الحج من أفضل الطاعات عند ربّ العالمين، وهل هناك شرف أفضل من شرف طاعة رب العالمين؟
الحج من أفضل الطاعات عند ربّ العالمين، وهل هناك شرف أفضل من شرف طاعة رب العالمين؟
الحج أجلّ الأعمال الصالحة لمحو ذنوب المذنبين،
وهل يسلم منا أحد من الذنوب؟
الحج ركن في الإسلام عظيم بل هو شِرعة شرّعها الله لأهل الإسلام من لدن أبينا إبراهيم، حتى قدوتنا وتاج رؤوسنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الحج اختص الله فيه بيته الحرام لأمة النبي محمد خير الأمم، لتتوارثه وتنال شرف النظر إليه ولمسه والطواف به، فهو لها وحدها لا لغيرها من الأمم غير المسلمة.
فكما أن القرآن لا يمسه إلا المطهرون فكذا بيت الله الحرام لا يقربه إلا المسلمون.
الحج قصد والحج توجّه والحج منظومة كبيرة في دين كبير وعظيم دين الإسلام.
الحج جنة في الدنيا وجنة في الآخرة, عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: “لكنّ أفضل من الجهاد حج مبرور” (رواه البخاري).
والحاج حين يحج ولم يرفث ولم يفسق فهو بذلك يكون قد تطهَّر من ذنوبه وآثامه؛ فيرجع كيوم ولدته أمه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن حجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (رواه البخاري ومسلم).
وإذا كان الحج هكذا وبتلك المكانة والمنزلة، وبذاك الفضل والخير من الله في الدنيا والآخرة؛ فحريٌّ بنا أن نهدي أخانا الحاج بعضاً من همسات قيمية ومحاور ربانية تربوية ليحرص عليها في حجه؛ حتى يكتمل له بإذن الله الفضل والخير كله.
ولن نتحدث عن فقه أو شعائر الحج، وإنما سنتناول بعضاً من القيم والسلوكيات والخواطر لينتفع بها الحاج إن شاء الله تعالى؛ لتكون له روحاً يتحرك بها وينشرح بها صدره، وتتفتح بها آفاقه، وترتفع بها أخلاقه، ويجعل منها طريقاً إن شاء الله تعالى نحو قبول الحج والفوز بميلاد جديد كما ولدته أمه.
حبيبي الحاج..
1- تذكر دائماً أن حجك هذا هو باب مفتوح لك لدخول الجنة, فدندن بحجك هذا نحو جنة ونهر ومقعد صدق عند مليك مقتدر.. فهو فرصة في العمر لا تعوض.
2- تعامل مع خيمتك على كونها بيتك الخاص, انشر فيها المحبَّة والسلام، والشورى والتفاهُم، وأطايب الكلام، ولا تكن مصدر إزعاج وقلق.
3- لا تقسُ على إخوانك الحجاج، ولا تكن فظّاً غليظ القلب؛ فينفض الناس من حولك، وكن حنوناً رؤوفاً رحيماً.
4- انتبه أن تقع في ظلم أحد أثناء حجك، واحذر الشتم والسب واللعن، وكن منضبطاً في لسانك، منضبطاً في عينك؛ فلا ترسلها للنظرة الحرام في بلد الله في حج الفريضة.
5- علّم حجاج خيمتك معاني الخير والصلاح، وحبِّب إليهم الإيمان، وكَرِّه إليهم الفُسُوق والعِصيان.
6- كن في خيمتك نِعْمَ الحاج الرباني تقود الحجاج نحو طريق الخير، والقرآن وجنات النعيم.
7- أَشْعِر من حولك أنَّك تحبُّهم، وتَحرص عليهم، وتسعى لراحتهم.
8- قدِّم لهم من طعامك من وقتٍ لآخر، حتى وإن كانوا لا يحتاجون، وتفقَّد مريضهم، واسأل عن أطفالهم.
9- ساعد ذوي الحاجات الخاصة، ففي ذلك زكاة عن صحتك.
10- لا تتأخر في مساعدة من يحتاج المساعدة، وتذكّر أن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.
11- إذا اشْتَركت مع الحجاج في مدخل واحدٍ، فأفْسِح لهم الطريق، ولا تُضيِّق عليهم.
12- إذا مررت بالنساء فاحفظ بصرك إلا من المحارم.
