نشرت جريدة “الشرق” القطرية في عددها الصادر يوم 17 ديسمبر 2014م حواراً مع السيد محمد سالم الراشد، رئيس تحرير مجلة “المجتمع”، وهذا أهم ما ورد في الحوار.
نشرت جريدة “الشرق” القطرية في عددها الصادر يوم 17 ديسمبر 2014م حواراً مع السيد محمد سالم الراشد، رئيس تحرير مجلة “المجتمع”، وهذا أهم ما ورد في الحوار.
· في ظل الاستقطابات والمستجدات العالمية، برأيك ما أبرز التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي الآن؟
– لا شك أن دول الخليج الآن تمر بوضع حساس جداً في ظل ضغوطات دولية وتدافع إقليمي في المنطقة، لكن أعتبر أن أهم تحدٍّ يواجه الأشقاء الخليجيين هو القدرة على إيجاد موقف موحد فيما يتعلق بالإصلاحات الداخلية والتحديات الخارجية، وإنهاء جميع مسائل التباين في إدارة الملفات المستجدة في المنطقة، خاصة الذي حصل في العامين الماضيين، حتى وصل الأمر إلى سحب السفراء بعد الخلاف الذي صار بين قطر من جهة والإمارات والسعودية من جهة أخرى، وهذا الإجراء دل على وجود تباين في وجهات النظر، لكن أعتقد الآن أن الأوضاع تحسنت بشكل كبير، والاتجاه الآن إلى لملمة جميع القضايا الخلافية، وبعودة السفراء تكون الأمور قد سارت في الاتجاه الصحيح، وما نريده أن نوحد رؤانا فيما يتعلق بالمسائل الخارجية.
الوضع في اليمن
في شهر سبتمبر الماضي دخلت جماعة الحوثي إلى العاصمة اليمنية صنعاء واستولت على جميع مؤسسات الدولة.. برأيك هل حدث إخفاق خليجي في استشعار خطر الجماعة؟
– دخول الحوثيين إلى صنعاء لم يكن مخططاً له من قبل الدول الخليجية، ولم يكن في حساباتهم، فقد كانوا يتوقعون فقط تغيراً في موازين القوى في اليمن، خاصة السعودية والإمارات، لكن بتراجع تجمع الإصلاح عن مواجهة الحوثيين على خلاف ما كان يتوقع أصبح الملف اليمني مفتوحاً، والأمور فيه قابلة للتصاعد، خاصة بعد دخول إيران على الخط، ودعم جماعة الحوثي دعماً مباشراً باعتبار الحوثيين أحد حلفائها وإحدى الأذرع لها في اليمن؛ وبالتالي فإن المعادلة في اليمن قد تغيرت بالإضافة إلى وجود القاعدة وقوى أخرى.
· وما المطلوب من قبل دول مجلس التعاون لحل الأزمة اليمنية؟
– إذا لم تتدخل السعودية بقوة وبشكل مختلف وواضح في حديقتها الخلفية وامتدادها الجنوبي ألا وهي اليمن، فإن الوضع هناك قابل لأن تكون هناك حرب أهلية.
· ما الجهة التي فازت بالوضع في اليمن الآن؟
– بكل تأكيد إيران هي الرابح الأكبر.
رؤية قطر للوضع المصري
· كانت مصر هي محل الخلاف بين دول مجلس التعاون، فهل تغيرت النظرة الآن من قبل دول مجلس التعاون، وأصبح هناك توحد في الرؤية تجاه مصر؟
– أعتقد أن قطر مازالت على توجهها من حيث رؤيتها الإستراتيجية لما يحدث في داخل مصر، هو انقلاب عسكري على الإرادة الشعبية المتمثلة في اختيارات الشعب المصري عبر صناديق الاقتراع، لكن كيف تتعامل قطر في بعض التغيرات التي حدثت؟ لا شك أن هناك نوعاً من التغير البسيط في الآلية وليست الإستراتيجية، خاصة في الأمور التي لا تتعلق بإرادة الشعب، ويبدو أن هناك نوعاً من التخفيف الإعلامي في نقد السلطة، وأيضاً بعض الالتزامات تجاه المعارضين المصريين، وربما يكون هذا الإجراء لا يتعارض مع التوجه الرئيس الإستراتيجي لدولة قطر.
· لكن لربما كانت هناك مستجدات خارجية مثلما حدث في اليمن تجعل الطرف الآخر يغير أيضاً إستراتيجيته.. فما رأيكم؟
– باعتقادي أن الملف المصري مازالت الرؤية الأخرى ثابتة ولم تتحول، أما فيما يخص الملفات الأخرى مثل اليمن فهناك إدراك حدث لحجم الأخطار التي يمثلها تجاهل الملف اليمني.
