لاشك أن الاتفاق النووي الذي تم بين الدول الكبرى وإيران هو في حقيقته لمصلحة المنطقة عموماً، ودول الخليج على وجه الخصوص، حيث ستكون المجاهر موجهة على البرنامج النووي بصرامة، في حين ستستفيد إيران المنهكة أصلاً من انخفاض أسعار النفط والتغلغل العسكري بدعم المليشيات في المنطقة وحلفائها في لبنان والعراق وسورية، وفي وقت سابق قامت بخفض الميزانية المخصصة لـ«حزب الله».
وهذا الاتفاق سيعزز فرص السلم في المنطقة، ويجب أن يقابل بترحيب خليجي، خاصة وأن الموضوع تم التوصل إليه بتسوية سلمية، وسيعزز من فرص التقارب أكثر بين دول الجوار، وهذا قدرها، والاتفاق النووي لا يعني بأن إيران ستترك حلفاءها في المنطقة.
أما لو نظرنا إلى بنود هذا الاتفاق فإنه سيقيد البرنامج النووي الإيراني على المدى الطويل، وسيضع حداً لتخصيب اليورانيوم لا تتجاوز 3.67%، وخفض عدد أجهزة الطرد المركزي بمقدار الثلثين ليكون 5060 جهازاً فقط، وسيتم السماح بدخول المفتشين الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع الإيرانية المشتبه فيها وبعض المواقع العسكرية بالاتفاق مع الحكومية الإيرانية، وحظر استيراد أجزاء يمكن استخدامها في برنامج إيران للصواريخ البالستية 8 سنوات، والأسلحة لمدة 5 سنوات، وتحويل مفاعل «فوردو» وهو المنشأة الرئيسة لتخصيب اليورانيوم إلى مركز أبحاث الفيزياء والتكنولوجيا النووية، وفي حالة الإخلال بالبنود المذكورة فإن العقوبات ستفرض مرة أخرى خلال 65 يوماً.
وفي المقابل، ستحصل إيران على رفع العقوبات المفروضة عليها بشكل تدريجي، مع استمرار تجميد الأصول الإيرانية في الخارج 8 سنوات، وحظر سفر الأفراد والهيئات التي شاركت في البرنامج النووي لمدة 5 سنوات، وسيتم التقليل من هذه الفترات في حال تم التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني، وستتمكن إيران من معاودة تصدير النفط بكامل طاقتها الإنتاجية فور بدء تنفيذ الاتفاق، والتعاون بين الدول الكبرى وإيران في مجالات الطاقة.
ولكن ماذا لو لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق وتمت عرقلته في الكونجرس الأمريكي؟! عندها ستكون النتائج كارثية على المنطقة ودول الخليج، وسيتسبب باحتقان لا يعرف إلى أين ستنتهي إليه الأمور، لاسيما وأن الرئيس الأمريكي أوباما قال إلى معارضيه في الحزب الجمهوري: إنها لا تقود سوى إلى الحرب، وقال:«إذا كان 99% من المجتمع الدولي وغالبية الخبراء النوويين ينظرون إلى هذا الأمر وأنه سيمنع إيران من حيازة قنبلة ذرية، في حين أنكم تجادلون أنه لا يفعل، أو كان سيفعل سيكون ذلك مؤقتاً، عليكم إذن أن تقدموا بديلاً، وإما أن تحل المسألة عبر الدبلوماسية، عبر التفاوض، وإما عبر القوة وبالتالي الحرب، هذه هي الخيارات».
نعم هذه هي الخيارات، ويجب أن نفكر ونحن بالقرب من هذه المفاعلات، هل الحل الدبلوماسي والتفاوضي أفضل أم الحرب التي تأكل الأخضر واليابس؟ بالطبع التفاوض وما وصلت إليه النتائج أفضل بكثير من أي خيار عسكري لا نعرف متى سينتهي إذا بدأ، نعم المفاوضات ستساهم بخروج إيران من المأزق الاقتصادي الكبير، وهذا ما سينعكس على الشعب بدرجة كبيرة نتيجة الانفتاح الذي سيتم، وهو اتفاق سيضمن استقراراً كبيراً وسلاماً لو تم فهو تاريخي.