كثرت بالكويت في الآونة الأخيرة دعوات غريبة عن المجتمع، مثل دعوات الخمر والمخدرات مثل الشبو وغيرها، وإفساد الفتيات بدعوى “البويات”، فما وجهة نظركم في تلك الدعوات الغريبة وموقف المجتمع الكويتي منها؟ “المجتمع” توجهت للشيخ د. يوسف السند، عضو مجلس إدارة ج
الدعوة إلى إباحة الخمور هي دعوة منكرة ودعوة سافرة
الولد الذي تعلق بالخمر أو المخدرات أو الشبو أو أصبح يتمايل تمايل البنات أو ينتهج العنف والإجرام.. هل هذا يبني وطناً؟!
المعلم له دور والأستاذ في الجامعة له دور والأم في البيت لها دور والجميع له دور
يجب أن تتضافر الجهود في المؤسسات وأن تتحد التوجهات حفاظاً على أمننا ومجتمعنا
كثرت بالكويت في الآونة الأخيرة دعوات غريبة عن المجتمع، مثل دعوات الخمر والمخدرات مثل الشبو وغيرها، وإفساد الفتيات بدعوى “البويات”، فما وجهة نظركم في تلك الدعوات الغريبة وموقف المجتمع الكويتي منها؟
“المجتمع” توجهت للشيخ د. يوسف السند، عضو مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي، بهذه التساؤلات، فقال:
المسلم مطلوب منه أن ينصح وأن يبين وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأساس ذلك أننا أمة مسلمة ووطن مسلم، وبلد مسلم، وديننا الإسلام، حيث هو الدين الرسمي للدولة، وما يخالف الإسلام مرفوض، (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) (آل عمران:19)، والشريعة الإسلامية هي مصدر أساسي، بل هي المصدر للتشريع بالنسبة للمسلمين، ولذلك المسلم إذا رأى المناظر التي لا ترضي الله ورسوله، والتي تؤثر على المسيرة السليمة، والمسيرة الطيبة في الحياة؛ فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ ولذلك وجب تغيير المنكر بالمستطاع، وأهل الكويت جبلوا على حب الخير، من تاريخهم وتاريخ علمائهم، كانوا يحبون الخير ومازالوا، وهويتهم هي الهوية الإسلامية، وما نراه من مظاهر ودعوات تخالف الإسلام، ينبغي علينا التصدي لها بالتي هي أحسن، سواء الدعوة للخمور كما سمعنا من أحدهم ينادي بإباحة الخمور، ويقوم بتزوير تاريخ الكويت وتشويهه، ويزعم أن إباحة الخمور من عاداتنا وتقاليدنا، وهذا كذب وزور؛ لذا ينبغي أن نبين بالتي هي أحسن، وبالأسلوب الذي لا يؤدي إلى منكر أعظم منه، فنقول الدعوة إلى إباحة الخمور هي دعوة منكرة، ودعوة سافرة، إلى أن نغير بكتاب الله وسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى بين لنا بالقول: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {91}) (المائدة).
ونحن نعلم الأمراض التي تسببها الخمور على حسب منظمة الصحة العالمية، حيث حصرت أكثر من مائتي مرض، تسببه الخمور والعياذ بالله، وكثير من العقلاء يتجنب الخمر، ذوقاً وأمناً على نفسه وصحته، وما يحاول البعض أن يروج للخمر ودعوات التفسخ والتبرج وموضة الشذوذ والمخدرات كل ذلك عوامل لهدم المجتمعات والعياذ بالله، هدم المجتمعات بهدم شبابها، وهدم المجتمعات بهدم وتخريب أبنائها وبناتها، فـ”البويات” وتقليد النساء للرجال أو العكس هذا التشبه هو انتكاسة بالفطرة وردة على الأخلاق ومجال لتسلط الأعداء على أمة الإسلام؛ لذا ينبغي علينا أن ننشر الوعي بين بناتنا وأبنائنا، وخصوصاً ونحن في هذا العالم، الذي أصبح قرية واحدة، وتطور برامج التواصل الاجتماعي والأجهزة التقنية والتكنولوجية الحديثة، ويلزم علينا أن نحافظ على هويتنا الإسلامية؛ (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {133}) (البقرة).
