية والتفاوضية للمقاومة ورجالها!
مبارك لغزة وأهلها ومحبيها هذا النصر العظيم، وهو مُقدّمة للنصر الكامل والتامّ لكامل أرض فلسطين والقدس و«الأقصى»!
____________________
dr_jasemj67@