كلنا نريد نفس الأشياء، نريد الصحة، والحب، والسعادة، والوفاء، والمال، والآمال من أجل مستقبل أفضل.. الفرق بيننا هو فقط في الطريقة التي نسعى بها لتحقيق هذه الاحتياجات
كل الناس لديهم نفس الرغبات ونفس الاحتياجات الأساسية.. يتصل بي يومياً الآلاف من الناس من خلفيات عرقية مختلفة، من المدن والبلدات المختلفة، يعيشون في مستويات اجتماعية واقتصادية مختلفة.. صدقوني، كلنا نريد نفس الأشياء، نريد الصحة، والحب، والسعادة، والوفاء، والمال، والآمال من أجل مستقبل أفضل.. الفرق بيننا هو فقط في الطريقة التي نسعى بها لتحقيق هذه الاحتياجات، ولكن الأساسيات بالنسبة لنا جميعاً هي نفسها.
فكر في الأمر؛ إذا سألتك، بسرعة، في جملة واحدة: ماذا تريد من الحياة؟
أراهن أن كل الردود ستكون على هذه الشاكلة: «أريد أن أكون سعيداً، وأكوِّن أسرة سعيدة، وأمتهن مهنة أحبها.. إلخ»، ردود تتسم بالعمومية الشديدة، ولا تعني شيئاً على الإطلاق، هذه أسئلة غير مفيدة، ولا معنى حقيقياً لها، وهي بالضبط الأسئلة التي كثيراً ما نسألها لأنفسنا.
فأي نوع من الأسئلة يجب أن تسأله لنفسك بدلاً من ذلك؟ أسئلة تحاصرك وتضعك في مأزق، أسئلة تدفعك لتقديم التضحيات التي تأخذك إلى حيث تريد أن تذهب، الأسئلة التي تحفزك على التركيز على الخطوة التالية إلى الأمام، أسئلة مثل:
1- ما الشيء الذي يستحق أن تعاني من أجله؟
إذا كنت ترغب في فوائد شتى من الحياة، فعليك أن ترغب أيضاً في التكاليف، إذا كنت ترغب في قيمة مطلقة، عليك أن ترغب في العرق، وألم العضلات، ووجودك في الصباح الباكر في الصالة الرياضية، ووجبات منخفضة الكربوهيدرات، إذا كنت تريد أن تكون رجل أعمال ناجحاً، فعليك أن ترغب أيضاً في السهر لوقت متأخر من الليل، وعقد الصفقات التجارية المحفوفة بالأخطار واتخاذ القرارات الحاسمة والخطرة، وإمكانية الفشل 50 مرة لمعرفة ما تحتاج إلى معرفته لتحقيق النجاح، إذا كنت تجد في نفسك الرغبة في شيء شهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة، ولكنك لا تحقق شيئاً؛ فأنت إذاً مثالي أو خيالي بعيد عن الواقع، وربما تكون غير راغب في الواقع على الإطلاق؛ لأنك لا ترغب في المعاناة.
2- بناء على الروتين والأعمال اليومية.. أين يمكن أن تتوقع أن تكون في خلال خمس سنوات؟
هذا السؤال يدعم فقط السؤال الأول؛ إذا كانت لديك فكرة عما تريد في الفصل التالي من حياتك كيف سيبدو، فعليك أن تفعل الأشياء التي تدعم هذه الفكرة كل يوم، على أي حال، قبل أي شيء، لن تحقق أي شيء حتى تُنجز معه شيئاً مثمراً، والحقيقة أنه طالما ظلت الفكرة العظيمة محبوسة في رأسك فستضر أكثر بكثير مما تنفع، عقلك الباطن يعرف أنك تماطل في شيء مهم، والعمل الضروري المطلوب لتحافظ على أسباب تأجيل الإجهاد، والقلق، والخوف، هو المزيد من التسويف؛ حلقة مفرغة تظل تتفاقم حتى يقطعها العمل.
