“يؤسفنا إعلامكم أن البرنامج لم يتسلم بعد التمويل لشحن بطاقاتكم الغذائية الزرقاء لشهر ديسمبر 2014م، وسوف نعلمكم عبر رسالة قصيرة لدى تلقينا التمويل لاستئناف المساعدة الغذائية”.. بهذه الرسالة النصية، أعلم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قبل
“يؤسفنا إعلامكم أن البرنامج لم يتسلم بعد التمويل لشحن بطاقاتكم الغذائية الزرقاء لشهر ديسمبر 2014، وسوف نعلمكم عبر رسالة قصيرة لدى تلقينا التمويل لاستئناف المساعدة الغذائية”.. بهذه الرسالة النصية، أصدر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة حكمه بالإعدام بحق 1.7 مليون لاجئ سوري.
وكان أثر الرسالة كوقع الصاعقة على اللاجئين الذين فروا من الموت على يد نظام الأسد ليواجهوا الموت جوعا بقرار منظمة دولية لم تراع الظروف المعيشية القاسية لهؤلاء لاسيما في فصل الشتاء القارس.
ورصدت وكالة أنباء الأناضول معاناة ما يقرب من 60 ألف لاجئ سوري في مدينة عرسال اللبنانية المتاخمة للحدود السورية حيث ندد العاملون المجال الإغاثي في بلدة عرسال بالرسالة النصية لبرنامج الأغذية العالمي، قائلين إن “توقيف هذه المساعدات سيسبب مأساة كبرى، بل مجاعة وكارثة في عرسال”.
ويرى المتجول بين خيم اللاجئين في مخيم “المحبة” الذي يأوي 91 عائلة سورية لاجئة في عرسال، بكل وضوح علامات التعجب على وجوه أرباب هذه العائلات، وعلامات الغضب والاستفهام تعلو وجوههم “كيف سنطعم نساءنا وأطفالنا بعد اليوم؟!”. أما الرجال والشيوخ فيتجمعون في إحدى زوايا المخيم أملا في إيجاد حل لهذه الكارثة التي حلت بهم، ونساء يستصرخن العالم؛ لإغاثة عائلاتهن والعمل على تأمين العودة إلى أرض الوطن.
وتواجه بلدة عرسال كغيرها من المناطق اللبنانية، التي لجأ إليها عشرات الآلاف من السوريين، مأساة كبرى بعد قطع المساعدات الغذائية لبرنامج الغذاء العالمي وضعف ومحدودية قدرات الدولة والجمعيات اللبنانية في مواجهة هذا النقص الحاد.
وفي هذا الشأن يقول، حسن رايد، مسئول مكتب اتحاد الجمعيات الإغاثية في بلدة عرسال إن “المعاناة كبيرة جداً وستكبر أكثر إن استمر هذا القرار”. ولفت رايد إلى أن أكثر من 60 ألف لاجئ سوري يعيشون حالياً في عرسال، مشيراً إلى أن اتحاد الجمعيات الإغاثية يدير 14 مخيماً في البلدة، تعيش فيها أكثر من 1500 عائلة سورية لاجئة.
وأوضح أن المساعدات الغذائية التي كانت تقدمها الأمم المتحدة اللاجئين كانت تعيل حوالي الثلثين منهم (40 ألفاً) ، محذراً من أن استمرار توقيف هذه المساعدات سيسبب مأساة كبيرة، بل مجاعة وكارثة في عرسال. وأشار رايد إلى أن الأوضاع ستتجه نحو الأسوأ فالأسوأ خاصة مع بدء فصل الشتاء وقلة المازوت والمدافئ.
وناشد رايد الدولة اللبنانية العمل على تأمين أهم مستلزمات المخيمات في عرسال، من خيم ومواد غذائية، محذراً من انتشار الأوبئة والأمراض بين اللبنانيين واللاجئين السوريين، على حد سواء، في البلدة. وكأنه لم يكن ينقص اللاجئين السوريين في لبنان سوى تعليق المساعدات الغذائية عنهم لتكتمل مأساتهم وتكبر يوماً بعد يوم.
وقالت وفيقة عرابي، اللاجئة السورية، إنها وأفراد عائلتها يستخدمون غاز المنازل للتدفئة؛ بسبب البرد القارس هنا، وعدم إمكانيتنا شراء المازوت بعد توقيف المساعدات عنا، وليس لنا إلا رب العالمين، مشيرة إلى أن خبر توقيف المساعدات كان مرعباً، فنحن نعيش بسببه. وأشارت إلى أنها من شدة المعاناة وقلة الغذاء، كادت عرابي تقدم على تسميم نفسها وأولادها للتخلص من هذه الحياة، فلا مأوى ولا طعام ولا شراب.
أما أبو حسن الحموي، الذي كان يستفيد من مساعدات الأمم المتحدة على مدى 9 أشهر ماضية، أكد أن هذه المعونات “انقطعت هذا الشهر”، مضيفاً: “نحن لا ندري كيف سنرتب أمورنا بعد ذلك”.
وأكد الحموي، البالغ من العمر 62 عاماً أنه لا يتلقى أي مساعدات من أي جهة أخرى، وهذا ما سيتسبب بكارثة، وليس لنا إلا الله، لافتاً إلى أن عائلته وكل اللاجئين كانوا يعيشون بسبب بطاقة الأمم المتحدة (المساعدات)، ولكنهم (الأمم المتحدة) أفسدت الأمور
وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، قد أعلن الأسبوع الماضي عن تعليق المساعدات لأكثر من مليون و700 ألف لاجئ سوري في كل من لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر؛ “بسبب نقص التمويل”، محذراً من أن الكثير من اللاجئين سيعانون من الجوع خلال فصل الشتاء إذا لم يتسنَّ لهم الحصول على مساعدات غذائية. إلا أن البرنامج أعلن الجمعة الماضي أنه سوف يستأنف مؤقتاً مساعدة اللاجئين السوريين بعد أن تلقى مساعدات بقيمة 21.5 مليون دولار أمريكي.
كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” قد حذرت من أن تعليق المساعدات الغذائية يزيد من الأخطار الصحية ويهدد السلامة خلال الشتاء، محذرة من أن الملايين من أطفال اللاجئين السوريين الأكثر هشاشة قد يأوون إلى الفراش ببطون خاوية، إثر تعليق برنامج الغذاء العالمي مساعداته لنحو 1.7 مليون سوري.
يذكر أن إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تشير إلى وجود أكثر من مليون و200 ألف لاجئ سوري مسجلين لديها في لبنان.