شهد السودان خلال العام 2014م العديد من الأحداث التي أدت إلى تغيير المسار السياسي في البلاد، حيث كان شهر يناير من العام بداية للتحول لذلك المسار، عندما أعلن الرئيس السوداني “عمر البشير” بمباركة كافة القوى السياسية الحوار الوطني لحل مشكلات البلاد؛ الأ
تناقضات بن الدعوة للحوار الوطني وإعلاني باريس ونداء السودان
إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية بالخرطوم وطي الخلافات المكتومة مع السعودية
شهد السودان خلال العام 2014م العديد من الأحداث التي أدت إلى تغيير المسار السياسي في البلاد، حيث كان شهر يناير من العام بداية للتحول لذلك المسار، عندما أعلن الرئيس السوداني “عمر البشير” بمباركة كافة القوى السياسية الحوار الوطني لحل مشكلات البلاد؛ الأمر الذي اعتبره المراقبون بأنه الحدث الأبرز في المشهد السياسي السوداني، صاحب ذلك الاتفاق الذي وقعته الجبهة الثورية وزعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي في باريس والذي يعرف بإعلان باريس لحل مشكلات السودان ثم نداء السودان الذي وقعته القوى السياسية المعارضة.
فإذاً كان عام 2012م هو عام الصدمة للحكومة السودانية بعد انفصال جنوب السودان، وخروج عائدات النفط من الموازنة العامة للدولة، فإن عام 2013م هو عام الخروج من تلك الصدمة ليأتي العام 2014م بكل تداعياته السياسية والاقتصادية، وكان إعلان الحوار الوطني هو بمثابة الاعتراف بطريقة غير ضمنية بأن الإقصاء ليس هو الأسلوب الأفضل الذي يحتاجه السودان وهو يعاني من صراعات قبلية وحرب أهلية وضغوط اقتصادية.
ورأي المراقبون أن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في باريس بمثابة نكسة لإعلان الحوار الوطني؛ الأمر الذي أدى إلى عدم عودة الصادق المهدي الذي يعتبر لاعباً أساسياً في المشهد السياسي السوداني، لما يمثله من أهمية كبيرة للقوى السياسية، خاصة التي تنتهج المعارضة؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور د. حسن الترابي، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، على المسرح السياسي، وإعلانه الدخول في الحوار الوطني، وأصبح حزبه واحداً من آليات الحوار الوطني.
التفاوض مع المتمردين:
رغم التفاؤل الكبير الذي انتاب الشارع السوداني بأن الإعلان عن الحوار الوطني سيمهد الطريق للوصول إلى تسوية سياسية مع حاملي السلاح في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؛ فإن التعثر الذي صاحب انطلاقة الحوار الوطني أثر بدوره على جولات التفاوض التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مع قطاع الشمال والحكومة وحركات دارفور من جهة أخرى مع الحكومة السودانية.
ولكن سرعان ما انهارت تلك الجولات التفاوضية؛ الأمر الذي أدى إلى حالة من الإحباط، خاصة بعد إعلان الحكومة بأن هذا العام سيشهد صيفاً حاسماً للتمرد، بمعنى أن القوات المسلحة السودانية تلجأ إلى الحرب بعد أن فشلت في التوصل لاتفاق سياسي مع المتمردين.
كرت أحمر لقوات “اليوناميد”:
ونتيجة لكل الأحداث التي شهدتها الساحة السودانية، لم تسلم القوات المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بدارفور من الإنذارات والتهديدات المباشرة من قبل السلطات السودانية، وكانت تصريحات الرئيس “البشير” أمام حشد من مزارعي السودان هي بمثابة الكرت الأحمر لهذه القوات، حيث أعلن “البشير” صراحة بأن على قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور أن تحزم أمتعتها والاستعداد لمغادرة البلاد عندما قال: “بارك الله فيمن زار وخفّ”؛ في إشارة واضحة لتلك القوات أن تغادر الأراضي السودانية، واتهامها بعدم القيام بمهامها؛ الأمر الذي زاد العبء على القوات المسلحة التي تقوم بدور حماية تلك القوات.
تقارب مع مصر وانقلاب الطاولة على إيران:
على صعيد العمل الخارجي، شهد السودان أحداثاً مهمة خاصة مع إيران والسعودية والإمارات وجمهورية مصر العربية، فالقرار الذي أصدرته الحكومة السودانية بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في الخرطوم بسبب ما تقوم به من أعمال أدت إلى تزايد أعداد الشيعة في السودان، وتحوطاً من إحداث فتنة بين السودانيين السُّنة والشيعة، عملت الحكومة على إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية التي تمددت بصورة كبيرة في السودان، وهذا الإعلان أدى بدوره إلى طي الخلافات المكتومة بين السودان والسعودية والإمارات؛ مما أدى إلى التقدم الايجابي نحو تطوير هذه العلاقات؛ وبالتالي انعكس هذا التطور على انفتاح السودان نحو مصر بعد أن كان هناك تحفظ للانقلاب الذي حدث في مصر وإبعاد الإخوان المسلمين من سدة الحكم في مصر، فقد قام الرئيس البشير بزيارة إلى القاهرة أدت إلى تحريك الجمود في العلاقات بعد انقلاب 30 يونيو.
ومن القضايا المهمة التي أحدثت حراكاً في المشهد السياسي إعادة قضية المحكمة الجنائية الدولية إلى مجلس الأمن الدولي؛ الأمر الذي اعتبرته الحكومة محاولة لتصعيد القضية من جديد داخل مجلس الأمن وممارسة الضغوط على الخرطوم.
وكان انعقاد المنتدى العربي الروسي في الخرطوم بمشاركة وزير الخارجية الروسي “سيرجيي لافروف” إعادة الأمل إلى أن السودان يمكنه أن يؤدي دوراً كبيراً في مبادرة خادم الحرمين الشريفين حول الأمن الغذائي العربي.