تناقلت يوم الخميس 4 ديسمبر وسائل الإعلام الروسية المختلفة الوضع الأمني في جمهورية الشيشان، حيث أعلن الرئيس الشيشاني “رمضان قاديروف” أن عملية تجري ضد مسلحين، تمركزوا في مبنى لدار النشر الوطنية، وتحصنت مجموعة أخرى، يقال: إنها انفصلت عن المجموعة الأولى
تناقلت يوم الخميس 4 ديسمبر وسائل الإعلام الروسية المختلفة الوضع الأمني في جمهورية الشيشان، حيث أعلن الرئيس الشيشاني “رمضان قاديروف” أن عملية تجري ضد مسلحين، تمركزوا في مبنى لدار النشر الوطنية، وتحصنت مجموعة أخرى، يقال: إنها انفصلت عن المجموعة الأولى في مدرسة ثانوية مجاورة.
وفقاً لما صدر عن السلطات الأمنية الروسية، فقد تم العمل مباشرة وفق نظام “عمليات مكافحة الإرهاب”، حيث تمت محاصرة المكان وكانت نتيجة العملية الخاصة، أن دُمر العديد من طوابق مبنى دار النشر الوطنية وعدد من المباني المجاورة، كما قتل جميع المقاتلين الذين تحصنوا في تلك المباني، وبالإضافة إلى ذلك فقد حرق سوق المدينة المركزية “بركات”، الذي كان بجانب موقع العمليات.
ومن حسن الحظ أن المدرسة التي اختبأ فيها “المسلحون” لم يكن فيها أي أحد من التلاميذ أو المدرسين، القتال في المدرسة استمر حتى الواحدة بعد الظهر، وانتهت بمقتل جميع من تحصن، وجرح عدد من القوات الخاصة، وبحسب سلطات إنفاذ القانون؛ فإن المسلحين كانوا معدين بشكل جيد جداً، وكانوا يحملون معهم قاذفات للقنابل والرشاشات وغيرها من الأسلحة.
من جهته، أشار الرئيس الشيشاني “رمضان قاديروف” إلى أن المسلحين كانوا يرتدون زي الشرطة، وأنهم تمكنوا في بداية دخولهم العاصمة من قتل ثلاثة من رجال الشرطة لدى محاولتهم إيقاف السيارات التي كانت تقل المسلحين.
دلالات العملية في جروزني:
يرى الرئيس الشيشاني أن العملية موجهة لإحداث موجة من العمليات المسلحة في يوم يتوجه فيه الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” برسالة أمام المجلس الاتحادي، يتحدث فيها عما تم خلال سنة كاملة، ويتحدث عن الخطوات المستقبلية لسياسة روسيا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ويقول الخبراء: إن الهجوم الذي حصل في العاصمة الشيشانية جروزني، أثبت مرة أخرى أن المشكلات العالقة في القوقاز مازالت لم تحل بالكامل، بالرغم من أن الوضع، قد تحسن إلى درجات كبيرة وخاصة في جمهورية الشيشان.
من يقف وراء العملية؟
بمجرد القضاء على المسلحين، وبعدها بقليل، ظهر على شبكات التواصل الاجتماعي فيديو لأحد المشاركين في العملية، على مقربة من زعيم المسلحين المقتول “دوكو عمروف”، إلا أن عدداً ليس قليلاً من الخبراء يعتقدون أن هناك يداً غربية في الهجوم، وأن رسائل أرسلت من خلال العملية للرئيس “بوتين”، خاصة أن التوقيت كان متزامناً تقريباً مع كلمة “بوتين” السنوية.
صحيفة “كوميرسانت” أشارت إلى أن البيان الذي ظهر في الفيديو على الشبكات الاجتماعية كان لأحد المسلحين، الذي قدم نفسه على أنه من المشاركين في الهجوم على جروزني، وادعى أنه ينصاع لقيادة منظمة “إمارة القوقاز” الممنوعة قانوناً على الأراضي الروسية.
ويشير المتكلم في الفيديو إلى أنه قام بهذه العملية بناء على أمر من الأمير حمزة، الذي يرأس “إمارة” الشيشان، وهو يسمى “أصلان بيتوكايف”، الذي كان الساعد الأيمن لما يسمى بأمير القوقاز “دوكو عمروف” (الذي توفي في سبتمبر 2013م).