الملف السوري
· وماذا عن الملف السوري خاصة في ظل إدارة شبه منفردة له من قبل إيران وروسيا؟ وهناك تلاقٍ وتبادل مصالح بين نظام “الأسد” و”داعش” ودعم المعارضة المعتدلة كفيل بإسقاط التنظيم؟
– الملف السوري ملف معقد للغاية، حيث دخلت فيه معادلات جديدة مثل التحالف ضد “داعش”؛ وهو ما غير الموازين بشكل كبير جداً، وعدم التدخل التركي في التحالف ضد داعش وشروطها فيما يتعلق بالنسبة لإقامة منطقة آمنة، فيما يتعلق أيضاً بدعم قوى الثورة المعتدلة، وكذلك طريقة مواجهة النظام الأسدي، وهذه الشروط الثلاثة التركية أعتقد أنها تمثل تحدياً أيضاً للدول الخليجية؛ حيث يلزم دراسة الملف السوري بعناية، خصوصاً بعد العامل الجديد ألا وهو الاتفاق الإيراني الأمريكي الذي يعطي لإيران أفضلية إستراتيجية عن دول الخليج، خاصة فيما يتعلق بشؤون المنطقة، وهو ما يتطلب أن تعيد دول الخليج إستراتيجيتهم وإعادة ترتيب أوراقهم فيما يتعلق بالملف السوري.
· فيما يتعلق بالملف السوري، هناك مؤشرات عن تخلي إيران عن رأس النظام السوري في مقابل تحالف قوي في مواجهة داعش؟
– كما قلت لك؛ الموضوع السوري معقد ليس فقط ما يتعلق بمسؤولية دول الخليج، بل الأمر لابد أن تكتمل فيه رؤية كاملة من قبل أمريكا وروسيا وإيران، وبرأيي الشخصي فإن إمكانية وجود حل مثالي في الملف السوري تتوافق عليه جميع الأطراف أمر صعب وربما يكون مستحيلاً وهذا يجعل الأزمة السورية مرشحة للاستمرار.
تنظيم داعش
· في الأشهر الماضية برز اسم تنظيم داعش كقوة مؤثرة في المنطقة.. برأيك ما الأسباب التي أدت لظهور هذا التنظيم بهذه القوة؟
– أولاً الفراغ ثم السعي لتفتيت بعض الدول مثل سورية والعراق حيث أثبت النظام في العراق أنه نظام طائفي، ولم يدرِ العراق بشكل صحيح أنه أدارها بشكل طائفي، وهو ما أوجد خللاً متعمداً في منظومة أهل السُّنة، هناك بتغوله عليهم ووصفهم بالإرهاب وإقصائهم من المنظومة المدنية والرسمية، وهذا الذي أدى لظهور تنظيم مثل داعش، وكون النظام العراقي يستخدم العنف والسلاح في مواجهة الآخرين، فإن رد الفعل كان بنفس الطريقة، وفي المقابل، فإن التنظيم لديه خبرة سابقة في التعامل مع هذا العنف الذي تفرضه السلطة، فهو امتداد واقعي لتنظيم “القاعدة” من حيث الفكر وطريقة المواجهة، حيث استطاع القدرة على التعبئة، واستطاع أن يجذب رد الفعل ويجعلها في صفه، في حين لم تستطع القوى السُّنية الأخرى أن تجذب تعاطفاً مثلما فعلت داعش، أيضاً حصول التنظيم على أسلحة متقدمة ومتطورة نتيجة خبرته وجرأته أوجد له قوة ومساحة سيطرة داخل العراق وجعله أيضاً في عافية ومنعة من أن ينال منه النظام السوري، كذلك كما فعل مع قوى المعارضة الأخرى؛ حيث إن داعش لم تواجه النظام السوري إلى الآن لحسابات مصالحية بينهم.
· ما تفسيرك لعدم مواجهة داعش للنظام السوري إلى الآن؟
– كما قلت لك مواجهة داعش للنظام السوري سوف تكون خاسرة وستضعف قوتها في داخل سورية، كما حدث مع تنظيمات أخرى، وأيضاً هناك اختراق لداعش من قبل النظام السوري مما مكن النظام من تحويل دفة التنظيم إلى أماكن أخرى، كما أن هناك تبادل مصالح أيضاً بين التنظيم والنظام السوري، حيث إن النفط الذي تستولي عليه داعش تبيعه للنظام السوري، وهذا يدل على أن علاقتهما ليست تدافعاً إنما تبادل مصالح.
