لطالما لفت نظري الشعار الرسمي لمقهى ستاربكسStarbucks Coffee إذ كان يترك في نفسي شعوراً بالغربة والغرابة
لطالما لفت نظري الشعار الرسمي لمقهى ستاربكسStarbucks Coffee إذ كان يترك في نفسي شعوراً بالغربة والغرابة، كنت دائما أعزيه لكون الشعار تاريخياً وجغرافياً بعيد كل البعد عن الرقعة والفكرة التي أنتمي إليها. كنت أحسبني وحدي التي تستغرب الشعار بين الكثيرين ممن يرتادون ستاربكس، وإذا بأغلب من أعرف يحمل الشعور نفسه ويفعل فعلي نفسه! كلنا نتوقف عند باب المقهى.. نشتري القهوة.. نتأمل الشعار ونستغرب.. ندفع مالنا ونحن نفكر في الشعار، ثم نعاود الكرة دون أن نستغرب من أنفسنا، ونظل ندور في نفس الحلقة، ونواصل تحدي أنفسنا دون أن نفكر في حل لغز التناقض.. ذلك أن ما ندفعه في ستاربكس ضعف ما قد ندفعه لو شربنا القهوة في مكان آخر، وعشرة أضعاف تكلفة أعددناها في المنزل.
«ما من مشكلة فنحن نشرب قهوة لا نشرب الشعار ولا المبدأ أو الفكرة!» هذا كان عزاءنا.
حتى اقترح محدثي: «لنتعرف على ستاربكس أكثر، وماذا عن ستاربكس؟» هكذا فكرت أولاً!
لا أظنني سأتجاوز في مقالي تلك الإشاعات التي تثار حول شعار محل القهوة الشهير ولن يكلفني الأمر سوى دقائق وسطور…
وبدأت العمل…
وبعيداً عن الشائعات والمشاعر قررت أن أشرب قهوتي المفضلة من ستاربكس وأنا أحاول إقناعها أن تتكلم، حتى بدأ كوب القهوة يحاكيني ويحكي لي ولكن بخجل.
أنساني هول ما حكى الكوب انشغالي بالفكرة الأولى؛ إذ كان فيه ما هو أهم وأولى!
«في ستاربكس أنا أكثر من كوب، وما أرتديه أعمق من شعار، نحن في ستاربكس معان متعددة ستحتاجين لسردها صفحات».
ثم أوصاني أن أحكي الحكاية..
بعدها كان الوداع…
وإنفاذاً لوصية من كان يوماً في عداد أحبابي، وصار اليوم غريباً عني نعرض في م كل المعلومات المثيرة المتعلقة بالمقهى الشهير، مبتعدين عن الشائعات ومركزين على الموضوعية، وذلك من منطلق إيماننا بأن الفكر الذي تنطلق منه «ستاربكس» سيختلف بطبيعة الحال عما نؤمن به، ولذلك الإيمان أمور تختلف عما نجده عندنا نحن المسلمين. ولهذا فإن هذا المقال سيناقش تلك النقاط التي هي محل تلاقٍ بيننا وبين كل من يشاركنا «الإنسانية» التي تترجمها قواميس كل الأديان بأنها حالة عامة تجمع بين كل البشر. تلك الإنسانية التي يتحداها «ستاربكس».
نبذة تاريخية:
لم يكن أحد من الأساتذة الأكاديميين الثلاثة (جيري بالدوين Jerry Baldwin وزيف سيجالZev Siegal أو حتى جوردون بوكرGordon Bowker يتصور أن «ستاربكس» محل القهوة والشاي والتوابل الذي افتتحوه في العام 1970م سوف يصبح في العام 2006م واحداً من أكثر محال القهوة شهرة في العالم بفروع يزيد عددها على الـ 4000 فرع؛ إذ إن البداية كانت في سياتل في الولايات المتحدة الأمريكية بمحل صغير في منطقةPike Place ولكن بعد أن زار رجل الأعمال اليهودي هوارد شولتز Howard Schultz ستاربكس في إحدى رحلات عمله في سياتل؛ قادماً من نيويورك لم يعد بإمكانه أن يتوقف عن التفكير بمحل القهوة الذي ترك في نفسه نوعاً من السحر، وكثيراً من الحماس لم يعهدهما من قبل.
