رأفت مرة
كشفت جريمة إحراق الطفل الفلسطيني علي دوابشة، فجر الجمعة 31 يوليو 2015م، في منزله ومع أفراد عائلته في قرية دوما في مدينة نابلس في الضفة الغربية، عن “رأس جليد” جرائم الحرق التي تمارسها عصابات المستوطنين الصهاينة ضدّ الفلسطينيين.
فقد قالت منظمة “هناك قانون” “الإسرائيلية”: إن الجماعات اليهودية المتطرفة قامت منذ عام 2008م إلى اليوم بارتكاب 15 اعتداء تمّ فيها إحراق بيوت فلسطينيين.
وتنقل الأخبار بشكل دائم عمليات إحراق منظمة تستهدف المزروعات والمحاصيل وأشجار الزيتون والسيارات والمحال التجارية والمقابر والمساجد والكنائس، وينفّذ هذه الاعتداءات مجموعات صهيونية متطرفة تحظى بتأييد ودعم الحكومة “الإسرائيلية” وجيش الاحتلال والأجهزة الأمنية.
واليوم تزداد هذه الاعتداءات اتساعاً بسبب بروز صوت المستوطنين في الانتخابات، وحاجة الأحزاب “الإسرائيلية” إلى أصوات المجموعات اليهودية اليمينية، حيث أصبح زعماء الاستيطان هم أكثر القوى تأثيراً في الانتخابات وفي موازين القوى الداخلية.
وفي معظم الحكومات “الإسرائيلية” في السنوات العشر الأخيرة، وصل عدد الوزراء الذين يقيمون في تجمعات استيطانية إلى ربع عدد الوزراء.
وتساهم الإجراءات الصهيونية الأمنية والقضائية المخففة في تشجيع المستوطنين على ارتكاب اعتداءات ضدّ الفلسطينيين.
فبعد جريمة إحراق الفتى محمد أبو خضير في القدس المحتلة العام الماضي، تأخرت سلطات الاحتلال في اعتقال المجرمين، وسارع أطباء إلى اعتبارهم مصابين بخلل نفسي، ودائماً يتم إيجاد مبررات لإطلاق سراح هؤلاء.
وقبل شهر قام رئيس أركان الجيش الصهيوني بتوزيع ميداليات تهنئة لجنود قتلوا فلسطينيين، وتمّ إطلاق سراحهم بعد عمليات تحقيق وهمية.
وسارعت جهات صهيونية إلى الاعتراف بدور المستوطنين في أعمال العنف ضدّ الفلسطينيين، فقد نقلت “القناة العاشرة” عن ضابط استخبارات رفيع المستوى قوله: إنه في السنوات الأخيرة تطورت ظاهرة “شباب التلال”، وصارت تنظيماً سرياً اقترف في السنوات الأخيرة عشرات العمليات ضدّ الفلسطينيين تحت اسم “شارة سعر”، وبكلمات أخرى، فإن مطالبات الإدانة التي تنطلق على أعلى المستويات من جهة الحكومة لن تغير الواقع أبداً، فالمستوطنون عموماً ورأس حربتهم الميدانية “شباب التلال” هم ذخيرة الأحزاب الحاكمة الأكثر نجاعة، ولذلك يصعب تخيّل إقدام حكومة نتنياهو على خطوات لتقييد ظاهرة التشدّد في صفوف المستوطنين عن طريق الشروع في اعتقالات إدارية أو تنفيذ اعتقالات جماعية كما يحدث عند الفلسطينيين.
ووفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فقد نشر الرئيس الصهيوني رئوفين ريفلين مقالاً بالعربية والعبرية جاء فيه: “يبدو، ويا للأسف، أننا تساهلنا في تعاملنا مع ظاهرة الإرهاب اليهودي.. ومن أجل مواجهة موجة الإرهاب يتعين على دولة “إسرائيل” ومجتمعها محاسبة النفس، لا تكفي إدانة الإرهاب بل يجب محاربته ومحاربة العنصرية والتمسك بقيم القانون والديمقراطية والدفاع عن كرامة الإنسان”.
وجاء في افتتاحية صحيفة “هاآرتس” أن قتل الرضيع علي دوابشة في قرية دوما والنار التي أتت عليه وأصابت أفراد عائلته وهم نيام لم يكونا أمراً مفاجئاً بل واضحاً منذ زمن بعيد كالشعلة في ليل مظلم، وأي لجنة تحقيق “إسرائيلية” في الحادث ستكشف الإهمال في جهاز الاستخبارات في محاربة الإرهاب اليهودي في المناطق، والجميع مسؤولون عن هذا الإهمال حتى بنيامين نتنياهو نفسه لأن الاستخبارات تتبع له مباشرة.
هذه التعليقات تؤكد أن سياسة العنف التي ينتهجها المستوطنون هي سياسة رسمية صهيونية، تكمل ما تمارسه الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية.
إنها مليشيا صهيونية مسلحة، إنهم شبيحة نتنياهو، وشارون، وبيريز، ورابين، وبيجن، وشامير.
وإن الرد على جرائم هؤلاء لا يكون من خلال تصرّف سلطة محمود عباس التي تحارب المقاومة، بل من خلال انتفاضة مسلحة ومدنية ضدّ جميع أهداف الاحتلال.