3- ما الذي تحتاجه لقضاء وقت أقل أو أكثر للمضي قدماً؟
معظمنا يقضي الكثير من الوقت في القيام بما هو عاجل وليس ما هو مهم، وبعبارة أخرى، فإن الإنتاجية لا تقتصر فقط على الإنجاز، ولكنها تعني القيام بالأشياء الصحيحة.
انظر في نهاية كل يوم، في كيفية قضاء وقتك، واضبط وقتك غداً حسب ما تقتضيه الضرورة، وكيف تبذل قصارى جهدك للتخلص من تعقيدات الجدول الزمني الخاص بك حتى تتمكن من قضاء مزيد من الوقت في الأمور التي تهمك، وهذا يعني القضاء على جميع المهام الهامشية والإبقاء على المهام الأساسية التي تضيف قيمة لحياتك، وقبل كل شيء، تعرف متى تضع جانباً الأمور الهامشية للاهتمام بالأشياء الحيوية، مثل الأسرة.
4- ماذا تخدم؟ ولأجل ماذا تعمل؟
أو كما وضعها «فيكتور فرانكل» ببلاغة: لا تهدف إلى النجاح، فكلما ركضت وراءه وجعلته هو الهدف الوحيد؛ فقدته؛ لأن النجاح مثل السعادة، لا يمكن تتبعه، ولكن يجب أن تصنعه، ويحدث ذلك فقط عند التفاني الشخصي من أجل قضية أكبر من الذات، لذلك فكر بشكل أكبر، أن تكون جزءاً من شيء أكبر من ذاتك، وهذا يمكن أن يكون أي شيء.. بعض الناس يأخذون دوراً نشطاً في مجلس المدينة المحلي، ويجده البعض في اللجوء لإيمانهم أو للأسرة، والانضمام لبعض النوادي الاجتماعية لدعم القضايا التي يتردد صداها، والبعض الآخر يجد العاطفة في حياتهم المهنية، في كل حالة من تلك الحالات تجد النتيجة النفسية نفسها، الانخراط في شيء يؤمنون به بقوة، وهذا الانخراط والاشتباك هو الذي يؤدي للسعادة والنجاح، ولوجود معنى لحياتهم.
5- ما الذي تتظاهر به؟
الحقيقة التي ننكرها نعود لنبحث عنها، هناك طريقتان يمكن أن يخدعك بهما عقلك الباطن؛ الأولى: أن تصدق ما ليس صحيحاً، والثانية: أن ترفض أن تصدق ما هو صحيح، شكلان مأساويان من خداع الذات؛ لأن الشخص الذي يكذب على نفسه ويستمع لهذه الأكاذيب التي يكذبها يصل إلى درجة ألا يستطيع بعدها التمييز بين الحقيقة والكذب، وهكذا يفقد احترامه لنفسه وللآخرين من حوله، لا تكن هذا الشخص، كل الاحتمالات تظل مفتوحة عندما نتوقف عن خداع أنفسنا.
6- ما الأشياء المرفوضة التي لا تزال تلتصق بك؟
في كثير من الأحيان ندع الرفض القادم من ماضينا يملي علينا كل خطوة نخطوها نحن حرفياً، لا نعرف أنفسنا أفضل مما أخبرنا به أي شخص في ظرف ما ذات مرة، وبطبيعة الحال، هذا الرفض القديم لا يعني أننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية؛ هذا يعني فقط أن شخصاً أو ظرفاً من ماضينا فشل في التوافق معنا في ذلك الوقت؛ وهو ما يعني أننا كنا نحتاج المزيد من الوقت لتحسين شيء لدينا، والبناء على أفكارنا، أو إتقان حرفة لدينا، لا تدع الرفض القديم يقيم إقامة دائمة في رأسك، اطرده بعيداً وتخلص منه.
