ترجمة: جمال خطاب
الحكم بالإعدام على الرئيس الأول والوحيد المنتخب بحرية في مصر كان متوقعاً من المجلس العسكري الحالي، الطغمة التي قامت بانقلاب يوليو 2013م، وأعلن الحزب الحاكم السابق، جماعة الإخوان المسلمين، بكاملها منظمة إرهابية لا تختلف عن “تنظيم القاعدة”، وبهذا يقع نحو 20% من المصريين على الأقل من الإخوان المسلمين تحت ضغوط هائلة (تماماً مثل الـ20% من الأمريكيين الذين يقولون: إنهم إنجيليون مسيحيون)، في محاولة لوصم التيار الديني بأكمله بأنهم مجرد إرهابيين، وهذا إجراء وحشي، وسينتج عنه حتماً الإرهاب الذي يقولون: إنهم يحاولون منعه.
وقد أثر هذا على الكثير من الأحكام الأخيرة الصادرة عن المحاكم المصرية، والشيء المدهش حقاً هو رغبة السلطة القضائية المتزلفة للتماهي مع نظريات المؤامرة التي تلوكها ألسنة السلطة وإعلامها السلطوي.
وقد سجن الكثير من قادة الإخوان المسلمين، من بينهم الرئيس السابق محمد مرسي، من قبل نظام حسني مبارك في وقت متأخر من رئاسته، وفي 28 يناير 2011م، بعد ثلاثة أيام من المظاهرات الكبيرة التي اندلعت ضد مبارك، تمكن مرسي وآخرون من قادة الإخوان من الفرار من السجن في فوضى انهيار النظام، وبعد الإطاحة بمبارك في فبراير 2011م، أقاموا مقراً لهم في تلال المقطم فوق المدينة، وفازوا في نهاية المطاف في كل من البرلمان والرئاسة، لكن القضاء حكم ببطلان انتصارهم في المجلس التشريعي، ثم أخذت الرئاسة منهم عندما خرج المصريون للشوارع ضد مرسي يوم 30 يونيو عام 2013م، واستفاد الجيش من الاضطرابات للقيام بانقلابه.
وتشمل التهم الموجهة لمرسي أنه وغيره من قادة الإخوان المسلمين قاموا بتهريب أعضاء من “حماس” وقوات الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حزب الله الشيعي اللبناني رغم الإجراءات الأمنية المشددة على السجون المصرية، وبعدها اندلعت احتجاجات ضخمة شاركت فيها عناصر من حماس وحزب الله الشيعي اللبناني وحماس، وليس لديهم دليل واحد على هذا التلفيق والهراء المثير للسخرية والضحك!
تهمة أخرى موجهة للدكتور مرسي وهو أن القيادة العليا لجماعة الإخوان المسلمين بدأت عام 2005م، في التآمر مع حماس لجر البلاد لحالة من الاضطراب، وهي الخطة التي أنتجت ثورة في 25 يناير 2011م، والقول بأن الإطاحة بمبارك من قبل جماعة الإخوان المسلمين أو بتعبير أدق من قبل منظمة حماس الفلسطينية ما هو إلا قول سخيف، فالغالبية العظمى من المتظاهرين في العاصمة والمدن الشمالية الكبرى كانوا من الشباب، وليسوا من اليمين الديني، والواقع، أن قيادة الإخوان لا ترتاح للمظاهرات، وبقي كثير من شباب الإخوان في بيوتهم نتيجة لذلك، على الرغم من أنني وجدت إحدى التقديرات تشير إلى أن حوالي ربع المتظاهرين في ميدان التحرير كانوا من جماعة الإخوان المسلمين، ولو كنت تعرف أي شيء عن مصر، فسوف تدرك أن هذه هي نسبة ضئيلة لأكبر حركة معارضة في البلاد، والقول بأن حماس أطاحت بمبارك، إهانة لمئات الشهداء الشباب الذين ضحوا بحياتهم في عام 2011م.
ورغم أن عبدالفتاح السيسي مازال يحرص على الثناء على ثورة 25 يناير، يعلن قضاته المتزلفون أنها كانت مؤامرة إرهابية من بين أسباب إعدام الرئيس السابق المنتخب.
وهذه هي استجابة منظمة العفو الدولية لحكم الإعدام:
قالت منظمة العفو الدولية: إن توصية محكمة مصرية اليوم بأن يحكم على الرئيس محمد مرسي، وأكثر من 100 من المتهمين الآخرين بالإعدام بعد محاكمات فادحة الجور تظهر حالة يرثى لها لنظام العدالة الجنائية في البلاد.
وإن إدانة محمد مرسي والحكم عليه بالإعدام في أكثر المحاكمات جوراً بشكل صارخ يدل على تجاهل تام لحقوق الإنسان، وقد تم إبطال إجراءات محاكمته حتى قبل أن تطأ قدماه قاعة المحكمة، فحقيقة أنه احتجز لعدة أشهر بمعزل عن العالم الخارجي بدون إشراف قضائي، وكونه لم يكن لديه محام لتمثيله خلال التحقيقات يجعل هذه المحاكمة ليست سوى تمثيلية بنيت على إجراءات باطلة ولاغية، كما يقول سعيد بومدوحة، نائب مدير منظمة العفو ببرنامج شمال أفريقيا الدولية في الشرق الأوسط.
والحكم بـ20 عاماً على مرسي في وقت سابق لإرساله بلطجية يرتدون ملابس مدنية لتفريق مظاهرات الشباب في وقت متأخر من عام 2012م، قول سخيف ويفتقر للعقلانية، فهذه الشائعات مثل تلك التي تقول: إن دكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ أون قام بتغذية عمه للكلاب، والسيسي وزملاؤه الضباط بدؤوا يتصرفون مثل كيم حتى إنهم يدعون أنهم اكتشفوا علاجاً لمرض الأيدز بالكفتة في المختبرات العسكرية!!
إن مصر تحت أحذية العسكر ستتحول بسرعة لكيان منبوذ دولياً، فحتى زيارة السيسي الأخيرة لإسبانيا أنتجت صيحات غضب ضد الحكومة الإسبانية التي سمحت له بدخول مدريد.
وقد فقدت البورصة المصرية ما قيمته 26 مليار دولار خلال الأسبوع الماضي، والسياحة لا تزال تعاني كساداً شديداً، فالإعدام التعسفي للناس ليس طريقة مدروسة للتعامل مع الجماهير.