القوات التي تقاتل من أجل السيطرة على ثلاث بلدات سورية كانت تراقب وقف إطلاق نار مؤقت الخميس بعد مساعي إيران لاستكشاف الحلول الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا.
الهدنة التي بدأت الأربعاء الماضي في المحور الإستراتيجي الغربي الهام من الزبداني وبلدتين شمال غرب، كانت نتاج أسابيع من المحادثات في تركيا بين مسئولين إيرانيين وأحرار الشام، إحدى كبرى الجماعات الثورية، وفقا للثوار ودبلوماسي سوري سابق. وقد حددت الهدنة في البداية لمدة 48 ساعة، تم تمديدها الخميس ليومين إضافيين، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.
وإيران هي التي تفاوض نيابة عن حكومة الرئيس بشار الأسد، الذي تسيطر قواته – جنبا إلى جنب مع ميليشيا حزب الله في لبنان – وتحاصر الزبداني التي يسيطر عليها الثوار منذ 5 يوليو.وقال بسام براباندي، الدبلوماسي السابق، وهو على دراية بالتغيرات أن غياب الحكومة السورية عن المحادثات يسلط الضوء على نطاق واسع علي نفوذ طهران على حليفتها.
وبهذا نجح الثوار في عرقلة مخطط “حزب الله” لاقتحام مدينة الزبداني وفي استخدام الحصار على بلدتي الفوعا وكفريا في ادلب لتخفيف الضغط على الزبداني.
وكان من المقرر أن تنتهي هدنة 48 ساعة عند السادسة من صباح الخميس، لكن جرى تمديدها رسميا مساء أمس حتى الساعة السادسة من صباح السبت، وتقول مصادر سورية معارضة: “قرار التمديد صدر رسمياً ليل أمس الخميس بعد اجتماع بوساطة تركية بين وفد من حركة أحرار الشام ووفد إيراني، وستستكمل الاجتماعات اليوم للخروج بخيار يرضي الطرفين”.
ويقول محللون إن المبادرة الدبلوماسية غير العادية التي أدت إلى هدنة تعكس حجم التعب بين حلفاء الأسد وسط الصراع المستمر منذ أربعة أعوام. وتسيطر الحكومة على أقل من نصف الأراضي السورية، وفقدت كثيرا من المناطق في الأشهر الأخيرة رغم حصولها على مليارات الدولارات في صورة مساعدات من إيران والدعم الميداني من ميليشيات حزب الله.
كما قد تعكس اعترافا متزايدا من قبل حزب الله وإيران بأن ثوار سوريا لا يمكن هزيمتهم عسكريا، وأن حزب الله، خصوصا، لا يمكن الحفاظ على زخم تورطه في سوريا إلى أجل غير مسمى، وفقا للمحللين. فقد تكبد حزب الله، الذراع الأقوى لإيران في المنطقة، خسائر كبيرة خلال المواجهة في الزبداني.
وقال “جوشوا لانديس”، وهو خبير في شؤون سوريا ومدير مركز جامعة أوكلاهوما لدراسات الشرق الأوسط، معلقا: “مع ارتفاع وفيات حزب الله، فإنه يصبح الأمر أكثر وضوحا من أي وقت مضى أن الشيعة والعلويين من القلة بحيث لا تسمح لهم أعدادهم بالحفاظ على خطوط القتال ضد كتائب الثوار السنية السلفية التي أصبحت أكثر فعالية وتنظيما وتسليحا”. وقد ضعف جيش الأسد بسبب نقص المقاتلين والمجندين مما أدى إلى خسائره الأخيرة.
ففي الزبداني، واجه حلفاء الأسد حزب الله أساليب حرب العصابات الفتاكة، بما في ذلك المنازل المفخخة والقنابل المزروعة على جانبي الطريق ونيران القناصة.
وفي جبال القلمون الجنوبية، تتاخم الزبداني الحدود اللبنانية، وهي محور أساس في خط إمداد حزب الله في دمشق، العاصمة، حوالي 20 ميلا إلى الجنوب الشرقي. كما تربط الزبداني دمشق بمعاقل الموالين للحكومة على طول الساحل الشمالي الغربي في سوريا.
ويعاني حزب الله من الإرهاق والإجهاد لأنه يخوض حرب المدن، بما تتطلبه من الحاجة إلى تنظيف المدينة، وهذا يستغرق وقتا طويلا ويعرضها لإصابات كبيرة”، كما نقلت الصحيفة عن “إلياس حنا”، وهو جنرال سابق في الجيش اللبناني، مشيرا إلى الزبداني.
وقال مسؤول في المخابرات اللبنانية إن ما يصل إلى 10 ألف من مقاتلي حزب الله أصيبوا في سوريا. وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أن الحزب يعتمد بشكل كبير على الاحتياط والشباب الذين لا يملكون خبرة في ساحة المعركة.
وقال “حنا”، الجنرال المتقاعد، إن “حزب الله اضطر لاستنزاف مخزونه الاحتياطي، وذلك عندما استخدم جنودا أقل جودة، وهذا يعني أنه ما عاد يحارب بشكل فعال”.
وكانت الزبداني، التي سيطر عليها الثوار في العام 2012، هادئة نسبيا بعد التوصل إلى هدنة هشة بين السكان والحكومة. ولكن هجوم حزب الله على المدينة في مايو الماضي يبدو أنه دفع الثوار من المناطق المحيطة بها إلى الانتقال داخل الزبداني، التي كان يسكنها حوالي 30 ألف شخص قبل الثورة في العام 2011.
ويريد حزب الله تخليص المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا من الثوار الإسلاميين التابعين لأحرار الشام وجبهة النصرة.
ونقلت الصحيفة عن أبو نضال، وهو مقاتل يساعد في تشغيل المستشفى الميداني في الزبداني، قوله: “لقد تمكنا من الصمود لفترة طويلة”، وأضاف مستدركا: “ولكن ظروف الثوار المقاتلين والمدنيين الباقين في المدينة تزداد سوءا”، وأوضح في مكالمة هاتفية: “ليس هناك كهرباء، والرعاية الطبية محدودة جدا، ولا يزيد أكل معظمنا من الخبز..”.