والمسلم دائماً يدعو: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً {74}) (الفرقان)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فهذا الولد الذي تعلق بالخمر أو المخدرات أو الشبو، أو أصبح يتمايل تمايل البنات، أو ينتهج العنف والإجرام.. هل هذا يبني وطنا؟! وهل هذا التوجه للشباب سوف يساعد في التنمية؟! هل يستطيع أن يدفع العدو عن وطنه؟! إذن الإسلام حين يدعونا للمحافظة على الهوية الإسلامية، وأن نكون غيورين على حرمات الله، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر؛ فإن هذه دعوة الشباب للخير، ودعوة للتنمية المجتمعية والتنمية الأسرية؛ لأن البشر عندما ينتشر بينهم الشر والفساد كما قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) (الروم:41)، فإذا ظهر الفساد وانتشر وزاد الخبث؛ أهلك الله الصالحين والطالحين، قالت زينب رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال: “نعم، إذا كثر الخبث”، وقال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (الأعراف:96).
فالتنمية تكون بالإصلاح، والدعوة للإصلاح هي دعوة الأنبياء حين قال شعيب عليه السلام: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {88}) (هود).
والدعوة للتفسخ دعوة لطريق الشيطان؛ (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {168} إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {169}) (البقرة).
لذا ينبغي علينا أن نحذر هذه التوجهات المشبوهة من إباحة الخمور والمخدرات بشتى أنواعها، ومن تقليد الرجال للنساء وتقليد النساء للرجال، هذا يأذن بالسحق والمحق للبشرية كافة، فينبغي علينا ككويتيين مسلمين ومواطنين ومقيمين أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وأن ندعو إلى الله بالحسنى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل:125).
فالمعلم له دور، والأستاذ في الجامعة له دور، والأم في البيت لها دور، والجميع له دور؛ (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ {17}) (الرعد)، والذي ينفع الناس هو الإسلام والعقيدة والدين، والأخلاق والقيم؛ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24}) (إبراهيم).
فنصيحتي أن تتضافر الجهود في المؤسسات، وأن تتحد التوجهات؛ حفاظاً على أمننا ومجتمعنا، فإذا انتشرت المخدرات انفرط عقد الأمن، وإذا انفرط عقد الأمن ضاعت المجتمعات؛ إذن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحافظة على هويتنا الإسلامية والعربية؛ خط الأمن والأمان والاطمئنان، ومفتاح خير لبلادنا وعموم بلاد المسلمين.
إذن هي دعوة، وما اختيار سمو الأمير للقب أمير العمل الإنساني إلا لما تحلت به الكويت بالعمل الخيري، والعمل الخيري يتزامن مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {104}) (آل عمران).
فالكويت حازت هذه المنزلة بقيادة أميرها لأنها تحب الخير؛ (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ {8}) (الزلزلة). (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف:108).
فمفهوم البصيرة، والحكمة: (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ {269}) (البقرة).
كل ذلك يتطلب منا أن نكون يداً واحدة، وصفاً واحداً لمواجهة المتغيرات التي تريد أن تجتث ثوابتنا الإسلامية والوطنية والإنسانية، ونتعاون على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان، فالدعوة إلى إباحة الخمور دعوة وتعاون على الإثم والعدوان، وهذا عاقبته وخيمة، وشره كبير، والمطلوب التعاون على والتقوى كما قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة)؛ فالله الله في التعاون، والله الله في الحكمة؛ لتتضافر الجهود للحفاظ على وطننا وأمننا وبناتنا وأبنائنا، والحفاظ على تنمية بلدنا وأمنه واستقراره.
وكل ذلك يكون بتقوى الله عز وجل، فليس من يقطع الطرق هو البطل، وإنما من يتقي الله هو البطل، والبطولة في تقوى الله تعالى والمحافظة على القيم والأخلاق، أما التهور ونسف القيم والأخلاق هذه يستطيعها كل إنسان، لكن العقلاء يحافظون على أوطانهم بالعمل الصالح والدعوة للخير والحكمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعايش المبني على حب الإنسان لأخيه الإنسان، هذا كله لا يأتي عن طريق المنكرات إنما يأتي عن طريق الإيمان.
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحيِ دينا
ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء له قرينا
أولئك الذين يدعون للمنكرات إنما يدعون إلى استئصال هذه الأمة، وإلى نبذ هذا الدين العظيم، وإلى الاستخفاف والاستهزاء بعقيدة الأمة، قال الله عز وجل: (اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {15}) (البقرة).
أما الذين ينهون عن السوء قال تعالى: (أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ).
أسأل الله أن يجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وأن يحفظنا بعينه التي لا تنام، وأن يحفظنا بركنه الذي لا يرام، والحمد لله رب العالمين.