يهودية الدولة، مصطلح بات يسيطر على الأجندة “الإسرائيلية”، وبات مطلباً “إسرائيلياً” ملحاً تطالب به المفاوض الفلسطيني
يهودية الدولة، مصطلح بات يسيطر على الأجندة “الإسرائيلية”، وبات مطلباً “إسرائيلياً” ملحاً تطالب به المفاوض الفلسطيني، وبات “الوسيط” الأمريكي يطالب به الجانب الفلسطيني أيضاً حتى يكون شرطاً ضمن أي اتفاق بين السلطة الفلسطينية وبين “الإسرائيليين”.
ماذا يعني هذا الطلب؟ ولماذا تصر عليه المؤسسة “الإسرائيلية”؟ ولماذا بات مطلباً أساسياً عند المفاوض “الإسرائيلي”؟ علما أن تحديد تعريف الدول الديمقراطية من منطلقات إثنية يناقض المفهوم الديمقراطي الذي تتغنى به أمريكا وأوروبا!
الجواب بسيط جداً، وأما فلسفاته، فسنتركها لعلماء السياسة يخوضون بها كيفما شاؤوا، وعليه فإذا علمنا أن أوروبا وأمريكا تعتبران المؤسسة “الإسرائيلية” دولة وظيفية تقوم على تنفيذ سياساتهما في منطقة الشرق الأوسط؛ علمنا حينها لماذا يصبح الاشتراط “الإسرائيلي” دائماً اشتراطاً أمريكياً؛ ومن ثم أوروبياً إلى حد ما.
أما معنى يهودية الدولة فنقول وبالله التوفيق: إن المؤسسة “الإسرائيلية” التي تطالب بالتبادل السكاني بين منطقة المثلث وبين المستوطنات تريد بهذه الخطوة أن تتخلص من 200 ألف فلسطيني في منطقة المثلث، ولكن ماذا مع البقية المتبقية من أهل الداخل الفلسطيني في الجليل والمدن الساحلية والنقب؟
إن يهودية الدولة تعني بصريح العبارة: أولاً إلغاء حق العودة لملايين الفلسطينيين الذين ما يزالون ينتظرون يوم عودتهم إلى أرضهم بإذن الله تعالى، وتعني إذناً وتصريحاً فلسطينياً للمؤسسة “الإسرائيلية” حتى تقوم بطرد من تبقى من أهل الداخل الفلسطيني في الجليل والنقب والمدن الساحلية، وذلك عبر سن قوانين ومراسيم يتم اعتمادها وإنزالها على من لا يلتزم بها، وستعمل هذه القوانين على تجريد أهل الداخل الفلسطيني من مواطنتهم فيما لو قاموا بمخالفات معينة يتم تفصيلها على هذا المقاس.
ولذلك فإن السؤال الذي يُطرح هنا: هل هناك فلسطيني يملك التخلي عن حق العودة؟ أو هل هناك فلسطيني يملك أن يقر باليهودية لأرض فلسطينية عربية، وإن كان الواقع السياسي على هذه الأرض قد تسمى بأي اسم كان؟ هل الواقع السياسي على أرض معينة أياً كان اسمه يمكنه أن يلغي الحق التاريخي المتعارف عليه؟
الحقيقة تقول: إن حق العودة هو حق فردي وحق جماعي لا يملك أي فلسطيني مهما علت منزلته أو رتبته أن يتنازل عنه وإذا كان هناك من تنازل عن حقه – على سبيل المثال لا الحصر – في بيته في صفد، فإن الحق الفلسطيني الجماعي في هذا البيت لا يزال حقاً أبدياً لا يملك المُتَنازِل أو أي كان أن يلغيه، وبالقياس عليه فإن المطالبة بالاعتراف بيهودية الدولة هي أيضاً ضرب من العنجهية والخيال، لأن كل فلسطيني، وكل عربي، وكل مسلم له في هذه الأرض حق، ولا يمكن لأحد أن يتنازل عنه لأيًّ كان، فكما أن المسجد الأقصى المبارك هو حق لمركبات الأمة الثلاث، فإن أرض بيت المقدس شارك في تحريرها من الصليبيين يوم احتلوها العربي والتركي والبوسني والشيشاني وابن المغرب العربي، كل أولئك كان منهم الشهداء الذين دافعوا عن ثرى بيت المقدس، فهل يملك عربي أو فلسطيني أو “كاوبوي” أن يقر للمؤسسة “الإسرائيلية” بيهودية هذا الوطن؟