لم يتوقف الأمر عند حدود هلاك المقبور “حافظ الأسد”.. بل خلفه الطاغوت المجرم “بشار”، ليستكمل مسيرة القتل والتخريب والترويع والتنكيل ومحاربة الإنسانية.. فزادت حدة الجرائم “الأسدية” عقب اندلاع الثورة السورية المباركة في مارس 2011م.. أعمل “بشار” وزبانيته
حلاقة الذقن عملية تشريح أو حراثة للوجه مصحوبة بالبصاق والشتائم، وكان بعضهم يتلذذ بافتعال السعال قبل البصق على وجه السجين كي يكون البصاق مصحوباً بالمخاط! وتلتصق بصقة البلديات بالوجه، ويمنع السجين من مسحها!
حلاقة الرأس.. مع كل سحبة ماكينة على الرأس، وبعد أن ينفض البلديات الشعر المحلوق، ضربة قوية بالماكينة نفسها على المكان المحلوق وهو يصر على أسنانه ويشتم:
– “يا عرص يا ابن العرص، منين جايب كل هالقمل؟!”.
– “ولك يا (…….) شو عامل راسك مزرعة قمل؟!”.
ومع كل ضربة ماكينة، إما أن ينفر الدم، أو تظهر كرة صغيرة في الرأس مكان الضربة!
الكثير من السجناء عرف الكثير من البلديات، هم من نفس قراهم وبلداتهم ومدنهم وأحيائهم، وتبقى نفس الأسئلة مطروحة: ولكن لماذا؟ لماذا هو لئيم بهذا القدر؟ ما دوافعه النفسية؟ هل القسوة والسادية المتأصلة أو العارضة يمكن أن تنتقل بالعدوى؟ أم هي روح القطيع؟!
“وددت لو تتاح لي فرصة محادثة أحدهم”.
بعد أن انتهى أحد البلديات من حلاقتي بضربة قوية على رأسي الحليق، قال: “يا كلب يا ابن الكلب، كسرت لي ضهري! عامل حالك ما بتحسن توقف” (رواية القوقعة لمصطفى خليفة، ص 21).
هذا هو أهون نص استطعت أن استشهد به من رواية القوقعة التي حكت بعض فظائع وأهوال التعذيب في سجون المجرم المقبور الملعونة روحه “حافظ الأسد”.. هذا هو أهون نص يفضح حكم عصابة القتل والتخريب والإجرام والترويع التي تحكم سورية منذ أكثر من أربعين عاماً سوداء.
مؤلف رواية القوقعة مسيحي كتب روايته باسم مصطفى خليفة، وكان يعمل مخرجاً سينمائياً، اعتقلته مليشيات “حافظ الأسد” في ثمانينيات القرن الماضي بزعم أنه أحد أعضاء الإخوان المسلمين!
سرد مصطفى خليفة ما يهز الإنسانية هزاً.. حكى فظائعَ لا مثيل لها في التاريخ القديم أو الحديث.. بل يتورع عنها النازيون والتتار.. ربما تتشابه جرائم نظام عائلة “الأسد” مع جرائم “الأنجلو ساكسون” بحق الهنود الحمر وإبادة أكثر من مائة مليون من السكان الأصليين لأمريكا الشمالية.
مصطفى خليفة اعتقل ثلاثة عشر عاماً، وكان أقل المعتقلين عذاباً.. فهناك من أُعدموا وعُلقوا ومن أجبروهم على أكل البُراز وشرب البول.. وهناك سيدات اعتقلن كانت عصابات “الأسد” تضع الفئران في أرحامهن ليقضين في الحال.
رواية “القوقعة” وثقت بعض ما حدث في سجن واحد “السجن الصحراوي”.. فماذا عن باقي السجون؟ ماذا عمن قتلوا غدراً وغيلة دون أن يتحدث عنهم مخلوق؟ ماذا عما تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين في ربوع سورية؟ ماذا عن وسائل التعذيب التي لم نسمع بها؟
لم يتوقف الأمر عند حدود هلاك المقبور “حافظ الأسد”.. بل خلفه الطاغوت المجرم “بشار”، ليستكمل مسيرة القتل والتخريب والترويع والتنكيل ومحاربة الإنسانية.. فزادت حدة الجرائم “الأسدية” عقب اندلاع الثورة السورية المباركة في مارس 2011م.. أعمل “بشار” وزبانيته القتل والهدم في مواجهة ثورة الكرامة.. واجهوا الصدور العارية بالدبابات والطائرات والمدافع وبراميل البارود والصواريخ الحرارية والأسلحة الكيمائية.. أقاموا المجازر المريعة.. لاحقوا الثوار قتلاً بالسكاكين والسواطير.. اعتقلوا عشرات الآلاف.. خلعوا عيونهم.. اغتصبوهم.. جوّعوهم.. ثقبوا أجسادهم بالشنيور.. قطعوا الأعضاء الذكورية للرجال.. وضعوهم في الماء المغلي.. فعلوا ما تترفع عنه الوحوش والحيوانات الضارية..
رغم كل التآمر على الثورة السورية.. ورغم سنوات الترويع والإجرام الذي لا مثيل له في كوكب الأرض.. مازال شعبها العظيم يهتف: “يا الله، ما لنا غيرك يا الله”.. لم يعد لهم سوى الله.. الذي توعد – عز وجل – بنصر عباده وتأييدهم.
إن ثورة سورية هي ثورة الإنسانية جمعاء.. ثورة ضد أخطر عصابة إجرامية بالكون.. ثورة ضد أعداء الروح.. ضد أعداء الحياة.. ضد أعداء الإسلام.. ضد أمريكا و”إسرائيل” وروسيا والصين وإيران.. ثورة ضد الصليبية الصهيونية العالمية.
إن سورية تئن من الألم.. منذ أكثر من أربعين عاماً.. سورية تريد التحرر من القيود الوحشية الإجرامية.. التي قتلت الحياة.. وأحالت سورية إلى دماء وأشلاء.. بل بحور من الدماء وجبال من الأشلاء.
ثورة سورية هي ثورة كل مسلم.. وثورة كل إنسان.. يحمل في قلبه مثقال ذرة من إنسانية.. مثقال ذرة من كرامة.
إن سورية هي روحنا الأسيرة.. هي قلبنا النازف.. هي عقلنا المسلوب.. هي نبض العروبة والإسلام.. هي ياسمين الشام.. وأرض الحضارة والعلم.
المؤامرة كبيرة.. لكن حسبنا ثقتنا في وعد الله.. وكان وعد ربى حقاً.