في بداية العدوان الصهيوني على غزة، قال عدو الإنسانية بنيامين نتنياهو: إنه سوف يقضي على كل محور المقاومة في غزة، وتحديداً القضاء على «حماس»، وقد كتبت مقالاً حينها بيّنت فيه بأن القضاء على «حماس» ما هو إلا ضرب من الجنون! لأن «حماس» فكرة في عقول الرجال والنساء، والمقاومة فكرة ليست قاصرة على أشخاص ممن استشهدوا في هذه الحرب المجرمة التي حاول فيها العدو الصهيوني استخدام كل أسلحته الفتاكة، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً، وقام يستجدي مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في الدوحة مرة، وفي القاهرة مرة أخرى.
وتحت الضغط الداخلي الصهيوني، جاء العدو صاغراً لإجراء مفاوضات الدوحة، التي نسي عدو الإنسانية وعده بإنهاء «حماس» والمقاومة، وقام يتفاوض معها لإنهاء الحرب والخروج بمكاسب لصالحه، وهو ما لم يحدث، وإنما المكاسب جنتها «حماس» والمقاومة.
الحرب الصهيونية مع المقاومة قائمة حتى في ظل الهدنة، فالحرب ليست حرب سلاح فقط، والحقيقة أن الصهاينة دمروا كل شيء في غزة؛ الحجر والشجر، واستشهد نحو 47 ألف إنسان؛ أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وفي عقيدتنا الإسلامية أن قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار، كما رد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي سفيان يوم «أُحُد».
ولكن مَن المنتصر؟ الانتصار الحقيقي في النهاية، حيث إن الهدف المعلن للصهاينة لم يتحقق؛ وهو القضاء على «حماس»، فمَن المنتصر إذاً؟
الآن علينا واجب أكبر بعد انتهاء الحرب؛ ألا وهو الوقوف مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني عناءً شديداً؛ وذلك بإدخال المساعدات لهم، وأقترح لو خصصت الدول العربية يوماً إعلامياً تسميه «يوم فلسطين»؛ من خلال بث تلفزيوني ليوم كامل عن فلسطين، ويكون موحداً على مستوى الوطن العربي، بحيث يشمل تبرعات إنسانية لأهلنا في فلسطين.
لن ينسى الفلسطينيون، وخاصة أهل غزة، مَن وقف معهم ومَن خذلهم، وسوف تبقى صفحة الشرف ناصعة البياض لكثير من الدول التي وقفت مع فلسطين وقفة حقيقية، ومنها دولة الكويت الحبيبة التي دائماً كانت مساندة للقضية الفلسطينية، وفي طليعة من يقف مع الحق الفلسطيني، سواء داخلياً من خلال ما قدمته القيادة الكويتية من دعم لإخواننا في فلسطين، ولم ننس خطابات سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، حيث لم يفوت فرصة إلا تحدث عن فلسطين وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، وكذلك دور الحكومة ومنها وزارة الإعلام وتحديداً «تلفزيون الكويت» الذي ساند أهنا في فلسطين ببرامجه الإعلامية وتغطياته، أما الشعب الكويتي الكريم، فنقول باللهجة الكويتية: «كفيتوا وفيتوا وأشهد بالله أنكم أهل فزعة».
ونهيب بإخواننا في المقاومة الفلسطينية أن يكونوا دائماً حذرين ومتأهبين لكل خيانة للهدنة، فاليهود اشتهروا بنقض العهود والمواثيق، وكلنا يعلم ما قام به يهود بني قريظة ونقضهم للعهود مع النبي صلى الله عليه وسلم.
إن معركة «طوفان الأقصى» أحدثت آثاراً ونتائج كبيرة في الوطن العربي، منها التوافق اللبناني واختيار رئيس للجمهورية، ورأينا كيف تحركت الشعوب العربية وعادت قضية فلسطين القضية الأولى، ورأينا المهجرين العرب في أوروبا وأمريكا وكل دول العالم كيف تحركوا، وكيف تعاملت كثير من دول أوروبا وأمريكا الجنوبية وقطعت علاقاتها مع العدو الصهيوني، وكيف قلصت دول إسلامية كانت لها علاقات دبلوماسية وتجارية مع الكيان.
ومن نتائجها، كذلك، التفكك الاجتماعي والسياسي في الكيان المزعوم، وكيف قامت مظاهرات ضد عدو الإنسانية نتنياهو وحكومته المجرمة المتطرفة.
وبإذن الله تعالى، ستفرح أمهات وآباء وزوجات وأبناء الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وسيخرجون مرفوعي الرأس، شاكرين الله تعالى، ونترحم على جميع الشهداء وعلى رأسهم هنية، والعاروري، والسنوار، فإن دماءكم الزكية رويتم بها الأرض المقدسة وأثمرت هذا النصر المؤزر.
نكشة:
العالم لا يحترم الضعيف، بل القوي هو من يفرض الاحترام.