«تورينتو» مدينة من أجمل مدن إيطاليا، وتمتد جبالها الخلابة بسلسلة جبال الألب، والتي يعجز الشعراء والكتاب عن نقل صور الجمال الساحر فيها.. وهناك توجد جالية إسلامية قديمة عرفت كيف تتعامل بحكمة مع سكان البلد، وتنقل لهم أجمل صورة عن الإسلام والمسلمين، ولذلك أحب أهل تلك المدينة المسلمين، وناصروهم في الكثير من قضاياهم.. ولدى تلك الجالية مسجد ضاق عليهم لكثرة الأعداد المتزايدة يوماً بعد يوم، فقرروا شراء مكان آخر يشيدون عليه مسجدهم الجامع الجديد الذي يتسع لتلك الزيادة المطردة بأعداد المسلمين والمهاجرين، وبعد شراء المكان علم بعض المتعصبين من اليمينيين بهذا الأمر، فقاموا بتنظيم مظاهرة معارضة لبناء المسجد، وقد حملوا معهم رايات معادية للإسلام والمسلمين، ومطالبين بلدية المدينة والحكومة منع قيام ذلك المسجد، ولم يكن للمسلمين حيلة أمام هذا الاعتراض، وإذا بمظاهرة كبيرة ثلاثة أضعاف المظاهرة المعارضة ينظمها المتعاطفون مع المسلمين تخرج في اليوم التالي تطالب بتشييد المسجد، وترفع لافتات تثني على دور المسلمين في المدينة، بل تعدى الأمر إلى قيام أحد القساوسة بمناشدة المصلين في كنيسته بجمع مبلغ من المال للمساهمة في بناء مسجد المسلمين.. هكذا دائماً تكون النتائج عندما نعلم كيف ننقل هذا الدين بأخلاقنا وسلوكنا بحكمة ورفق، حيث تمضي القاعدة النبوية لا تتبدل ولا تتغير «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه»، ويقول تعالى: { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ”269″} (البقرة).
إن التاريخ يخبرنا بما لا مجال فيه للشك بأن غالب الحالات التي يتم منها تحول غير المسلمين إلى مسلمين إنما كانت بسبب المعاملة، والأخلاق، وليس بسبب النقاش والمحاضرات والحجج الكلامية وصدق رسول الله “صلى الله عليه وسلم” عندما قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (رواه البخاري في كتاب الرقاق، ص 603، وله تكملة).