هذه الظاهرة أشد ظاهرة على الوالدين، وبها تختل العلاقة بينهما، وتتأثر كذلك علاقته بالمعلمين ومن حوله، وللتنبيه فليس كل مراهق غضوباً، إنما هو سلوك قد يكون مكتسباً أو ردَّ فعل
انتهينا في المقالات السابقة من الحديث عن الأسباب المؤثرة في النمو الانفعالي لدى المراهق.. في هذه المقالات نأخذكم في جولة في مظاهر هذا النمو المهم في حياة المراهق أو الإنسان، إن صح التعبير، فمن خلال نضج هذا الجانب يتحدد علاقاته وحياته الاجتماعية، وهل الإنسان إلا مجموعة من العلاقات تبدأ بالله تعالى ثم بذاته وتنتهي بالآخرين.
هنا سنناقش أهم هذه المظاهر؛ وهي: الغضب، والاكتئاب، والخجل، والعناد.. ونبدأ بالغضب.
الغضب لدى المراهق:
ولعل هذه الظاهرة أشد ظاهرة على الوالدين، وبها تختل العلاقة بينهما، وتتأثر كذلك علاقته بالمعلمين ومن حوله، وللتنبيه فليس كل مراهق غضوباً، إنما هو سلوك قد يكون مكتسباً أو ردَّ فعل للأسباب التالية:
1- وجود نموذج للغضب:
وهو ما نسميه بـ«القدوة»، في العادة سواء أكنا نتعمد ذلك وعن قصد منها نتخذ قدوة لنا في الحياة وأنموذجاً نقتدي به، خاصة في مرحلة المراهقة، قد نعجب بشخص معلم أو مربٍّ أو والد أو والدة، يجد فيهم المراهق القوة عند الغضب وتنفيذ ما يريدون؛ فيجعل منهم قدوة لاكتساب سلوك الغضب؛ ولذلك على الآباء والمربين الحذر وتعديل وضبط انفعالاتهم؛ لأن المراهق سيكتسب هذا السلوك من خلالهم، وعند غضب أحد المربين عليهم بالتغذية الراجعة، ومناقشة الموقف الذي أدى لانفعال الغضب، وإظهار أنه سلوك سيئ، ويعِد بتعديل سلوكه، وليجعل من الأبناء معاونيه في ذلك عند بداية غضبه أن يقوموا بتنبيهه.
2- عدم معرفة المراهق التعبير عن ذاته:
وهذه إحدى مشكلات العالم الشرقي، عدم السماح للطفل بالتعبير عن غضبه أو انفعالاته، خاصة الأولاد؛ بحجة أنه رجل، وأنه عيب عليه أن يبكي، أو أن يشكو، أو أن يتكلم عما أصابه من خيبه أو انكسار؛ بحجة الرجولة الواهية، ولو اتخذنا سُنة الحبيب المصطفى [ لوجدناه أنه بكى، وحزن، كما حزن الصحابة رضوان الله عليهم، فلم ينكر عليهم ذلك، ولم يشكك في إيمانهم، بل علَّمهم رقية الهم والحزن.
أما بالنسبة للتعامل مع الإناث، فإننا – للأسف – نربيهن على كتمان حزنهن وهمهن، وعدم تعليمهن التعبير الصحيح عن مشاعرهن.
ولكن يمكن أن نعلِّم المراهقين التعبير عن النفس من خلال:
– ممارسة الهوايات التي من خلالها يتمكنون من التنفيس عن مشاعرهم والتعبير عن ذواتهم؛ مثل الرسم، الحياكة، الديكوباج، الطهي، الرياضة بأنواعها.
– التنفس وتقنياته، وببساطه تكمن طريقته بأخذ نفس من الأنف بمقدار عدتين واحد اثنين، مع انتفاخ البطن – مثل الطفل الرضيع – يحبس بمقدار عدتين، ويستخرج من الفم بمقدار عدتين.
– الكتابة التعبيرية التي تفرغ ما في النفس؛ مثل الخواطر ورسائل الحب أو رسائل الغضب التي يمكننا تعليم المراهق كتابتها.
– إيجاد بيئة إيجابية له قدر المستطاع.
3- عدم إشباع حاجاته الفسيولوجية:
وهذه نقطة مهمة على المربين والآباء الانتباه إليها، وهذه الحاجات تتمثل في الأكل والشرب والنوم، فعند نقصها تسبب عند البعض نوبات غضب، فليحرص الآباء على توفير الطعام الصحي الذي يحبه المراهق، والحرص على أخذ كفايته من النوم، فالمراهق يحتاج ما يعدل 10 – 12 ساعة للنوم، وقد تنقص وتزيد عند البعض.