ظل شولتز حريصاً على الاتصال بالملاك الثلاثة حتى استطاع أن يقنعهم بأن يعمل معهم بشكل جزئي، وأن يزيد فروع ستاربكس لتصل إلى باقي المدن في الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد فترة من العمل اختلف الملاك مع شولتز، مما اضطره لافتتاح محل قهوة خاص به سماه «إلجورنيلي» Il Giornale وذلك في العام 1985م. ومن أجل تأكيد عشق مالك القهوة للسرعة في الإنجاز والعمل صمم شعار «إلجورنيلي» ليحمل صورة «ميركوري»(1) إله الحرب أو (رسول الله السريع) حسب الأساطير الرومانية!
عندما أعلن الملاك الثلاثة لستاربكس عن رغبتهم في بيع محلهم واسمه لعدم تفرغهم له، سارع شولتز بشراء المحل وذلك في العام 1987م وصارت «إلجورنيلي» هي «ستاربكس»، وتمت المحافظة على شعار ستاربكس الأصلي ليبقى شعاراً لمحال القهوة.
النمط البحري لكل من الاسم والشعار يعود إلى أن أحد ملاك ستاربكس الأوائل كان من محبي أدب البحار، وكلا الاسم ستاربكس والشعار يدلان على ذلك. فستاربك Starbuck هو البحار الأول في رواية البحر الشهيرة موبي ديك Moby Dick أما الشعار الذي تطور ليأخذ الشكل الذي نعرفه اليوم، فهو عبارة عن صورة لحورية بحر، تدرج من كونها عارية في الجزء الأعلى من جسدها حتى صارت على حالها اليوم.
بدأ توسع «ستاربكس» العالمي في العام 1997م بافتتاح 12 فرعاً باليابان، ثم عشرات الفروع الأخرى في دول الخليج العربي ولبنان والكيان الصهيوني وغيرها من الدول، ليصل عدد فروع الشركة إلى أكثر من 4000 فرع.
بطبيعة الحال، فإن نجاح «ستاربكس» الذي نشهده هنا في منطقتنا ويدل عليه كثرة مرتادي المقهى المذكور، هو أمر لا يستنكره أحد، فكفاح شولتز الطويل وتدخله في دقائق أمور الإدارة والإنجاز في شركته، لابد أنه سيأتي بثماره اليوم أو غداً. ولكن شأن «ستاربكس» شأن معظم الشركات الأمريكية الناجحة: تضطلع من وسط نجاحها بأدوار اجتماعية وسياسية عديدة تعبر عن الانتماء الفكري لملاكها.. الذي عادة ما يروج له عبر تصريحات الملاك أو عبر منتجات الشركة. وهذه الأدوار هي محل خلافنا ونقطة انطلاقنا في نقاش ما يثار حول «ستاربكس» من اتهامات حقيقية جعلت روادها في موطنها الأصلي الولايات المتحدة الأمريكية يشنون ضدها ما يشبه حملات مقاطعة، ويحذرون كل من تسول له نفسه شراء أي منتج من منتجاتها بأنه يسيء لوطنه ولقيمه ولدينه وعائلته وللعالم أجمع.
ستاربكس والدعم الرسمي لمهرجانات الشذوذ الجنسي
يقول شولتز في مذكراته: «كنت أعرف ومنذ فترة أن «جيم» شاذ جنسياً، لكني لم أكن أعلم أنه مريض إلا عندما أخبرني أن مرضه قد دخل مرحلة جديدة، وأنه لن يصبح بإمكانه العمل في ستاربكس بعد اليوم. كلام «جيم» جعلني عاجزاً عن التعبير، فلم أستطع أن أواسيه بأي كلمة، فبكينا سوية ثم فقدت السيطرة على نفسي وعانقته.
