اعتبر المفكر السياسي المصري مجدي أحمد حسين، المتخصص في الشؤون العربية والإسلامية، الإعلان عن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة نصراً إستراتيجياً لصالح المقاومة والشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، مشدداً على أن الكيان لن يفيق بسهولة أبداً من صدمة «طوفان الأقصى» وتداعياتها، خاصة أنه ينسحب الآن مع استمرار القوة العسكرية في غزة ولبنان والعراق واليمن.
وفي حوار مع «المجتمع»، توقع حسين أن تأخذ القضية الفلسطينية في الفترة المقبلة وضعها من جديد في صدر اهتمامات الأمة والعالم، ولكنه ربط هذا بوجود رعاية واضحة لها من كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية واستمرار اعتبارها القضية المركزية للأمة بالفعل لا بالقول.
وفق تقييمك، لصالح من قرار وقف إطلاق النار؟
– لصالح المقاومة الفلسطينية بالتأكيد، ومن ثم لصالح الأمة العربية والإسلامية، العدو الصهيوني لم يحقق أي هدف من أهدافه المعلنة أو المضمرة، مثل: استئصال «حماس» نهائياً، وإعادة احتلال القطاع، وتهجير أهل غزة، وإعادة بناء المستوطنات في إطار ما سُمي بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وإعادة الأسرى بالقوة.
اليوم، يوقعون على اتفاق ينص على انسحابهم تماماً من كل غزة، بينما «حماس» متجذرة على الأرض بسلاحها وصواريخها وصناعتها الحربية، أما عن البيوت والمباني التي هدمت ستبنى من جديد، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
ما الأبعاد الإستراتيجية لهذا النصر الفلسطيني؟
– الأبعاد الإستراتيجية للنصر الفلسطيني متعددة، وفي مقدمتها أن المقاومة حطمت نظرية الأمن الصهيوني القائمة على نقل الصراع خارج أراضي الكيان وإنهائه في فترة قصيرة.
في معركة «طوفان الأقصى»، رأينا اجتياح المقاومة لكل غلاف غزة ومساحته أكبر من مساحة القطاع، ودارت فيه المعارك 3 أيام، ثم تواصل القصف بالصواريخ حتى «تل أبيب» وكل غلاف غزة، واستمر هذا حتى قبل إبرام الاتفاق.
وعندما تنهار أسس نظرية الأمن الصهيوني، فإن الكيان كله يتضعضع، ويكفي أنه تم رصد هجرة أكثر من مليون صهيوني خلال العام الماضي، ومن الصعب على الكيان أن يتماسك بسهولة بعد ذلك.
وأخيراً، فإن وقف إطلاق النار سيعطي الفرصة للمقاومة أن تعيد ترميم وتجهيز قوتها العسكرية.
ولا ننسى أن خروج أكثر من ألف أسير فلسطيني كان من أهداف المعركة، وهذا يؤكد قدرة المقاومة على تحرير أسراها وفرض إرادتها على العدو الأكثر تسليحاً والذي يتلقى مساندة غربية كاملة.
البعض رصد مظاهر هزيمة نفسية واضحة على مسؤولي الكيان، هل تتفق مع هذا؟
– الهزيمة النفسية للكيان الصهيوني واضحة على الجميع، وإعلام العدو يكشف إجماع الرأي العام الصهيوني من كل الاتجاهات على إدراك الهزيمة البائنة الظاهرة في هذا الاتفاق.
الكل يعلم أن هذا الاتفاق هو بالنص اتفاق مايو الماضي، وأن شروطه الأساسية من وضع المقاومة، وكان هذا موقفها منذ اليوم الأول للعدوان.
إن الكيان لن يفيق بسهولة، بل لن يفيق أبداً من صدمة «طوفان الأقصى» وتداعياتها، ويكفي أنه ينسحب الآن مع استمرار القوة العسكرية في غزة ولبنان والعراق واليمن.
بعد وقف إطلاق النار، ماذا تحتاج غزة تحديداً، من العرب والمسلمين وأحرار الغرب؟
– معروف أن القطاع يحتاج لحملة كبرى للإعمار والإغاثة والمساعدات، وعلى العرب والمسلمين الذين قصروا في حق غزة أن يعوضوا هذا التقصير في هذا الملحق!
وأحرار الغرب يعرفون واجبهم أكثر من أغلب العرب والمسلمين، فقد قدموا لغزة وفلسطين كل الدعم، بالمقاطعة والتظاهر والاعتصام والإعلام الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومطاردة المسؤولين الغربيين وتقريعهم، حتى ضربوا من الشرطة في الشوارع وتم سجنهم ومحاكمتهم.
وأعتقد أنهم لن يتخلوا عن قضية فلسطين، لأنها لن تحل بوقف إطلاق النار، فلا بد من انتزاع كل الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية.
كيف ترى دعوات استمرار مسار المقاطعة وعدم ربطها بوقف الحرب؟
– دعوات مهمة للغاية، وإستراتيجية، لا بد من التركيز على الاستمرار في المقاطعة، فالغرب وشركاته لم يتوبوا عن العدوان والظلم، ولكنهم أُجبروا على وقف إطلاق النار.
المقاطعة مهمة إستراتيجية لتشجيع الصناعات والمنتجات الوطنية، وتعميق الاستقلال الاقتصادي لكل البلدان العربية والإسلامية، مع قصر التعاون على البلدان الصديقة في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وبعض بلدان أوروبا غير الملوثة بالدم العربي والفلسطيني كإسبانيا وأيرلندا.
في ظل الوضع العربي الراهن، ما مستقبل القضية الفلسطينية في الفترة المقبلة؟
– ستأخذ القضية الفلسطينية وضعها من جديد في صدر اهتمامات الأمة والعالم، ولكن لا بد من رعايتها من كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية وتقديم السياج الحامي لها، ولكي تكون القضية المركزية للأمة بالفعل لا بالقول.