ينطلق كتاب «توجيهات نبوية في حماية الأسرة الإسلامية»، من خطورة ما تمر به الأسرة من تفكك في هذه الأيام، إذ هي لبنة بناء هذا المجتمع، التي تتطلب الحماية والصيانة والتمتين في مواجهة تقلبات وأعاصير الحياة.
يقول مؤلف الكتاب د. أحمد محمد عبد العال، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر الشريف: إن أساس النجاح ينبغي أن يكون الإنسان ذاته، وإن صلاح البيت الإسلامي لا يتأتى إلا بإرشادات مؤسسه، وواضع لبنته الأولى، ذلكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يستعرض الباب الأول من الكتاب، الصادر عام 2004م، كيف اعتنى الإسلام ببناء الأسرة، ووضع ضوابط العلاقة الزوجية، وحدد واجبات وحقوق كل طرف، فعلى الزوج السعي والكسب الحلال، وعلى الزوجة تدبير المنزل ورعاية الأبناء.
ويؤكد عبدالعال أهمية الزواج كأمان ووقاية للمجتمعات من الضياع السلوكي، والانحلال الخلقي، كونه قناة شرعية لإشباع الغرائز وتوفير العفاف، مشدداً على أهمية تيسير الزواج، ومحاربة الغلاء في المهور، حتى لا نجلب الشرور والمفاسد إلى مجتمعاتنا.
يتناول الكتاب جملة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤسس لعلاقة زوجية ناجحة وسليمة، بداية من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» (متفق عليه).
ويشير المؤلف إلى أهمية اعتبار الدين المطلب الأول في اختيار الزوجة أو الزوج، وجواز قصد الجمال والمال والحسب مصاحباً للدين، والكفاءة في الرجل والمرأة، وهي باتفاق الفقهاء الكفاءة في الدين فلا تحل المسلمة للكافر، بخلاف المسلم يحل له زواج الكتابية.
ويضيف أن الإسلام لم يحارب رغبات الإنسان الطبيعية، ولم يكبتها، بل رسم الطريق الصحيح لها، داعياً إلى الاعتدال في الأمور بلا إفراط ولا تفريط، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبِروا كأنهم تقالُّوها (أي: عدُّوها قليلة)، فقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا (أي: دائماً دون انقطاع)، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر (أي: أواصل الصيام يومًا بعد يوم)، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سُنتي فليس مني» (رواه البخاري، ومسلم).
ويشرح المؤلف في بابه الأول عدة مسائل تتعلق بالنظر إلى المخطوبة، والخطبة على الخطبة، وإذن المرأة في النكاح، والغلو في المهر، وتحريم نكاح المتعة، مشدداً على خطورة الآثار المترتبة على المغالاة في المهور، ومنها عزوف الشباب عن الزواج وتضييع أعمارهم وتفشي الرذيلة والزنى، وانتشار الزواج العرفي والهبة والمتعة وغير ذلك من مسميات طرأت على مجتمعاتنا في العصر الحديث.
ويفرد الباب الثاني من الكتاب للوصايا والنصائح النبوية الموجهة للمرأة المسلمة، وأيضاً حول كيفية التعامل معها، واحتوائها وحسن معاملتها بالمعروف والصبر عليها وتجنب الطلاق والأسباب المؤدية إليه، كما يحذر المؤلف الزوجة من كفران العشير، والحمو؛ أي قريب الزوج، وسفر المرأة بلا محرم، وضرورة سد الذرائع منعاً للفاحشة، ومنع تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال، والمغيرات خلق الله؛ أي الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، وغيرها من أمور فقهية تخص النساء وتؤثر على سلوكهن في الحياة الزوجية، فيحيد البيت المسلم عن بوصلته النبوية.
ويركز الباب الثالث من الكتاب، وعدد صفحاته 200 صفحة، على مسألة رعاية الأبناء في الإسلام، وفضل الإحسان في تربية البنات، والعدل بين الأولاد، وصور عدل الإسلام في توزيع الميراث بين الأبناء، واستحباب ما يؤلف بين الإخوة، والتسوية بين الأولاد حتى في الوصية، وبر الوالدين وحرمة عقوقهما، وفضل صلة الرحم.
ويختتم المؤلف في الباب الرابع إطلالته القيمة والثرية، باستعراض جوانب وأحكام الطلاق، وآثاره السلبية على الأسرة والمجتمع، متناولاً مسألة التحريم على المرأة أن تسأل طلاق الأخرى، وخطورة التفريق بين المرء وزوجه، بطلب المرأة طلاق أختها المسلمة للزوج من زوجها؛ ما يورث العداوة والبغضاء، والطلاق السني والبدعي، والطلاق الثلاث بلفظ واحد، مشدداً على أن الطلاق لم يشرع إلا لدرء المفاسد أو لجلب المصالح، مختتماً كتابه بالتأكيد على ضرورة المحافظة على البيت المسلم وحمايته من التفكك والانحراف.