أصدرت القوى السياسية الكويتية بياناً حول الحكم الصادر بحبس النائب السابق مسلم البراك سنتين، هذا نصه:
تلقت جموع الشعب الكويتي حكم محكمة التمييز الصادر بتأييد حكم محكمة الاستئناف بسجن أمين عام حركة العمل الشعبي النائب السابق مسلم البراك لمدة عامين مع الشغل والنفاذ على خلفية الخطاب الشهير الذي ألقاه في ساحة الإرادة بتاريخ ١٥ أكتوبر٢٠١٢م في ندوة “كفى عبثاً بكثير من الحسرة والأسى لما آلت إليه أحوال البلاد، حيث باتت الملاحقات السياسية من جانب السلطة لخصومها هي أساس هذه المرحلة بغية خنق الحريات وعدم سماع الرأي الآخر.
ولعل الحكم الذي صدر مؤخراً على أمين عام حركة العمل الشعبي النائب السابق مسلم البراك يعتبر حكماً سياسياً، وهو إخلال صارخ بمبادئ العدالة التي كفلها الدستور، حيث كانت محكمة الاستئناف قد أبطلت حكم الدرجة الأولى الصادر بحق البراك وتصدت للنظر في القضية دون إرجاعها للدرجة الأولى، وهذا بحد ذاته حرمان للمتهم من إحدى درجات التقاضي.
ولقد هزّ هذا الحكم القاسي الذي صدر بحق شخصية برلمانية بوزن النائب السابق مسلم البراك الذي مثل الأمة لمدة ١٧ عاماً بكل شرف وأمانة وصدق، هزّ ضمير الكويتيين، كما ترددت أصداء هذا الحكم الأوساط الحقوقية والإعلامية في العالم حينما اعتبرت منظمة العفو الدولية (وهي المنظمة الحقوقية الأشهر والأعرق في العالم) أن البراك بعد هذا الحكم يعد “سجين رأي”، ناهيك عن تناول وسائل إعلامية عالمية الحكم من باب الاستغراب من تحول الكويت نحو هدر الحريات والتضييق على السياسيين والناشطين.
إن الكويت تشهد حالياً مرحلة غير مسبوقة من جانب السلطة في اختراق الدستور والتمييز في تطبيق القوانين واستباحة المال العام وهدر الحريات، بدأت في التفرد بالقرار في تغيير النظام الانتخابي السائد نحو نظام انتخابي جديد يكرس الفئوية ويسهل اختراق السلطة للتحكم في مخرجات العملية الانتخابية مما يمكنها من إحكام قبضتها على البرلمان؛ وبالتالي التحكم في قراراته وإضعاف قدرته على الرقابة، ثم تمادت أكثر حينما لجأت إلى سحب “جناسي” عدد من المواطنين لمجرد اختلاف خطهم السياسي عن خط السلطة، ووصل استهتارها بالقضاء حينما رفضت الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية وإدارة الفتوى والتشريع تزويد المحكمة المختصة بأسباب سحب جنسية النائب السابق عبدالله البرغش وأسرته الكريمة، ثم تمادت السلطة أكثر حينما أبعدت المواطن سعد العجمي قسراً عن البلاد بعد أن جردته من جنسيته لتفرق بينه وبين زوجته وأولاده في قرار لا يتصف فقط بعدم قانونيته بل إنه يوصف بعدم الإنسانية.
ومع هذه الإجراءات التعسفية المشار إليها، لم تتوقف السلطة عن الملاحقات السياسية والتعسف في إجراءات الحبس الاحتياطي ضد خيرة شباب الكويت ونشطائها السياسيين والحقوقيين؛ بسبب تغريدات لهم أطلقوها في “تويتر” حتى صنفت الكويت كواحدة من أكثر الدول التي سجنت وصادرت حريات المغردين إلى درجة أن بعض المغردين حوكم على نواياه فيما كتب! كما تم إغلاق صحيفتين وقناة تلفزيونية تحت حجج ظاهرها القانون وباطنها الانتقام من أصحابها لمجرد اختلاف آرائهم عن الرأي السائد للسلطة!
لذلك فإن الكويت لم تعد اليوم بنظر العديد من أبنائها المخلصين كما كانت بالسابق واحة للحرية والأمان في المنطقة كلها، ولم يعد يتغنى أبناؤها كما كانوا يفعلون سابقاً بأن يقولوا ما يريدون، ويذهبوا إلى بيوتهم ليناموا فيها وسط أبنائهم مطمئنين، بل إن الأمر تعدى ذلك إلى أن عدداً من بنات وأبناء الكويت هاجروا، بينما كثيرون منهم من يعد العدة للهجرة!
ويبدو من المؤشرات الحالية التي يفصح عنها نهج السلطة الحالي المعادي للحريات والمتمادي نحو الانفراد في القرار أن القادم أسوأ، وما لم تتوحد جهود كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والجموع العمالية والطلابية نحو مواجهة هذا النهج بكل الوسائل السياسية السلمية الممكنة؛ فإن اعتداءها سيطال كثيرين وستمتلئ السجون بالكثيرين من أصحاب الرأي الحر.
ولقد علمنا التاريخ الحديث أن الأخطار والأطماع الخارجية التي داهمت وطننا العزيز دائماً تأتي بعد مراحل الانقسام الداخلي، وبعد الهجمات التي تقوم بها السلطة على الحريات وتنقض فيها على المكتسبات الشعبية لأبناء الكويت، ومع ذلك يقوم أبناء الشعب الكويتي دوماً بالالتفاف الوطني حول بعضهم بعضاً في أوقات الأزمات والشدة.
لذلك نحن القوى السياسية في الكويت ندعو الجميع إلى العمل على وحدة الصف لمواجهة الظلم والفساد؛ لتصبح الكويت دولة مؤسسات وقانون، قائمة على أسس الحرية والعدل والمساواة.
وفي هذا السياق، نجدد تأكيدنا بأنّ حل الأزمة السياسية في البلاد إنما يتطلب أول ما يتطلب أن تتخلى السلطة عن نهجها غير الديمقراطي، وأن تستجيب للمطالب الشعبية بإطلاق الحريات العامة والإفراج عن المعتقلين وإعادة الجناسي لمن أسقطت عنه أو سحبت أو فُقِدت منه، وإلغاء مرسوم قانون “الصوت الواحد”، وحلّ المجلس والحكومة الحاليين، وإجراء انتخابات نيابية على أساس النظام الديمقراطي الذي تكون فيه السيادة للأمة مصدر السلطات جميعاً.
حفظ الله الكويت وشعبها من كل سوء ومكروه.
الكويت
الأربعاء ١ شعبان ١٤٣٦ هـ
الموافق ٢٠ مايو ٢٠١٥م
التيار التقدمي الكويتي
حركة العمل الشعبي
الحركة الدستورية الإسلامية
الحركة المدنية الديمقراطية
حزب الأمة
حزب المحافظين المدني
مظلة العمل الكويتي