كان لافتاً إعلان “تنظيم الدولة” (داعش) مسؤوليته عن أول هجوم فدائي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بمنطقة الخضيرة على الطريق بين تل أبيب وحيفا، الذي قتل فيه جنديان “إسرائيليان” وأصيب 5، بعد يومين من عملية أخرى في النقب قالت الشرطة: إن منفذها سبق اعتقاله بتهمة الانتماء لـ”تنظيم الدولة” ثم أطلق سراحه.
“تنظيم الدولة” أعلن مسؤوليته عن الحادث، وقال، في بيان نشرته وكالة “أعماق”: “قُتل عنصران من الشرطة اليهودية على الأقل وأصيب آخرون بجروح، بهجوم انغماسي مزدوج”.
وأشار التنظيم إلى أن اثنين من مقاتليه “نجحا في الوصول إلى شارع هربرت صموئيل بمدينة الخضيرة شمالي فلسطين، وشرعا بإطلاق النار على قوة من الشرطة اليهودية، ما أسفر عن مقتل عنصرين”.
وأضاف: “واصلا الاشتباك مع القوات اليهودية في المكان، ما أسفر عن إصابة نحو 10 عناصر آخرين بجروح متفاوتة”.
وبحسب موقع “سايت إنتليجنس غروب” الذي يرصد أنشطة الجماعات المتطرفة، هذه أول مرة منذ عام 2017 يتبنى التنظيم هجوماً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يثير قلقلاً متزايداً، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
إعلان “داعش” مسؤوليته عن العمليتين أثار تساؤلات حول توقيت الهجوم ودخول التنظيم منطقة العمليات الاستشهادية
وأعلن جهاز الأمن العام الصهيوني (الشاباك) أن الشابين اللذين نفذا عملية الخضيرة وأدت لمقتل شرطيين ينتميان لتنظيم “داعش”، وهما خالد، وأيمن إغبارية، وهما أبناء عمومة من سكان أم الفحم في الداخل الفلسطيني المحتل.
ووفقًا للجهاز، فإن خالداً كان اعتقل سابقًا لدى جهاز “الشاباك” بتهمة تأييد تنظيم “داعش” ومحاولة انضمامه إليه في سورية، عام 2016.
وتأتي هذه العملية بعد أيام من عملية بئر السبع التي قتل فيها 6 “إسرائيليين” على يد محمد أبو القيعان الذي ادعى أيضًا “الشاباك” أنه من مؤيدي “داعش”، وكان معتقلًا سابقًا على ذات التهمة.
لماذا الآن؟
إعلان “داعش” رسمياً مسؤوليته عن هجوم داخل الدولة الصهيونية أثار تساؤلات حول توقيت الهجوم ودخول التنظيم منطقة العمليات الاستشهادية قبل شهر رمضان الذي يخشى الصهاينة أن يكون شهر اشتباكات ومواجهات على غرار العام الماضي.
فالتقديرات الصهيونية تشير إلى وجود ما بين عشرات ومئات معدودة من المواطنين العرب في الداخل المحتل الذين يؤيدون “داعش”.
لذا، دفع هذا جهاز الأمن لإعلان أنه يدرس فرض الاعتقال الإداري على مواطنين عرب اشتبهوا في الماضي أو سُجنوا إثر إعلانهم عن تأييدهم لـ”داعش”، وذلك بادعاء أن منفذ عملية الدهس والطعن في بئر السبع، الأسبوع الماضي، محمد أبو القيعان، كان قد سُجن إثر إعلانه عن تأييده للتنظيم.
وتأتي الخطوات لملاحقة هؤلاء في ظل انتقادات لـ”الشاباك” بالإخفاق في رصد مسبق لعمليتي الخضيرة وبئر السبع، وبادعاء أنه في أعقاب نجاح العمليتين، قد يعمل مشتبهون على إقامة “خلايا نائمة” لتنفيذ عمليات.
وسبق لـ”داعش” أن أعلن، في يناير 2020، بدء مرحلة جديدة من الجهاد تستهدف تدمير الكيان الصهيوني، ليفتح بتلك الخطوة مسرح عمليات مختلفاً، وساحة جديدة لكن هذه الخطوة تأخرت عامين تقريباً.
وأكد، في بيان حينئذ على لسان المتحدث باسم التنظيم أبو حمزة القرشي حينئذ بعنوان “دَمَّرَ اللهُ عليهم وللكافرين أمثالُها”، في تسجيل صوتي مطول بلغت مدته 37 دقيقة، بثته مؤسسة “الفرقان” إحدى الأذرع الإعلامية للتنظيم، أكد أن زعيم “داعش” الجديد عزم على مرحلة جديدة هي قتال اليهود واسترداد ما سلبوه من المسلمين.
ودعا البيان ما أسماه “جنود الخلافة” إلى “ضرب “إسرائيل”، خصوصاً المستوطنات، وإفشال خطة السلام الأمريكية، والمعروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن”.
وخص البيان بالذكر فرعي التنظيم في سيناء (ولاية سيناء) وسورية (ولاية الشام)، داعياً إياهما إلى قصف “إسرائيل” وجعلها أرضاً لتجربة أسلحتهم الكيماوية، كما اتهم البيان نفسه حركة “حماس” والجماعات الفلسطينية الأخرى بالردة والعمالة لتقاعسها عن الجهاد في مواجهة “إسرائيل”.
أيضاً كان لافتاً أن بيان التنظيم الأخير لم يقتصر على اللغة العربية أو الإنجليزية، وإنما تم نشره باللغة العبرية أيضاً كأنه موجه مباشرة نحو “الإسرائيليين” لتخويفهم وبث الرعب والخوف في نفوسهم.
وعام 2019، بث تنظيم “ولاية سيناء” التابع لـ”داعش” فيديو جديداً يهدد فيه “إسرائيل” بالوصول إلى مدينة إيلات (أم الرشراش في التسمية العربية)، بعدما توجهت أصابع الاتهام إلى التنظيم بالمسؤولية عن ضرب السياحة في مدينة شرم الشيخ المصرية عبر دور غير معلوم له في إسقاط الطائرة الروسية.
وتوعد التنظيم في الإصدار المرئي الجديد بعنوان “ثُمّ يُغلبون”، بأنه سيهاجم الكيان الصهيوني قريباً، ولا سيما مدينة إيلات، حيث قال المتحدث في الفيديو: إن التنظيم “آخذ بزيادة قوته في شبه جزيرة سيناء”، وقال: إنه “قريباً جداً” سيصل وسيهاجم مدينة إيلات (أم الرشراش).
أيضاً تداولت المواقع العبرية، في أكتوبر 2015، تسجيلاً مصوراً باللغة العبرية يظهر عنصراً من “داعش” بزي عسكري مختلف عن الزي الذي يظهر فيه عناصر “داعش” عادة، ويهدد فيه الكيان بعمليات قريبة.
وعلقت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية على هذا، مشيرة إلى وجود اعتقاد بأن عشرات العرب “الإسرائيليين” سبق أن سافروا إلى المقاطعات التي يسيطر عليها “داعش” في سورية والعراق.
ويتوقع خبراء “إسرائيليون” أن يؤدي دخول “داعش” على خط المواجهات داخل دولة الاحتلال لتصعيد المواجهات مع الفلسطينيين؛ ما قد يؤدي لتكرار سيناريو رمضان 2021 حين اشتعلت المواجهات وامتدت لحرب بين غزة والاحتلال.