7- ما الذي لا تريده أن يعرفه الآخرون عنك؟
هذا السؤال يصل مباشرة لقلب انعدام الأمن الخاص بك، دعه يذكرك بأن المشكلات والعيوب هي جزء من حياة كل فرد، إذا حاولت إخفاءها، فإنك لا تعطي الأشخاص في حياتك فرصة لمعرفتك حق المعرفة ومن ثم حبك كما أنت، وبذلك تسمح للمشكلات الصغيرة أن تتصاعد وتهيمن على ثقتك بنفسك، عندما تقع في خطأ ما، قد تنزعج، ولكن لا تدفن الخطأ، الأخطاء المفتوحة من السهل التصدي لها، مشكلاتنا نعمة إذا استخدمناها لننمو ونقوى، مشكلاتك سيراها المحيطون بك شيء عادي لأنك بشر وهم بشر.
8- هل الناس من حولي يساعدونني أم يؤذونني؟
جزء كبير من كينونتك في الحياة له علاقة بالذين اخترت أن تحيط نفسك بهم، وكما تعلم، من الأفضل أن يكون الإنسان وحده بدلاً من أن يكون جزءاً في شراكة سيئة، وأنت ببساطة لا يمكن أن يتوقع منك أن تعيش الإيجابية، وتحقق إنجازاً في هذه الحياة إذا كنت تحيط نفسك بالسلبية والسلبيين، عليك أن تنأى بنفسك عن هؤلاء الناس، وهذا قد لا يكون سهلاً، وخصوصاً عندما يكون هؤلاء من الأصدقاء المقربين أو من أفراد الأسرة، هذا شيء لابد من مواجهته مهما كانت صعوبته، قد يكون هناك نصيب للحظ في حياتك، وخاصة من حيث صلته بعائلتك وأصدقاء الطفولة، ولكن عليك أن تقرر وتختار من ستقضي معظم وقتك معهم.
9- ما واجباتي مقارنة بإمكاناتي؟
رغبات الأنا لدينا هي في كثير من الأحيان في صراع مع عواطف قلوبنا، أوجِد توازناً بين التخطيط والوجود، بين السعي والتقدير، اعمل بجد، ولكن لا تبحث عن شيء أفضل في كل ثانية، يجب أن تكون على استعداد لتخفيف قبضتك على الحياة التي خططت لها حتى تتمكن من التمتع بالحياة واللحظة التي تحياها، قد لا تحوز كل ما تريده لمستقبلك، ولكن هذا كل ما تحتاجه الآن.
10- ما الذي يستحق أن تبتسم له الآن؟
أظهرت دراسة علمية حديثة أن الأطباء الذين وضعوا في حالة مزاجية إيجابية قبل التوصل إلى تشخيص حالة ما كانت قدراتهم الفكرية أفضل من الأطباء الذين وضعوا في حالة محايدة، مما يسمح لهم بعمل تشخيصات دقيقة تقريباً 20% أسرع من غيرهم، ثم انتقلت الدراسة نفسها إلى المهن الأخرى؛ فوجدت أن مندوبي المبيعات المتفائلين تفوق مبيعاتهم عن نظرائهم المتشائمين بما يزيد على 50%، الطلاب الذين شعروا بالسعادة قبل اختبارات الرياضيات يتفوقون بكثير عن أقرانهم المحايدين، هكذا اتضح أن عقولنا هي ماثلة حرفياً لأداء أفضل عندما لا تكون سلبية، أو حتى محايدة، عقولنا أفضل عندما تكون إيجابية.
الحياة مليئة دائماً بعلامات الاستفهام، ولكن الشجاعة هي في الحصول على أجوبة لهذه الأسئلة التي ستظل تثار في حياتنا، والمرء – بصراحة – يمكنه أن يقضي حياته يتمرغ في اليأس، متسائلاً: لماذا أنا الشخص الذي يسير على الطريق الذي تتناثر فيه المتاعب ويسوده الارتباك؟ أو أن تكون ممتناً لكونك قوياً بما فيه الكفاية للبقاء على قيد الحياة والتقدم إلى الأمام.