بسبب «جيم» قررت ستاربكس أن توفر ضماناً صحياً لكل العاملين فيها الذين يصابون بأمراض خطيرة كالأيدز الذي فتك بـ «جيم» خلال فترة قصيرة. وبعد وفاته أرسلت لي عائلته تشكرني على الدعم الذي تلقته»(2).
قد تمر عبارات مثل هذه ببساطة أمام القارئ الذي سيعتبر أن موقف شولتز أولاً باستمراره في توظيف شاذ جنسياً، وثانياً بتوفير علاج للشواذ العاملين في الشركة هو موقف شخصي، وليس سياسة شركة تعترف بحقوق الشواذ وبوجودهم، ولكن الأمر مع ستاربكس في الحقيقة يتعدى عبارات شولتز السابقة ليصل لحد الدعم والتمويل الرسمي والصريح للشذوذ الجنسي عند الجنسين الذكور والإناث.
ففي كل عام، وعندما يقام في الولايات المتحدة الأمريكية في السابع والعشرين من شهر يونيو ما يعرف بالـ Gay Pride Parade والذي يعني «المهرجان الاستعراضي المعبر عن كبرياء الشواذ جنسياً من الرجال» والذي يتضمن مسيرات في الشوارع تحمل شعارات الشواذ وتروج لفكرهم، عندما يقام هذه الاحتفال تسارع كثير من الشركات الأمريكية التي توظف الشواذ بدعم الاستعراض، وتكون ستاربكس عادة على رأس قائمة الداعمين، دون أن تجد في ذلك غضاضة؛ إذ يقول «هي وود ماك جافي»Heywood McGuffy مدير التسويق في ستاربكس واشنطن في سياق دفاعه عما تفعله الشركة: «نحن مسؤولون عن دعم كل الشؤون التي تهم موظفينا وزبائننا»(3).
وفي آخر هذه المهرجانات، وحسب الموقع المعمداني للأخبار الذي يستنكر الحدث، نزل 75 من موظفي ستاربكس من الشواذ نساء ورجالاً وهم يرتدون القمصان الترويجية التي تحمل ألوان قوس القزح الشعار الرسمي للشواذ.. إلى جانب شعار ستاربكس، وتتبعهم سيارة تحمل شعار القهوة وتوزع مشروبات ستاربكس الشهيرة بالمجان على رواد المهرجان(4).
وفي الموقع الرسمي لرابطة العائلة الأمريكية American Family Association يقول أحد المسيحيين الناشطين في مجال الدفاع عن التماسك العائلي والذي كان بدوره شاذاً سابقاً إن ستاربكس التي تظاهرت في السابق بأنها لا تدعم أنشطة للشواذ صارت اليوم تفعل ذلك بكل وضوح بل وتروج له(5).
ومما يندى له الجبين في هذا المهرجان الذي احترت كثيراً في كيفية طرحه بشكل لا يخدش حياء وكبرياء القارئ، الذي يمثل الوجه الأكثر قبحاً لمهرجان الشواذ المذكور آنفاً.. ذلك الجزء من المهرجان الذي يطال الأطفال! إذ إنه حسب الموقع الرسمي «نساء أمريكا الحريصات» Concerned Women For Americaفإن ستاربكس قد تجاوزت كل الحدود بدعمها لمهرجانات الشواذ وخاصة بدعمها الأخير للمهرجان الذي أقيم في سان دييجو في كاليفورنيا في العام 2005م وشمل أنشطة للأطفال يشرف عليها أشخاص معروفون بميولهم الجنسية نحو الأطفال(6). ويتعرض فيه الأطفال لمواقف إباحية متعددة بدعم واضح من ستاربكس وغيرها من الشركات(7).
وبسبب تعدي ستاربكس للحدود الاجتماعية والدينية ــ التي لم يزل في المجتمع الأمريكي من يحرص على احترامها ويؤمن بأنها سبب لتماسك الأسرة ــ فقد قام الكثير من المنظمات العائلية والنسوية والدينية الأمريكية برفع شعارات وشن حملات تحذير قد تصل لمقاطعة ستاربكس إن لم تقم بالتراجع عما تفعل من دعم رسمي صريح لا حياء فيه لأنشطة من ذلك النوع.
