ي قرارين مختلفين – تشريعي وقضائي – قضت هيئتان أوروبيتان، بالشأن الفلسطيني، أحدهما: الصادر عن البرلمان الأوروبي لصالح السلطة الفلسطينية، والذي يدعم مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن
في قرارين مختلفين – تشريعي وقضائي – قضت هيئتان أوروبيتان، بالشأن الفلسطيني، أحدهما: الصادر عن البرلمان الأوروبي لصالح السلطة الفلسطينية، والذي يدعم مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن، والثاني: الذي صدر عن محكمة العدل الأوروبية لحقوق الإنسان، وكان لصالح حركة “حماس”، والذي أمر بشطب الحركة عن قوائم الإرهاب، ما أديّا للوهلة الأولى لدى كل من الطرفين الفلسطينيين السلطة و”حماس”، إلى اعتبارهما إنجازاً مهمّاً، ولو أنهما غير مفيدين كفايةً، ولا يرقيان للطموحات الفلسطينية المسجلة لديهم، فعلاوةً على أنهما غير مُلزمين، سواء أمام مجلس الأمن أو أمام حكومات الدول الأوروبية أيضاً، فإن البرلمان الأوروبي، قد لجأ إلى تغيّر الصيغة الأصلية لقراره – سعياً إلى تمريره – والتي تدعو صراحة وبشكلٍ مباشرٍ إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67، حيث أتت الصيغة المُخففة، بأن الاتحاد الأوروبي يدعم (مبدئياً) الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين، عبر المفاوضات ومحادثات السلام، وهو الأمر الذي لا يديم السرور بكامله لدى الفلسطينيين.
وفي القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية – وهي ثاني أعلى محكمة في الاتحاد، ومقرّها دولة لوكسمبورج – والخاص برفع اسم “حماس” من قائمة الإرهاب، فإن قُضاة المحكمة قد قبلوا الاستئناف المقدم من قبل الحركة، وقضوا بأنه لا يجب إنزال العقاب على الحركة أو جمهورها بسبب أن التصنيف لم يستند إلى أسس قانونية أوروبية، ويعتمد فقط على معلومات كيديّة، أو ما يصدر عن الصحافة ووسائل الإعلام، أو استناداً إلى معلومات قدّمتها كلٌ من الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وهو التصنيف الذي يتنافى وقوانين الاتحاد الأوروبي، الذي يتطلب استخدام مواد خاصة به كأساس شرعي، لكن قرارهم وعلاوةً على أنه تضمّن الإبقاء على تجميد أصول الحركة المتواجدة داخل الدول الأوروبية، فإنه اعتُبر بمثابة خطوة تقنيّة ومؤقتة في ذات الوقت، إلى حين إبراز دلائل مستقلّة، تؤكد ارتباط “حماس” بالنشاطات الإرهابية، التي تجيز إدراجها تبعاً للتصنيف.
“إسرائيل” وبرغم ما تقدّم، لم تستسغ الأمر، على الرغم من تطمينات الاتحاد، الذي خشي تلقي ضجّة “إسرائيلية” صاخبة حول هذا الشأن، بأن شيئاً لن يتغيّر، ولكن البيروقراطية لا تمكن خلاف هذه الخطوة في الوقت الحاضر، وأن الاتحاد لا يزال على عهده في أنه يرى أن الحركة “إرهابية” من جانب، وسيسعى جهده في جمع الأدلة الدامغة لإدانتها، وأن ليس بإمكانها – “حماس” – خلال مدّة الثلاثة أشهر الممنوحة لسريان القرار، استغلال الخطوة لتفعيل شيئاً من نشاطاتها داخل الاتحاد من جانبٍ آخر، بناءً على إصدار مرسومات مؤقتة ستتولّد لاحقاً.
وكان الاتحاد قد قام بتكثيف اتصالاته مع “الإسرائيليين”، وعلى رأسهم رئيس الحكومة “بنيامين نتانياهو”، الذي حذّر من أن تفلت “حماس” من قائمة الإرهاب الأوروبية، وأوضح بأن “إسرائيل” لا ترضى بالتفسير (شأن تقني) لتبرير تلك الخطوة، ووصف التطمينات الأوروبية بأنها ليست كافية، وطالب الاتحاد بأن يُعيد “حماس” للقائمة “الإرهابية” على وجه السرعة، بحجّة أن الجميع يعلم بأنها جزء لا يتجزأ من هذه القائمة، بدلالة أنه مكتوبٌ في وثيقتها، بأن من أهم أهدافها هو تدمير الدولة.
“إسرائيل” ككل، وإن كانت قلقة بشأن هذين الإجراءين، ولكنها تبدو قلقةً أكثر، بشأن انتظارها لنتائج إجراءين آخرين آتيين، وهما، نتائج المشروع الفلسطيني – الفرنسي، أمام مجلس الأمن بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والثاني: هو ما ينتج عن المؤتمر الخاص الذي دعت إليه سويسرا، والذي يتعلق بالأراضي الفلسطينية، لمناقشة آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية، والقدس الشرقية بشكلٍ خاص.
ومهما يكن من أمر، فإن القرارين وما ينطوي عليهما جديران بالتقدير، ليس فقط بسبب مساهمتهما في رفع المعنويات لدى الفلسطينيين، وإنما للتغيير الحاصل والمحتمل لدى دول الاتحاد باتجاه القضية الفلسطينية أيضاً، الذي من شأنه أن تتوافر إمكانية التعليق على تقدّمات أوروبية أخرى تالية، سيما وأنها تحرص على رفع خطابي السلام وحقوق الإنسان.
(*) خانيونس – فلسطين