13- تحبّب إلى رجال وشباب الخيمة, قدّم لهم الهدية من الأذكار والكتيبات وغيرها, وجامِلهم إذا علمت أن أحدهم لديه مناسبة سعيدة, وواسهم إذا علمت أن أحدهم مكلوم أو حزين أو لديه أزمة يمرّ بها، وكذلك الحال للنساء أن يفعلن ذلك للنساء.
14- إذا كنت متميزاً عنهم في درجة علمية، فلا تتكبَّر ولا تتشدَّق، وكن لهم ومعهم وبينهم متواضعاً ألوفاً, فلا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
15- أسرع في الوساطة بين مَن يختلفون ويَتناحرون – إذا وجدت ذلك.
16- كن لين الجانب، وكن لهم نوراً يهتدون به نحو كلِّ خيرٍ.
17- ذكّرهم بالصلاة وأعمال الآخرة، وذكِّرهم بالله بحُسنى ورِفق، تأسِرْ قلوبهم.
18- ألْقِ السلام عليهم، ورُدَّه – إن أُلقِيَ عليكِ – بمثله أو أحسن.
19- لا تكن في الخيمة نمّاماً، فتُشعل الحرائق في القلوب، وتَزيد الفوارق والخلاف.
20- لا تَقذف بالقاذورات يمنة ويسرة وكن نظيفاً وضع ذلك في مكانِه, فالإسلام دين النظافة.
21- لا تتخطّ الصفوف عند الصلاة داخل خيمتك، فتؤذِي المصلين بتخبُّطك بهم.
22- لا تمرّ من أمام المصلِّين؛ حتى لا تقطع عليهم روحانيَّتهم مع ربِّهم.
23- لا ترفع صوتك أثناء الحج وفي الخيمة أكثر مما يحتاج إليه السامع فإن في ذلك رعونة وإيذاء.
24- احرص على الرجوع كيوم ولدتك أمك, متطهراً من كل ذنب فهي فرصتك.
25- احرص في الحج أن تحجز بيتاً لك بالجنة, وكن دائم الحذر من الأعداء الألداء الهوى المتبع والإعجاب بالنفس والشح المطاع فهن المهلكات المضيّعات حسبنا الله اللطيف منها الرحمن.
26- لا تنسَ الدعاء للمسلمين في كل مكان بأن يفرج كرب المكروبين ويزيل الهم عن المهمومين ويفك أسر المأسورين وينتقم من الظالمين ويرحم ضعف المستضعفين ويحفظ الإسلام والمسلمين، وأن يولى عليهم من عباده الصالحين.
27- لو قلنا: إن إنساناً يشتاق للجنة ويتمناها ويرجوها سكناً له ومقرّاً، فإن ذلك أمر مألوف طبيعي فطرى لا شيء فيه, كذلك فإن الجنة أيها الحاج تشتاق إليك بل إلى كل مؤمنٍ صالحٍ عابدٍ عاملٍ لدينه ناصراً لرسوله محباً للصالحين.
إن الجنة تشتاق؟
نعم تشتاق.. تشتاق للعابدين.
لمن سمت أرواحهم وصفت نفوسهم.
الذاكرين كثيراً لله.
الذين عملوا وبذلوا لرفعة دينهم والانتصار لرسولهم.
الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم.
الصابرين في البأساء والضراء.
الكاظمين الغيظ العافين عن الناس.
المحسنين الطاهرين المحمديين الربانيين.
الذين كُانوا أولياء لله.
الذين كُانوا جنوداً لله.
الذين عملوا بمراتب التقوى التي قال عنها علي رضي الله عنه:
الخوف من الجليل؛ فخافوا ربهم.
العمل بالتنزيل؛ فعملوا بالقرآن.
القناعة بالقليل؛ فقنعوا ورضوا بعطيّة الله.
الاستعداد ليوم الرحيل؛ فسهروا لله وقُاموا لله وأتعبوا أقدامهم بالوقوف بين يدي الله.
هؤلاء الذين حملوا للدنيا مشاعل النهضة والخير والتقدم، وأخذوا بأيدي الناس بُغية إنقاذهم من النار ليلحقوا بالنبي الحبيب المختار.
أخي الحاج، هنيئاً لك بمحو الذنوب وبحج مبرور وذنب مغفور وتجارة مع الله لا تبور، وكل عام وأنتم بخير ومن كل ذنب معتوق ومن الله مجبور ومستور.