يقول «روبرت نايت» Robert Knight مدير معهد الدراسات العائلية والثقافية التابع لمنظمة «نساء أمريكا الحريصات» إنه «ليس كافياً أن تتوقف عن الذهاب لستاربكس، بل يتوجب عليك الذهاب للقاء أقرب مدير فرع ستاربكس في منطقتك لتقول له إنك وإن كنت تحب القهوة التي يصنعها إلا أنه يجب أن يعلم أن ترويجه لأفكار وقيم تخالف معتقداتك سيمنعك من زيارة القهوة مرة أخرى، بل إنك ستنصح الآخرين بألا يشتروا من ستاربكس بعد اليوم»(8).
وإن كانت منظمة «نساء أمريكا الحريصات» لم تدع لمقاطعة رسمية لستاربكس إلا أنها تنشر في موقعها الرسمي الفضائح الأخلاقية التي تروج لها محال القهوة، وتلفت النظر لخطورة ما تفعله الشركة على المجتمع الأمريكي الذي تنحل عراه الأخلاقية عروة تلو عروة.
أما «جيمس هارتلاين» James Heartline الناشط المسيحي العامل في رابطة العائلة الأمريكية فيطرح على المؤمنين من الأمريكيين أسماء لمحال قهوة بديلة يمكنهم التعامل معها، وذلك «بدلاً أن يعطوا أموالهم لستاربكس في الوقت الذي يجدون فيه بدائل أخرى»(9).
ستاربكس ودعم الشذوذ الجنسي عبر منتجاتها
لم يتوقف تطبيع ستاربكس لمسألتي الشذوذ والانحراف الجنسي عند حد رعايتها الرسمية للأنشطة والمهرجانات التي يقوم بها الشواذ، إلا أنها وعبر منتجاتها الخاصة قامت بالترويج للفكرة وذلك من خلال حملتها المعروفة بـ «من وجهة نظري» أو The Way I See It، ومن خلال بيعها لمنتجات أخرى غير القهوة تحمل شعار قوس قزح الشعار الرسمي للشواذ جنسياً.
«من وجهة نظري» The Way I see It
دفع إيمان ملاك القهوة بالفلسفة التي تقول بأن المقهي هو مكان الإنسان الثالث الذي يصل ما بين عمله ومنزله إلى أن يبتكروا طريقة يتواصل عبرها مرتادو مقاهي ستاربكس وإن ابتعدوا عن بعضهم آلاف الأميال، وفصلت بينهم الدول فكانت حملة «من وجهة نظري» أو The Way I See it. ومن هذا المنطلق تطلب ستاربكس من أشخاص مشهورين في شتى المجالات أن يكتبوا كلمات تعبر عما يعتقدونه في الحياة، وإن توافقت العبارات المكتوبة مع فلسفة الشركة، فإن الشركة تقوم بطباعتها وطباعة اسم كاتبها على أكوابها التي تقدم بها مشروباتها المختلفة. هذا ما يقوله موقع ستاربكس الرسمي من أجل شرح الفكرة وراء الحملة(10).
وكان أن بدأت الحملة ووزعت الأكواب وانتشرت بين الناس إلى أن استيقظ بعض المحافظين في المجتمع الأمريكي يوماً على صدمة حملتها العبارة رقم 43 والمكتوبة من قبل الروائي الشاذ أرمستيد موبين Armistead Maupin الذي يعرف به أحد المواقع المسيحية المحافظة قائلاً: إنه مؤلف سلسلة روايات قصص المدينة Tales of the City التي ترصد بجرأة غير مسبوقة حياة وتاريخ الشواذ جنسياً من الرجال في المجتمع الأمريكي وفي سان فرانسيسكو تحديداً في السبعينيات والثمانينيات من القرن السابق(11).
