محمود القاعود
لنفترض أن جماعة في مصر تُدعى “الإخوان المسيحيون”، ولها تواجد بجميع محافظات مصر، وفلسفة تلك الجماعة تقوم على خدمة المسيحية والمسيحيين والفقراء والمعوزين، وأسست هذه الجماعة حزباً سياسياً.. ودخلت الانتخابات.. وفازت في كل الاستحقاقات الانتخابية، وحصدت الأغلبية من الاتحادات الطلابية والجامعات وحتى البرلمان والرئاسة، وفجأة.. يخرج وزير الدفاع “المسيحي” عقب مرور عام من تولي الرئيس “المسيحي” حكم البلاد، ويعزله بزعم أن البلد في طريقه لحرب أهلية، ويلغي الدستور.. فيعترض أعضاء الإخوان المسيحيين على هذا الانقلاب.. فيأمر وزير الدفاع بقتلهم وحرقهم وهدم كنائسهم واعتقال آلاف القساوسة والأساقفة، وينشر الإعلام حملة لتجديد الخطاب المسيحي، وتقوم مُدرِّسة “مسيحية” بحرق الأناجيل أمام الكاميرات، وتحاصر الشرطة الكنائس وتدكها بالجرينوف بحجة أن بها مسلحين، بينما يقف بجوار الشرطة عوام “المسيحيين” يُصفقون ويرقصون على أنغام “تسلم الأيادي”، ويخرج بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية ليؤيد ما فعله وزير الدفاع “المسيحي”، ويبارك اعتقال المسيحيين ومطاردتهم وتصفيتهم ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم واعتقال الفتيات والسيدات المسيحيات واغتصاب بعضهن، وإعطاء الضوء الأخضر للقضاة “المسيحيين” لإصدار أحكام الإعدام بحق مئات من قيادات جماعة الإخوان المسيحيين، وظهور طائفة من المسيحيين تعبد البيادة وتصفق لقرارات وزير الدفاع “المسيحي” الذي يمارس التطهير العرقي ضد إخوانهم المسيحيين.
طبعاً هذا الكلام يندرج ضمن “الفانتازيا” أو الخيال؛ لأنه من المستحيل أن تجد مسيحياً يحرض على شقيق عقيدته أو يدعو لإبادته، وهذا يوضح للقارئ أن الانقلاب الصليبي الذي جرى في 3 يوليو 2013م موجه بالأساس لمحو الوجود الإسلامي من مصر، وبمباركة شيوخ العار ولحى البهتان والسوء الذين يزعمون الانتساب للإسلام، وهم يرون تصفية المسلمين وذبحهم واغتصاب المسلمات واعتقال الفتيات والسيدات والأطفال وغلق المساجد والجمعيات الإسلامية، وسب الإسلام في الفضائيات، ومصادرة أموال المسلمين وممتلكاتهم حتى وصل سفه الانقلاب الصليبي إلى منع الاعتكاف والصلاة على النبي!
ثمة إشكالية خطيرة، وهي أن معسكر الانقلاب الصليبي يحفل بالعديد ممن ينتسبون للإسلام ببطاقات الهوية، ولا يبدو في تصرفاتهم أي شيء من سلوك الإسلام، منهم من انضم لهذا المعسكر بسبب الجهل والتخلف، ومنهم من يعي تماماً وهم أدعياء العلمانية والليبرالية واللادينيون والسلفية الأرثوذكسية التي ثبتت عمالتها لمجلس الكنائس العالمي، وهي تشبه تماماً يهود الدونمة في تركيا، فاستحقت لقب نصارى الدونمة، ولا يمكن أن ننسى هذا الملتحي الأفَّاق الذي خرج خلف تواضروس يوم بيان عزل الرئيس المسلم محمد مرسي، ليؤمِّن على كلام تواضروس ويبارك كل الجرائم التي تحدث ضد الإسلام والمسلمين.
إن السؤال الذي يجب أن نناقشه: ما موقف الغرب والشرق إن كان ثمة حملة إبادة تُقام ضد مجموعة من المسيحيين في الشرق الأوسط؟ وما موقف بابا الفاتيكان وكل القائمين على المشروع الكولونيالي الصليبي؟
وأسئلة لكل أنصار الانقلاب الصليبي ممن ينتسبون للإسلام ببطاقات الهوية: هل تشعرون براحة الضمير وأنكم تنصرون الإسلام بتأييد انقلاب جاء لمحو الإسلام من مصر وإبادة المسلمين؟ وهل حقدكم على جماعة الإخوان المسلمين يجعلكم تعلنون الحرب على الله ورسوله والإسلام؟ وهل سمعتم عن نصارى يحاربون عقيدتهم مثلما تحاربون أنتم الإسلام بزعم محاربة الإخوان؟