أعرب مجلس “الشورى الإسلامي” السويسري (مستقل) عن بالغ الأسف لقرار فرع حزب الشعب السويسري (يمين متطرف) في مقاطعة فريبور (جنوب غربي) إطلاق حملة لجمع توقيعات تطالب بالاستفتاء على مشروع قانون لتغيير الدستور بما يسمح بالحصول على إذن قانوني يعرقل افتتاح مرك
أعرب مجلس “الشورى الإسلامي” السويسري (مستقل) عن بالغ الأسف لقرار فرع حزب الشعب السويسري (يمين متطرف) في مقاطعة فريبور (جنوب غربي) إطلاق حملة لجمع توقيعات تطالب بالاستفتاء على مشروع قانون لتغيير الدستور بما يسمح بالحصول على إذن قانوني يعرقل افتتاح مركز أكاديمي تابع لجامعة المقاطعة يحمل اسم “مركز الإسلام والمجتمع”.
وقال المتحدث الإعلامي باسم المجلس، “عبدالعزيز قاسم إيلي”، في تصريح لوكالة “الأناضول”: “من الواضح أن هذا الحزب يسعى بكل الطرق إلى نسف جميع المساعي الرامية إلى إدماج الإسلام في المجتمع السويسري”.
وأضاف أن “الساسة الآن مطالبون باتخاذ موقف من هذه الخطوة، لاسيما وأن هذا المركز هو الأول من نوعه في سويسرا وربما أيضاً في أوروبا والذي يدرّس تحت سقف أكاديمي خصوصيات المسلمين وكيفية تطبيقها في المجتمعات الغربية، كما يتناول أيضاً كيفية التوافق بين بعض المفاهيم الغربية وتعاليم الإسلام بما لا يتناقض مع الدين”.
وأوضح “إيلي”، وهو سويسري معتنق للإسلام ومتخصص في الدراسات الإسلامية، أن “إلحاق الأئمة بمثل هذا المركز سيكون له دور بارز في إيجاد توازن بين متطلبات المجتمع السويسري والغربي بشكل عام، وبين خصوصيات المسلمين بما يمكن أن يساهم في إدماج الإسلام في المجتمع، ولا يتم النظر إليه على أنه كيان غريب على المجتمعات الأوروبية”.
وتابع أن “حزب الشعب بتوجهاته المتشددة يقف عقبة أمام كل محاولات التقارب بين المسلمين والمجتمع الذي يعيشون فيه، بل يعارض تدريس العلوم الإسلامية في الجامعات بشكل عام، وفي جامعة فريبور بصفة خاصة؛ ما ينم عن روح كارهة للإسلام بشكل واضح والتي من الثابت أن لها حضوراً على أجندة الحزب السياسية وتتوجه إلى سلخ مسلمي سويسرا عن مجتمعهم”.
وأكد “إيلي” أن “مجلس الشورى الإسلامي السويسري يخشى من تحويل النقاش حول هذا المركز الأكاديمي إلى تحريض على المسلمين في سويسرا مثلما حدث عندما دشن برلمانيون ينتمون إلى هذا الحزب مبادرة حظر بناء المآذن عام 2007م، ونجحوا في إيجاد أجواء معادية للمسلمين في البلاد بإثارة المخاوف والترويج لصور نمطية سلبية عن الإسلام والمسلمين لا وجود لها على أرض الواقع”.
ولفت إلى أن “مجلس الشورى الإسلامي السويسري سوف يشكل لجنة للرد على مزاعم حزب الشعب التي سوف يروجها في إطار حملته المناهضة لافتتاح هذا المركز الأكاديمي، كما سيشارك المركز في جميع الحوارات المفتوحة حول هذا الموضوع حال صرحت السلطات بإجراء هذا الاستفتاء”.
من جانبها، أصدرت إدارة جامعة “فريبور” بياناً، تمسكت فيه باستقلالية البحث العلمي وسياستها التعليمية، في إشارة إلى أن القانون السويسري يمنح الجامعات استقلالية تامة في وضع فلسفة التعليم فيها ومناهج البحث العلمي المتبعة ولا يجوز الحجر عليها قانونياً، وهو ما تحاول المبادرة إلغاءه لتمكينها بعد ذلك من فرض وصاية على كل ما يتعلق بالدراسات الإسلامية تحديداً.
وأكدت الجامعة أن الحوار الأكاديمي مع المسلمين يكتسب الآن أهمية قصوى في مجال الاندماج المجتمعي.
وأعربت إدارة الجامعة، في بيانها، عن أسفها لعدم اقتناع معارضي مركز “الإسلام والمجتمع” بأهميته وجدواه؛ إذ “من شأن إدماج المسلمين في المجتمع من خلال الحوار الأكاديمي بمعاييره العلمية ما سيتيح الفرصة لإدماج المسلمين في الثقافة السويسرية بأسلوب الحوار المبني على الأسس العلمية والأكاديمية”.
وأكد البيان “استعداد الجامعة لتبني دورها في تفعيل دور هذا المركز الذي أيدته الحكومة السويسرية ودعمته لخدمة المجتمع السويسري؛ إذ يعطي دلالة على قدرة المجتمع السويسري على التعامل مع القضايا الملحة بشكل أكاديمي”.
وأشارت الجامعة إلى أن “الهجوم الذي شهدته العاصمة الفرنسية مؤخراً (في إشارة إلى الهجوم على مجلة “شارلي إبدو”) والحوارات المجتمعية التي انطلقت إثره؛ كلها تؤكد الحاجة الماسة إلى التعرف عن قرب على الجالية المسلمة في سويسرا والتي من المعروف أن غالبيتها العظمى تنأى بنفسها عن الميول المتطرفة”.
وأوضحت الجامعة أن “مركز الإسلام والمجتمع هو ساحة للحوار والتحليل النقدي للحضور الإسلامي في المجتمع وردود فعل المجتمع على هذا الحضور من خلال الحوار البناء بين مختلف الأطراف، ومن ثم فإن هذا المركز يؤدي دوراً مهماً في تماسك مكونات المجتمع السويسري”.
ومن المقرر أن ينطلق المركز في محاضراته اعتباراً من النصف الأول من شهر فبراير المقبل، وسوف يخصص عدداً من محاضراته لحضور العامة أيضاً، بحسب البيان.
ووفقاً لقواعد الديمقراطية المباشرة في سويسرا، فإن من حق الأشخاص والأحزاب والجمعيات الدعوة إلى إجراء استفتاء على موضوع ما، إذا نجحوا في جمع 100 ألف توقيع على هذا المقترح، بينما يقل هذا العدد في الاستفتاء على المبادرات داخل المقاطعات إلى ستة آلاف فقط، مثل حالة مقاطعة “فريبور”، ثم يعرض على لجنة قانونية متخصصة للبت في مشروعية الاستفتاء قبل دعوة الناخبين إلى التصويت عليه.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الشورى الإسلامي السويسري تأسس عام 2009م على يد نخبة من السويسريين معتنقي الإسلام، وأغلبهم من الأكاديميين مع مجموعة من أبناء الجيلين الثاني والثالث من مسلمي سويسرا، ويتخذ المجلس من مدينة “برن” مقراً له.
ويبلغ تعداد الجالية المسلمة في سويسرا نحو 450 ألف نسمة أغلبهم من الأتراك وأبناء منطقة البلقان ومن دول المغرب العربي.