تقول العبارة التي تظهر بشكل واضح على الكوب الذي رفضت ستاربكس سحبه من الأسواق: «أسفي الوحيد في كوني رجلاً شاذ جنسياً يكمن في أني قمعت ذلك في نفسي فترة طويلة، إذ إنني استسلمت في مرحلة شبابي لأولئك الذين كنت أخاف منهم، في الوقت الذي كان بإمكاني أن أعيش بحرية مع من أحب. لا تكرر خطئي فالحياة أقصر وألعن من أن تفعل»(12).
مواقع الويب التي تظهر صورة الكأس تشطب عبارة «ألعن» من على الكأس حرصاً على مشاعر القراء. هذا ويدافع المتحدث الرسمي باسم ستاربكس «أودري لينكوف» Audrey Lincoff عن تصرف الشركة الذي قال إنه سيستمر ويتوسع بقوله: «نحن نؤمن بالتعددية وبالكرامة الإنسانية وكلاهما من مبادئ شركتنا»(13).
ومن المآخذ الأخرى التي تثار ضد ستاربكس في المجتمع الأمريكي.. أن محل القهوة الشهير يشجع عمليات الإجهاض عبر دعمه الرسمي لمنظمة «التحالف الأمريكي مع الأبوة المنظمة» المعروف باسم Planned Parenthood Federation of America(14).
فإن كانت جميع المنظمات الأمريكية المحافظة آنفة الذكر استنكرت فعل ستاربكس هذا عبر مواقعها على الويب وعبر شبكاتها الإذاعية، فما وجهة نظر رواد مقهى ستاربكس من العرب والمسلمين؟! ويمكن للمهتمين سماع المقابلة التي دارت بين كل من «روبرت نايت» Robert Knight مدير معهد الدراسات العائلية والثقافية التابع لمنظمة «نساء أمريكا الحريصات» ومساعدته «ميغان كليبنر»Meghan Kleppinger عبر موقع المنظمة على الويب(15).
قمصان ستاربكس وأقراصها المضغوطة وقوس القزح
كما جرى الحديث عنه في سياق الفقرات السابقة، فإن ستاربكس التي تدعم مهرجانات الشواذ جنسياً تقوم أيضاً ببيع منتجات أخرى في مقارها إلى جانب القهوة تحمل شعار قوس قزح الشعار الرسمي للشواذ الذي لم يعد يحتمل البراءة لو ارتبط بستاربكس وبتلك المهرجانات. من تلك المنتجات القمصان التي ننشر صورها هنا، وكذلك أقراص مضغوطة تحوي مقاطع للموسيقى التي توضع في المقهى، وأيضاً تحمل علم قوس قزح بجوار شعار ستاربكس. هذا، وبإمكان محبي ستاربكس أن يقوموا بشراء تلك المنتجات عبر شبكة الإنترنت من مواقع البيع الإلكتروني.
ولا نعتقد بعد مسح بسيط أجريناه في بعض فروع ستاربكس في منطقتنا أن المقهى الشهير يجرؤ على إدخال مثل تلك المنتجات إلى مجتمعاتنا، ولكننا يجب أن نبقى على حذر ويجب أن ننشر ثقافة الوعي بمعاني الرموز ومدلولاتها فليس أبرأ من ألوان قوس قزح!
بعيداً عن الفضائح التي تخدش وتتحدى كل القيم الدينية والأخلاقية وتتحدى الفطرة والتي لا تخجل ستاربكس عبر مديريها ومتحدثيها وموظفيها عن إشهارها والتمسك بها، فإن المقهى الشهير تعرض منذ فترة ليست بالبعيدة لتهم من نوع آخر تراجع ستاربكس عن بعض مواقفه حين وجهت له التهمة وأصر على غيرها».
ستاربكس والمواد المعدلة وراثياً
مع أن ستاربكس تصر على أن لا شيء من منتجاتها معدل وراثي،اً وأن كل ما لديها من منتجات القهوة والشاي إنما هو منتج طبيعي، إلا أن رابطة المستهلكين العضويين OCA في مقالها عن التجارة العادلة أشارت إلى أن عدداً كبيراً من النشطاء في مجال التجارة العادلة سوف يقومون بحملة ضد ستاربكس في 300مدينة أمريكية وفي 8 دول أخرى من أجل إجبار الشركة على التوقف عن بيع المنتجات المعدلة وراثياً.