ووفقاً لبيان صدر عن هيئة التحقيقات الفيدرالية، فإن “أصلان بيتوكايف” هو من كان يشرف بأمر من “عمروف” على إعداد الأعمال المسلحة التي ارتكبت في يناير 2011م من قبل الأنجوشي، “ماغوميد يفلوييف” في مطار دوموديدوفو بموسكو.
مصلحة للاستخبارات الأجنبية:
لكن صحيفة “نوفي إيزفستيا” (الأخبار الجديدة)، كتبت بأن رئيس البرلمان الشيشاني “دوكوفاخا عبدالرحمانوف”، علق بأن هذا الفيلم غير حقيقي، وأنه تم تجهيزه بعيداً عن جروزني وقبل وقت طويل من عملية اليوم، وأضاف أن هؤلاء الناس يقومون بهذه المهمة نيابة عن وكالات الاستخبارات الغربية ويعملون لمصلحة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
حالة عدم الاستقرار في شمال القوقاز:
من جهته، يقول الجنرال المتقاعد “ألكسي كاندوروف”، الذي عمل في جهاز الاستخبارات الروسية: إن الحادث يؤكد أن روسيا تعيش في حالة مستمرة لعملية مكافحة الإرهاب، والشيشان ليست استثناء، وأشار “كاندوروف” في حديثه مع الصحيفة إلى أن ما يذكر من افتراضات بأن الشيشان استطاع في السنوات الأخيرة أن يعيش في سلام يعتبر خطأ؛ فقط لحسن الحظ أن الإرهابيين مروا من هذه المنطقة، ولكن هذا لا يعني أن ذلك سيكون دوماً بهذه الطريقة السعيدة وسيستمر ذلك إلى الأبد.
“نيزافيسيمايا غازيتا” تعتقد أن هذه الحقائق تشير إلى أنه على الرغم من التطورات الإيجابية في المعركة ضد المسلحين في الشيشان، فإنه لا تزال تعمل في الجمهورية مجموعات مسلحة تحت الظلام، وتعمل ليس فقط في الجبال ولكن في المناطق الحضرية كذلك والمدن الكبرى.
ووفقاً لوزارة الداخلية، ففي مطلع شهر ديسمبر الجاري كشفت وكالات إنفاذ القانون بمنطقة تيريك بالشيشان، على مخبأ للذخيرة وعبوات ناسفة، كما حصلت في 17 نوفمبر في منطقة سوجينسكي في الشيشان اشتباكات مع مسلحين يتبعون لما يسمى بالأمير “بيسلان مخاوري”، وخلال العملية أصيب اثنان من رجال الشرطة وقتل أربعة مسلحين.
عضو المجلس الاستشاري في لجنة مجلس الدوما لشؤون رابطة الدول المستقلة والعلاقات مع المواطنين “بوريس دولجين” قال: إن سبب تدهور الوضع في جروزني، يرجع أساساً ليس لمشكلات الشيشان الداخلية، ولكن الحديث هنا مرجعه إلى زيادة الشعور داخل الشيشان بقبول العنف في المجتمع، وزيادة عدد الأشخاص الذين يحملون الأسلحة، بما في ذلك أولئك الذين يقاتلون في الجنوب الشرقي من أوكرانيا.
أما صحيفة “آربي كا” فكتبت بأن الشيشان تحت قيادة “قاديروف” تعتبر المشروع الأكثر نجاحاً من قبل المركز الفيدرالي في شمال القوقاز، قد نتوافق أو نختلف مع هذا الرأي – تكتب الصحيفة – ولكن أي هجوم إرهابي في الشيشان هو محاولة لتحدي السياسة الفيدرالية، بغض النظر عما إذا كانت هذه المحاولة تتزامن مع تاريخ الرسالة الرئاسية، كما حدث يوم الخميس ٤ ديسمبر أم لا، في الشيشان لا شيء “يَعْلَقُ” على المستوى الإقليمي، فجميع الهجمات والحوادث هناك تأخذ الطابع الفيدرالي بشكل أسرع مما عليه الحال في أجزاء أخرى من شمال القوقاز.
الاستنتاج الرئيس، كما تقول الصحيفة، الذي يجب أن يعلنه الجميع وبكل صراحة بأن مشكلات منطقة القوقاز، وللأسف الشديد، لم تنتهِ، وأن الحدث الذي جرى يوم الخميس إنما هو مجرد تذكير رهيب لذلك.