· برأيك.. كيف تتم مواجهة تنظيم داعش؟
– إيجاد موقف موحد تجاه الإصلاحات الداخلية والتحديات الخارجية، وإنهاء التباين أهم التحديات التي تواجه الخليج.. و”داعش” نتاج الفراغ الحادث ومحاولة لتفتيت سورية والعراق والحرب ضده مفتعلة
الحرب ضد داعش حرب مفتعلة، وأما الحلول التي تهدف إلى القضاء على داعش أو محاصرتها فتتلخص في أن يمكّن السُّنة من أخذ حصتهم سواء في السلطة أو غيرها بطريقة حقيقية وليست شكلية.. هذا في العراق، أما سورية فدعم المعارضة المعتدلة كفيل بإسقاط نفوذ داعش وستنتهي هذه الظاهرة.
· وهل وجود التنظيم ينصب في مصلحة دول إقليمية وغيرها؟
– بالطبع نعم، فوجود التنظيم يخدم مصلحة إيران بأن أوجد لها المبرر للتدخل في شؤون سوريا والعراق ودول أخرى وكذلك أمريكا بأن تضغط على الأنظمة الإقليمية وتستنزفها مالياً، وفي المقابل “إسرائيل” تريد الضغط أيضاً على النظام السوري، لكن لا تريد إسقاطه كي يخضع لها ويحمي حدودها.
· ربما الوضع في مصر متشابه إلى حد ما مع الوضع العراقي والسوري في عدم وجود عملية سياسية صحيحة، وبروز حالة قمع وتنكيل بالمعارضين غير محدودة.. فهل هذا الوضع قابل بصعود تنظيم مثل داعش في مصر؟
– بالطبع إذا نظرنا إلى الوضع المصري بنظرة متجردة يمكن أن نقول: إنه وضع قابل لخلق تنظيم مثل داعش، خاصة أن البيئة الحالية متوافرة له وتهيئ أن يبرز مثل هذا التنظيم، فالسياسة التي يتبعها النظام المصري تجاه شعبه الآن وكذلك السياسة “الإسرائيلية” تجاه الفلسطينيين من خنق غزة وقمع سكان الضفة والقدس هذه السياسات تخلق تنظيماً متطرفاً مثل داعش وغيره، خاصة أن قابليته موجودة في هذه البيئة، وكذلك كتبه ومراجعه وأدبياته وأدواته كلها موجودة بوفرة في هذه البيئة؛ وبالتالي فمن السهل أن يكون هذا التنظيم موجوداً في مصر، وتتوافر له حاضنة أو على غراره مع نفس الشعارات والأساليب مثلما رأينا ذلك في التسعينيات أثناء مواجهة النظام المصري مع الجماعات الإسلامية.
العدوان على غزة
· بعد انتهاء العدوان الأخير على غزة، ظهرت الصورة عكس أي عدوان سابق، فقد رأينا تأييداً واضحاً من قبل أنظمة عربية للعدوان، وبعض التقارير كشفت عن تحريض وتعاون.. فهل تغيرت النظرة بعد انتهاء العدوان وانتصار المقاومة؟
– لا أعتقد أن يكون هناك تغيير كبير بقدر ما أرى أن هناك ربما تفهماً من أن “إسرائيل” رافضة لكل مبادرات السلام، وفي مقدمتها مبادرة الملك عبدالله ورافضة إجراء أي حوار مع الفلسطينيين، وأي تراجع إلى الوراء بل العكس، وهي تتمدد أكثر ببناء المستوطنات واستفزاز مشاعر المسلمين فيما يتعلق بالقدس؛ وبالتالي كل هذه التصرفات ستغلق الباب أمام أي طرف يريد التعامل مع “إسرائيل” أو يحاول الحل.
· بعد العدوان الأخير على غزة عقدت مفاوضات مع الجانب “الإسرائيلي” وتم الاتفاق على فك الحصار عن غزة.. برأيك هل نفذت “إسرائيل” مطالب الاتفاق؟
– بالطبع لم تنفذ أي بند وأنا أرى أن دول مجلس التعاون لابد لها الآن بعد هذه التجاوزات أن تفتح خطوطاً جديدة مع المقاومة، وكذلك أن تستغل ما يحدث في القدس، وما تفعله “إسرائيل” من انتهاك لحقوق الإنسان وتوظف هذه الملفات لصالح الإخوة في فلسطين.
· وماذا عن الدور الكويتي تجاه المقاومة؟
– الكويت كانت منذ زمن في مقدمة الدول الراعية للمقاومة، وأعتقد أن الدور لم يتغير، خاصة أن وجهة النظر الكويتية ترى أن الفلسطينيين لم يأخذوا حقوقهم؛ وبالتالي ستظل دولة الكويت تدافع عن حقوق الفلسطينيين في وطنهم؟
· وما هي أيضاً وجهة نظر دولة الكويت فيما يحدث في اليمن؟
– الملف اليمني هو ملف خليجي في المقام الأول، وليس كويتياً فقط؛ وبالتالي وجهة نظر الكويت ستكون في إطار وجهة النظر الخليجية.