البردويل: لا يوجد مبرر حقيقي لشن هجوم مصري على قطاع غزة
عوكل: المحيط العربي يمر بمنعطف خطير من مخططات التفتيت
البسوس: هجوم الإعلام المصري محاولة من القائمين عليه للتقرب للنظام
ميلمان: من غير المستبعد شن حملة عسكرية كبرى ضد قطاع غزة لإسقاط حركة حماس
في الوقت الذي كانت طائرات الجيش المصري تقصف مواقع داخل الأراضي الليبية ردا على مقتل 21 مصريا مسيحيا على يد تنظيم “داعش”, لم تكن أصداء هذه المعركة بمعزل عن قطاع غزة رغم بعد المسافة.
وقد أثارت هذه العملية ومازالت الشكوك لدى مواطني القطاع بأن غزة هي الوجهة الثانية لطائرات الجيش المصري, لضرب أهداف للمقاومة الفلسطينية, حتى أن البعض ذهب بمخاوفه إلى إمكانية اتساع رقعة العملية أكثر وخوض الطائرات المصرية معركة أكبر لضرب أهداف محددة في القطاع.
وما يبعث على هذه الشكوك هو كمية التحريض الإعلامي المصري ضد قطاع غزة, وضد فصائل المقاومة الفلسطينية, لاسيما حركة حماس وكتائب القسام, وتوعُد الإعلاميين وتنبؤهم بأن يقتحم الجيش المصري حدود القطاع للقضاء على الخلايا الإرهابية، على حد زعمهم.
تحريض وعداء
تحدث عدد من الإعلاميين المصريين وضيوفهم في برامجهم قبل عدة أشهر عن إمكانية توجيه ضربتين ضد أهداف في كل من ليبيا وقطاع غزة للقضاء على الخلايا الإرهابية كما زعموا، وبتنفيذ الضربة الأولى التي قامت بها الطائرات المصرية ضد مواقع ليبية فإن حجم التخوف من توجه الطائرات المصرية تجاه قطاع غزة قد زاد لدى المواطنين. ويستدل المتخوفون على ذلك بالاتهامات المتواصلة بمسؤولية حركة حماس عن الأحداث في سيناء المصرية، واتخاذ ذلك ذريعة لتبرير أي هجمات محتملة ضد القطاع.
ومنذ هالهجوم ضد ليبيا، تأخذ هذه القضية حيزا كبيرا من النقاشات بين صفوف الفلسطينيين في ظل حالة العداء الكبيرة من قبل النظام المصري لقطاع غزة والتي تمثلت في إغلاق المعابر ومنع توريد مواد البناء والمواد التموينية لسد حاجة المواطنين, وأخيرا قرار القضاء المصري بتصنيف كتائب القسام وإدراجها ضمن المنظمات الإرهابية بعد الحادث الأخير لمقتل جنود مصريين.
احتمال مستبعد
وحول واقعية هذا التخوف الذي ينتاب المواطنين، أجمع عدد من الباحثين والمحللين السياسيين على استبعاد احتمال شن الجيش المصري أي هجمات ضد قطاع غزة.
ومن هؤلاء القيادي في حركة حماس صلاح البردويل الذي قال إنه لا يعتقد على الإطلاق أن يُقدم الجيش المصري على شن هجوم عسكري على القطاع، مؤكدا أنه لا يوجد أي مبرر حقيقي لهذا الأمر.
وأوضح أن ما يروج له الإعلام المصري بأن غزة مسؤولة عن أحداث داخلية بمصر لا يمت للواقع بأي صلة، وهذه الحقيقة معروفة جيدا لقادة الجيش والاستخبارات الحربية ولعموم المصريين.
واستبعد القيادي في حماس أن يبني الجيش المصري تحركاته على التحريض الإعلامي، مؤكدا في الوقت نفسه أن “العسكريين المصريين ليسوا في وضع داخلي مريح يسمح لهم بشن هجوم ضد شعب يتعاطف العالم كله معه ومع معاناته”.
ويتفق مع رأي البردويل الكاتب والمحلل السياسي الدكتور هاني البسوس الذي أكد لـ”المجتمع” أن العلاقة بين قطاع غزة والجانب المصري تختلف كليا عن غيرها من العلاقات.
ولفت إلى أن العلاقة الحالية لا تبعث على أي شكوك بشن مثل هذه الهجمات, وهذا أمر مستبعد للغاية.
تقربا للنظام
وفي تفسيره لحجم التحريض الإعلامي ضد قطاع غزة والاتهامات المتواصلة لحماس بالمسؤولية عن الأحداث في سيناء المصرية, قال البسوس إنها إتهامات كيدية أكثر منها حقيقية.
