أكدت اللجنة السورية لحقوق الانسان أن عام 2014 كان الأكثر دموية في سورية من بين الأعوام الأربعة الماضية، حيث قُتل ما يزيد عن 60 ألف شخص في هذا العام وحده، ومع ذلك فقد كانت ردود الفعل الدولية والإقليمية
أكدت اللجنة السورية لحقوق الانسان أن عام 2014 كان الأكثر دموية في سورية من بين الأعوام الأربعة الماضية، حيث قُتل ما يزيد عن 60 ألف شخص في هذا العام وحده، ومع ذلك فقد كانت ردود الفعل الدولية والإقليمية وحتى المحلية تجاه الانتهاكات المستمرة الأضعف مقارنة مع نظيراتها في الأعوام السابقة! ولفت التقرير السنوي 13 للجنة، الذي تُصدره اللجنة بشكل منتظم منذ عام 2001 ، الانتباه إلى أن البراميل المتفجرة كانت السلاح الأكثر حضوراً في الخبر الحقوقي اليومي خلال عام 2014، حيث ألقى الطيران المروحي للنظام ما يقارب من 11 ألف برميل متفجر، نالت مدن حلب وريفها وريف درعا وريف دمشق النصيب الأكبر منها، فيما سُجل ارتفاع ملحوظ في معدلات استخدام النظام للغازات السامة والقنابل العنقودية في قصفه للمدن السورية، وخاصة ريف حماة وريف دمشق وريف درعا، ومدن حلب ودمشق.
كما سجّلت السيارات المفخخة حضوراً واضحاً في هذا العام، حيث وثّقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان انفجار (19) سيارة مفخخة خلال هذا العام، استهدف تسعة منها المصلين في المساجد أثناء خروجهم من صلاة الجمعة بحسب قدس برس.
وأشار التقرير إلى أن حضور تنظيم “الدولة الإسلامية” في هذا العام شكّل عاملاً مهماً في الأزمة السورية، حيث أضاف التنظيم حضوره من خلال طرق القتل الجديدة والمبتكرة، كصَلب الضحايا لعدة أيام، وتنفيذ أعمال الإعدام أمام الجمهور، بمن فيهم الأطفال، وتنفيذ أعمال سحل الجثث أمام الجمهور؛ والإعدام ركلاً! بالإضافة إلى طريقته في تصوير وتسويق الجرائم التي يقوم بها!.
ويُظهر التقرير الثالث عشر للجنة أن سورية شهدت جريمة إبادة جماعية واحدة في كل يوم تقريباً خلال عام 2014.
وقد اعتمد التقرير معيار وجود 10 قتلى في هجوم واحد لتسجيل هذا الهجوم كجريمة إبادة جماعية، وهو المعيار الأكثر اعتماداً في تفسير “قتل أفراد الجماعة” كشكل من أشكال الإبادة الجماعية.
وقد سجّل عام 2014 انخفاضاً ملحوظاً في استخدام قوات النظام لصواريخ سكود في قصف المدن والقرى السورية، ويمكن أن يُعزى هذا الانخفاض إلى ارتفاع تكلفة هذه الصواريخ بالمقارنة مع البراميل المتفجّرة، ذات التكلفة البسيطة والصناعة المحلية.
وشهِد العام استخداماً مُمنهجاً للغازات السامة، والتي أضيفت إلى البراميل المتفجرة والصواريخ، وهو ما سيتم تناوله في فصل آخر.
ووثق التقرير 155 مجزرة، تتضمّن نماذج لأعمال الإبادة الجماعية التي شهدتها سورية خلال العام الماضي، نفّذت معظمها قوات النظام، فيما تضمّنت القائمة عدداً من الأعمال التي نفذها تنظيم داعش، وبعض الأعمال التي نفّذتها كتائب المعارضة المسلحة.
وذكر التقرير أن النظام السوري واصل في عام 2014 سياسته في الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وهي السياسة التي ينتهجها بشكل مكثف منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، والسياسة التي يمارسها بشكل منتظم منذ تولي حزب البعث للسلطة في سورية بانقلاب عسكري عام 1963.
وأشار التقرير إلى أنه ومنذ بداية الاحتجاجات الشعبية في عام 2011 فإن الأجهزة الأمنية وقوات الجيش والميليشيات الشعبية تمتلك صلاحية اعتقال أي شخص، بغض النظر عن عمره أو جنسه، ولا تحتاج إلى أي أوراق قانونية، ولو حتى بالصورة الشكلية، لممارسة هذا الاعتقال، ولا يمكن لذوي المختطف تعقّب مكان وجود ابنهم، ولا يُمكّن المختَطفُ من الاتصال مع العالم الخارجي إلا بعد الإفراج عنه.
وقال التقرير بأن عام 2014 شهد ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة حملات الاعتقال التي تقوم بها قوات الجيش وقوات الأمن في المناطق التي ما تزال تحت سيطرة النظام، وعلى الحواجز المنتشرة في هذه المناطق، من أجل اعتقال الشبّان في سن التجنيد.
وفيما يتعلق بالمحاكمات التي تجري للنشطاء، أشار التقرير إلى أنه هذه المحاكمات، والتي تفتقر أصلاً إلى أدنى معايير المحاكمات العادلة، وتتم أمام محاكم استثنائية، بدأت في السنوات الثلاث الماضية تشهد انخفاضاً ملحوظاً، وأصبحت السلطات تكتفي بعرض النشطاء الأكثر شهرة، فيما يتم التعامل مع معظم المعتقلين ضمن إجراءات الاختفاء القسري، والتي لا تضطر معها السلطات الأمنية حتى لممارسة الإجراءات الشكلية التي قد تحدّ من صلاحيات القائمين على عمليات الخطف والتحقيق.
أزمة دولية وأشار التقرير أن أزمة اللجوء السورية استمرّت في التضخم بصورة تزيد عن حالها في الأعوام السابقة، حتى أصبح السوريون وللمرة الأولى في التاريخ الموثّق في المرتبة الأولى عالمياً في طلبات اللجوء في الدول المستقبلة للاجئين، وفي المرتبة الأولى عالمياً في عدد النازحين، متفوقين على كل من كولومبيا والكونغو والسودان، فيما حلّ السوريون في المرتبة الثانية في عدد اللاجئين بعد أفغانستان، حسب الأرقام الدولية في نهاية النصف الأول من عام 2014.
وأشار التقرير إلى ارتفاع أعداد السوريين الطالبين للجوء حول العالم بشكل مضطرد منذ عام 2012، حيث تم تسجيل 2914 طلب لجوء في 44 دولة مستقبلة اللاجئين في الربع الأول من عام 2012، ليصبح عدد السوريين الذي تقدموا بطلبات لجوء 26486 في نهاية الربع الثاني من عام 2014، أي أن أعداد طالبي اللجوء من السوريين قد تضاعفت بحوالي تسع مرات وتناول التقرير قضية قوارب الموت التي شكّلت ظاهرة أساسية من ظواهر عام 2014، حيث مثّل اللاجئون السوريون الباحثون عن اللجوء في أوربا النسبة الأكبر من بين اللاجئين الذين يُغامرون بركوب قوارب مُتعَبة لعبور البحر الأبيض المتوسط باتجاه أوروبا.
كما عرض التقرير لأوضاع اللاجئين السوريين في دول الاستضافة واللجوء، وتناول الانتهاكات التي تعرّضوا لها خلال هذا العام في هذه الدول.