مع تبدل الأوضاع وانقلابها رأساً على عقب منذ 30 يونيو 2013م، بات تلفيق الاتهامات لمعارضي السلطة هو السمة السائدة لتعامل السلطات المصرية الحالية مع معارضيها، ولم يعد الأمر يقتصر على الداخل المصري فقط، بل امتد ليعبر الحدود المصرية ويطال أبرياء من دول مجاورة.
وحسب المراقبين، فإن الاتهامات التي تطال هؤلاء مرجعها مواقف دولهم من نظام السيسي أو تأييدهم للشرعية ولنظام الرئيس محمد مرسي أو لمجرد أنهم رعايا دول أجنبية أياً كان موقفها من السلطات الحالية، فالأمر سيان بالنسبة لمؤيدي أو معارضي السلطة الحالية، والأمثلة في هذا المجال طويلة حيث امتدت لتشمل رعايا من أستراليا وكندا إلى تركيا وفلسطين التي تشهد هجوماً قوياً من الإعلام المصري لمواطنيها ووصمهم بالإرهاب لاسيما سكان قطاع غزة.
ونسرد في هذا السياق مثالاً ملاصقاً للحدود المصرية وهو الطالب الفلسطيني إسلام محمد إسلام أحمد عثمان من مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية، وهو مواليد عام 1991م، والتحق بالمعهد العالي للعلوم الهندسية في مدينة العريش المصرية.
ويقول والد الطالب إسلام لمجلة “المجتمع”: إن نجله ألقي القبض عليه من جانب الجيش المصري بسكنه الجامعي في ديسمبر 2013م، ووجهت إليه اتهامات بدخول مصر عبر الأنفاق من غزة رغم أنه سافر بطريقة شرعية وبحوزته أوراقه الثبوتية عبر قلقيلية ثم إلى الأردن ومنها إلى مصر.
وأشار والد إسلام إلى أنه يعيش والأسرة مأساة كبرى منذ اعتقال نجلهم الذي كان طالباً بالسنة النهائية في المعهد العالي للعلوم الهندسية بمدينة العريش، حيث لم يتمكن من زيارة نجله إلا 4 مرات فقط منذ اعتقاله، منها زيارتان مدة كل منهما 7 دقائق.
وأوضح أنه حتى يتمكن من زيارة نجله يتعين عليه اجتياز حدود عدة دول، بدءاً من معبر الكرامة الرابط بين الضفة الغربية والأردن والخاضع لسيطرة الاحتلال، ثم إلى الأردن، وبعدها إلى مصر، حيث يتعين عليه المكوث في القاهرة 20 يوماً حتى يتمكن من زيارته مرتين.
وأوضح أن المعاناة لا تقتصر فقط على طول الرحلة ومعاناة تصاريح السفر والمرور من المعابر، وإنما تمتد لتشمل أيضاً العبء المادي؛ حيث تقارب تكاليف كل زيارة ما يوازي 2000 دولار أمريكي.
وأضاف الوالد المكلوم: اعتقل ابني وهو في السنة الأخيرة من دراسة الهندسة في العريش، وللأسف التهمة دخول مصر عبر الأنفاق قادماً من غزة، مع أن كافة الأوراق الثبوتية تشير إلى سفره من قلقيلية إلى الأردن إلى مصر.
وقال: إن ضابط المخابرات “الإسرائيلي” على معبر الكرامة استدعاني للتحقيق معي بشأن ابني إسلام، وعندما أخبرته عن التهمة ضحك ساخراً وقال لي: هذا كذب صريح، فهو خرج من عندنا والأوراق الثبوتية على المعبر تشير إلى سفره من المعبر.
ولفت إلى أن المحامي المصري الذي يتولى الدفاع عن نجله أخبره أن القضاء عندهم لا يراعي المنطق في لائحة الاتهام، والقضية ليست محاكمة عادلة بل لكون ابني طالباً فلسطينياً كان يدرس في جامعة في العريش القريبة من قطاع غزة، والإعلام المصري يقوم بدور التحريض على كل فلسطيني بعد الانقلاب في مصر.
واستطرد قائلاً: الجامعة قبل أيام سلمتني كشف العلامات الخاص بابني، وكان متفوقاً في دراسته مع شهادة على حسن سلوكه خلال فترة دراسته، وتبقى له فصل دراسي أخير ويتخرج في الجامعة.
وتساءل والد المعتقل إسلام قائلاً: لو كان ابني منشغلاً بأعمال أخرى لما منحته الجامعة شهادة حسن السير والسلوك وهو داخل المعتقل، ولما حصل على معدل تراكمي مرتفع، كما أن المحكمة أفرجت عن المضبوطات التي كانت بحوزته قبل أيام وكانت عبارة عن جواز سفر وبعض النقود “الإسرائيلية” بقيمة 120 شيكل، وعدد من الجنيهات المصرية.
وتابع قائلاً: توجهت إلى السفارة المصرية في رام الله والخارجية المصرية أكثر من سبع مرات، إلا أن هذا الأمر لم يسفر عن شيء.
وأوضح أن نجله أخبره أنه تعرض للتعذيب قبل ترحيله إلى سجن طره، مشيراً إلى أن الوضع داخل سجن طره المحتجز فيه قاسٍ للغاية ولا يُعترف بحقوق المعتقلين، والمحاكم لا تعمل بشكل مهني.