في ذلك الوقت ردت «لارا ويس» Lara Wyss المتحدثة باسم ستاربكس تقول إن الشركة توقفت عن استخدام الحليب المأخوذ من الأبقار المحقونة بهرمونrBGH الذي يسبب السرطان والأمراض للأبقار التي تحقن به. هذا وحذر مدير الرابطة روني كومينسRonnie Cummins ستاربكس من استمرارها في استخدام المواد المعدلة وطلب منها الالتزام بشروط التجارة العادلة، وإلا فإن المقهى الشهير سوف «يتعرض لمزيد من تشويه سمعته» على حد قول كومينس(16).
ستاربكس وإسرائيل ــ ستاربكس والحرب ضد الإرهاب
توقفت كثيراً عند هذه النقطة التي ترددت في كيفية معالجتها. فمن جهة أجد أن شولتز مالك ستاربكس وبصفته «أمريكي يهودي دائم الدعم للمنظمات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية ولكل أهدافها» له الحق في التعبير عن مناصرته لإخوته في الدم والعقيدة كما لنا خيار مقاطعته.
ومن جهة أخرى وجدت أن اليهود أنفسهم يسخرون من دعم شولتز اللامتناهي لكثير من المنظمات اليهودية الدينية. ففي موقع زيوبيدياZiopedia أو «الموسوعة الصهيونية» نجد رسالة ساخرة كتبها «أندرو وينكلر» Andrew Winkler ونُسبت إلى شولتز وتناقلها الكثيرون على أنها مكتوبة من قبل مالك ستاربكس. الرسالة ترصد بشكل واضح كل تحركات شولتز الداعمة لليهود في إسرائيل وفي الولايات المتحدة الأمريكية، بدءاً من دعم ستاربكس لشبكة «عيش التوراة» Aish HaTorah التعليمية اليهودية، وانتهاءً بتخصيصه ملايين الدولارات من أجل محاربة المسلمين المتطرفين.
وتتحدث الرسالة عن «جائزة الامتنان لصديق الصهاينة» التي منحت لهوارد شولتز في الذكرى الخمسين لقيام «إسرائيل» اعترافاً من الأخيرة بفضل مالك ستاربكس ودعمه لحركاتها. ومع أن القصد من الرسالة كان تحدي اللاسامية إلا أنها ــ حسب الموقع الموسوعي ــ تحوي معلومات دقيقة وصحيحة(17).
ويقابل دعم ستاربكس للمنظمات اليهودية حول العالم وفي «إسرائيل» تحديداً، دعمها أيضاً وبكل فخر للجيش الأمريكي في «حربه ضد الإرهاب». فبحسب الموقع الرسمي للشركة فإن موظفيها الذين يحصلون كل أسبوع على رطل مجاني من القهوة يقومون بجمع ما حصلوا عليه من أرطال مجانية، ويرسلونه إلى الجنود الأمريكيين العاملين في أفغانستان والعراق وباقي أنحاء العالم.
هذا وتوزع ستاربكس القهوة على المجندين الأمريكيين عبر الصليب الأحمر(18). وتؤكد ستاربكس موقفها وفلسفتها بالنسبة لدعم الجيش الأمريكي في الوصلة من موقع ستاربكس على الويب والخاصة بالرد على الشائعات(19).
هذا ونلفت نظر القارئ إلى أن كل المعلومات السابقة عن المقهى الشهير وكل ما ورد في المقال من مواقف وتصريحات وردود أفعال هي غربية بحتة عرضناها من مواقعهم ووسائل إعلامهم، دون الرجوع إلى أي شائعة أو حقيقة تثار حول ستاربكس وتدور في عالمنا العربي والإسلامي، وذلك حرصاً على الموضوعية التامة في التعامل مع الآخر.
____________