مع حلول الذكرى الأولى للحرب الصهيونية على قطاع غزة التي شنتها سلطات الاحتلال في السابع من يوليو 2014م, نشرت “كتائب الشهيد عز الدين القسام” مجموعة من مقاطع الفيديو التي توثق العمليات البطولية لـ”كتائب القسام” خلف خطوط العدو أثناء الحرب، والتي تظهر بشكل واضح وجلي ما أراد قادة الاحتلال إخفاءه عن أفراد مجتمعهم من قتل للجنود وتمريغ أنوفهم في التراب.
وإلى جانب ذلك، نشرت الكتائب فيلماً وثائقياً يكشف ما جرى في عملية موقع “أبو مطيبق” العسكري، مرفقة بعض المشاهد التمثيلية في الفيلم، إضافة إلى المشاهد الحقيقية التي سمحت بنشر جزء منها, ويأتي ذلك الفيلم ضمن مجموعة أفلام وثائقية، وفواصل دعائية نشرتها الكتائب مؤخراً، ويظهر في ذلك مدى التطور الكبير الذي وصل إليه إعلام المقاومة، متمثلاً في جودة الصورة، وقوة الإخراج، وتميز الفريق الإعلامي المقاوم في كل مجالات الإعلام المختلفة، إلى جانب الاهتمام البالغ بتوثيق كل شيء بالصوت والصورة سواء ما يتعلق بالعمليات الاستشهادية ضد جنود الاحتلال، أو التدريبات العسكرية لجنودها، أضف إلى ذلك عمليات الرصد ومتابعة تحركات العدو على مدار الساعة.
وحتى في الخطابات والبيانات العسكرية، فإن المتابع يلمس بلاغة في البيان، وأسلوباً أدبياً متميزاً في الكتابة، وبراعة في الإلقاء، وهو ما بدا جلياً في تصريحات أبي عبيدة، الناطق باسم “كتائب القسام”، والبيانات العسكرية التي يلقيها, والذي أصبح مصدر المعلومات الموثوق بالنسبة للمجتمع الصهيوني بعد أن استطاع دحض مزاعم قادة الاحتلال الذين لم ينقلوا لمجتمعهم المشهد الحقيقي للأحداث الدائرة أثناء الحرب، وقد مثلت تلك العناصر مجتمعة مفاجأة مذهلة لدولة الاحتلال، إذ لم يكن حال الإعلام المقاوم على هذا النحو في المراحل السابقة.
“المجتمع” سلطت الضوء على هذه النقلة النوعية, والتطور الكبير الذي وصل إليه إعلام المقاومة من خلال تواصلها مع المكتب الإعلامي لـ”كتائب القسام”، وإرسال الأسئلة لهم والتي أجاب عنها أحد أبرز قادة الإعلام في المكتب الإعلامي لـ”كتائب القسام”، والذي أجاب عن الأسئلة والاستفسارات بعد الموافقة على ذلك الأمر، واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة.
أهمية الإعلام
ويجيب القيادي في المكتب الإعلامي الذي رفض الكشف عن هويته في سؤال “المجتمع” عما يمثله الإعلام بالنسبة لـ”كتائب القسام” عن الإمكانيات المتاحة لذلك الأمر؟ فيبين القيادي البارز أن الإمكانيات الإعلامية الموجودة لدى “كتائب القسام” تلبي الحد الأدنى المعقول من أداء رسالتها الإعلامية، لكنها إذا ما قورنت بما توصلت إليه تكنولوجيا الإعلام اليوم فهي بالتأكيد إمكانات ما زالت قليلة، مشيراً إلى أنهم حققوا نجاحات مهمة في هذا الإطار، لكنهم يطمحون دوماً إلى كسر حلقات الصعاب والحصار, والوصول إلى العالم عبر الإعلام الصادق المؤثر، من خلال العمل على تطوير أداء الفريق الإعلامي بشكل مستمر.
أخطار كثيرة
ويكشف القيادي في المكتب الإعلامي لـ”كتائب القسام” في سؤال “المجتمع” عن الأخطار التي يتعرض لها الفريق الإعلامي أثناء عمله عن أخطار جمّة يواجهها العاملون في المكتب الإعلامي، مشيراً إلى أن الإعلامي العسكري هو هدف دائم للمحتل، وقد استشهد العشرات من مجاهدينا في الإعلام العسكري خلال الحروب على قطاع غزة، سواءً باستهدافهم المباشر من نيران العدو الصهيوني، أو بعملهم في مناطق الاشتباك والالتحام، فالمصوّر القسامي هو استشهادي يخاطر بحياته من أجل نقل صورة صادقة مشرّفة من قلب المعركة، كما أن الأخطار الأخرى حاضرة باستمرار، من قرصنة صهيونية على الإعلام الإلكتروني القسامي، ومحاولات التخريب المستمر والتشويش على وسائلنا الإعلامية، وغيرها من الأخطار المرتبطة بوجود الاحتلال.
الاحتلال يكذب نفسه
وفيما يتعلق بقدرة الإعلام المقاوم على كشف فضائح جنود الاحتلال، وتفنيد مزاعمهم، يوضح القيادي البارز لـ”المجتمع”؛ أننا استطعنا ضرب الرواية الصهيونية التي دأب الاحتلال على ترويجها، وخاصة فيما يتعلق بإخفاء خسائره، وقد ظهر جلياً خلال الحروب الأخيرة على قطاع غزة كيف كانت كاميرا “القسام” حاضرة، وأظهرت كذب رواية الاحتلال، وقد شاهدنا في الحرب الأخيرة كيف اضطر الاحتلال إلى تكذيب نفسه والاعتراف تباعاً بجزء من خسائره، وتغيير رواياته حول بعض العمليات، كنتيجة لإعلان “القسام” الموثق، وأحياناً المصوّر بدقة عن بعض التفاصيل التي أحرجت قيادة العدو، وأرغمت الناطق باسم جيش الاحتلال على الاعتراف ببعض العمليات التي كان قد نفاها، مثل قصف تل أبيب وحيفا، وعملية ناحل عوز، وغيرها.
دلالات التطور
وعن دلالات التطور النوعي لإعلام المقاومة، يقول الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون لـ”المجتمع”: إن اهتمام “كتائب القسام” بالإعلام يحمل عدة دلالات، تتمثل في تطور العقلية القيادية, كما أنه دليل على تمكّن المقاومة واتساع إنجازاتها.
وبين المدهون أن الإعلام يعد إحدى وسائل المقاومة، ودليلاً على تطورها وإنجازاتها، مشيراً إلى أن الإعلام الذكي الفعال المرن والمواكب للتطورات يعظم الفعل ويزيد أثره الإيجابي، والصورة لا تقل عن القذيفة إن نشرت في وقتها الصحيح.