وأكد أن دافع وسائل الإعلام المصري لشن حملات تحريضية ضد قطاع غزة وحركة حماس هو محاولة التقرب للنظام الحالي المصري لكونه على عداء مع جماعة الإخوان المسلمين.
وأشار إلى أن القائمين على الإعلام المصري يستغلون علاقة التقارب الفكري والتنظيمي بين حماس والإخوان حتى يكيلوا لها الإتهام ليرضى عنهم النظام المصري.
مرحلة جديدة
ويرى المحلل السياسي طلال عوكل أن إمكانية شن هجوم مصري على قطاع غزة “مجرد شائعة يجري ترويجها عبر وسائل الإعلام”، مؤكدا أن “مصر لن تشن حربا على غزة”.
وأوضح أن المعارضة الدولية وحملة الإدانات واسعة النطاق التي مازالت تتوالي جراء تنفيذ الجيش المصري عدة هجمات استهدفت، على حد زعم القاهرة، مواقع لتنظيم الدولة “داعش” في ليبيا إثر إعدامه لـ 21 مصريا مسيحيا, لن يكون باستطاعة المصريين شن أي حرب ضد غزة.
وأشار عوكل إلي أن المحيط العربي يعيش واقعا جديدا من المخططات الأمريكية والإسرائيلية المكثفة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد بتأجيج الصراعات والنزعات الطائفية من أجل تفتيت الدول العربية الواحدة تلو الأخرى, عبر تبديل النهج السياسي للدول العربية ليدعم هذه المخططات تحت ذرائع ما يسمى بـ “محاربة الإرهاب”.
مستقبل العلاقة
وعن نظرته لطبيعة العلاقة بين الجانب المصري وقطاع غزة، أوضح البسوس في حديثه لـ”المجتمع” أن العلاقة بالفعل متوترة، لكن هذا التوتر ليس مبنيا على أساس أفعال أو عمليات موجودة على أرض الواقع, وإنما على شكوك واتهامات سياسية.
ولفت إلى أن هذه الإتهامات تأتي في إطار حالة الإستقطاب الحاد خاصة ما يتعلق بالعلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين التي تعد الجماعة الأكثر معارضة ورفضا للنظام الحالي.
وتوقع البسوس أن تظل العلاقة على هذا النحو خلال المرحلة المقبلة ما لم تحدث مصالحة بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
لكنه أشار إلى أنه بإمكان حماس اللجوء إلى سياسة أخرى للتخلص من حالة التوتر الحالية وفتح صفحة جديدة مع الجانب المصري بعيدا عن الارتباط مع جماعة الإخوان المسلمين, موضحا أن هذا الامر غير مستبعد حتى وإن كان صعب التطبيق.
خطوة متوقعة
وإذا كان هناك إهتمام بالغ داخل الأوساط الفلسطينية على إختلاف فئاتها بما ستؤول إليه الأوضاع بين مصر وقطاع غزة, فإن الأمر ذاته لم يكن بمنأي عن الكيان الصهيوني, فقد احتلت هذه القضية حيزا لا بأس من تغطيات وسائل الإعلام الصهيونية التي سعت جاهدة للإجابة على السؤال الذي يشغل بال الجميع وهو: هل بإمكان الجيش المصري شن هجوم ضد قطاع غزة من أجل إسقاط حركة حماس؟
ويجيب على هذا السؤال خبير الشؤون الاستخباراتية “الإسرائيلي” البارز يوسي ميلمان، بأن الجيش المصري يعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” والسلطة الفلسطينية على إسقاط حكم حركة حماس في قطاع غزة.
وقال، في تقرير نشره موقع “ذا بوست” العبري، إن: “على الرغم من أن هذا السيناريو يبدو الآن غير واقعي، إلا أنه من غير المستبعد أن يتطور التوتر بين الجيش المصري وحماس إلى حد قيام الجيش المصري بشن حملة عسكرية كبيرة في قطاع غزة لإسقاط حكم حركة حماس”.
ونوه ميلمان إلى أن الذريعة التي سيستند إليها الجيش المصري في تسويغ أي تحرك عسكري ضد حركة حماس هو الزعم بأنه حصل على أدلة تؤكد وجود تعاون بين حماس والمجموعات الإسلامية العاملة في سيناء، والقريبة من تنظيم “القاعدة”، لاسيما الزعم القائل بأن حركة حماس تقوم بتزويد هذه الجماعات بالسلاح.