البشر لديهم آلية دفاع متقنة ومصممة للحفاظ على سلامتهم، المشكلة الوحيدة هي أن النظام لا يستطيع تقييم التهديد بشكل جيد، فكل الأخطار عنده متساوية، بصرف النظر عما إذا كان التهديد أسداً جائعاً، أو أحكاماً فارغة يطلقها عليك الآخرون، وعقولنا وأجسادنا تتفاعل بنفس الطريقة في كل المواقف، نتراجع إلى الوراء إلى الكهف الذي لدينا، حيث تتوهج لينة من النار تؤمننا وتدفئنا!
كتبت رواية قبل بضع سنوات، كانت الكتابة أحياناً سهلة، عندما تتدفق الكلمات على الصفحة وأرى القصة بشكل واضح في رأسي، وأحياناً أخرى كنت أحس كما لو أن أصابعي قدت من الرصاص، وتختفي القصة وراء طبقات من الضباب الكثيف، في تلك الأيام شعرت وكأنني مضطر للاستسلام، وكأن القصة لن تنتهي أبداً، وحتى لو أتممتها فستكون فظيعة.
لذلك توقفت عن الكتابة، وظلت مخطوطة القصة بدون أن تلمس، لأكثر من عام، وكنت أتعذب أكثر يوماً بعد يوم؛ لأنني غرقت عميقاً في عقلنة ومنطقة أنني لا أصلح أن أكون كاتباً، كنت أموت رويداً في كل يوم لا أكتب فيه، كنت أعرف أنني يجب أن أكون مبدعاً، وأقوم بإعطاء الحروف حياة واستخدام الكلمات لتصوير الشخصيات التي أراها في رأسي على الورق. عشت في عزلة إبداعية ما يزيد قليلاً على العام، حتى جاء يوم بدأت فيه التفكير في كتابي، وحياتي ككاتب، بشكل مختلف، اكتشفت بعض الحيل لملاطفة الكاتب الذي يقبع في داخلي حتى يضع الكلمات على الورق. في البداية كانت هذه لحظات عابرة، حوالي عشر دقائق هنا وهناك، ولكن بسرعة، وبدون بذل الكثير من الجهد، كنت أنفق المزيد والمزيد من الوقت في العمل على إتمام روايتي، والاستمتاع بهذه العملية، وأسخر من تلك اللحظات التي لم أكن أستطيع أن أنتج فيها أي كلمات. الأشياء ذاتها التي دفعتني في السابق إلى العزلة والخوف وانعدام الأمن هي التي دفعتني بحق إلى الأمام الآن، وتعلمت، من خلال تقنيات وتحولات عقلية مختلفة، كيف أمنع نفسي من الغرق تماماً في أعماق السلبية.. والنتيجة؛ أنني الآن أكثر تركيزاً وأكثر قدرة على الصعود فوق العقبات من خلال التحديات التي وقفت في طريقي. وأنا سعيد لتقاسم هذه النصائح معكم حتى تتمكنوا من إنجاز أكثر، وعيش أوفر، وحياة أكثر ثقة:
1- ضع أسئلتك في إطار إيجابي:
– ماذا لو فشلت؟
– كيف سيراني الناس إذا كنت مخطئاً؟
هذه الأنواع من الأسئلة تلقي بنا إلى التفكير السلبي، وعن طريق صياغة قراراتنا بهذه الطريقة، نهيئ أنفسنا لنتائج مخيبة للآمال، ونتوقع انقضاض الأسد علينا من قلب الأحراش.
وبدلاً من ذلك، علينا صياغة الأسئلة بطريقة تسلط الضوء على الإيجابيات والمزايا، وليس: «ما الذي يمكن أن يقودنا للأسوأ؟»، ولكن: «ما الذي يمكن أن يسير بنا في الاتجاه الصحيح؟»، «جرب.. سيكون هذا رائعاً»، بدلاً من: «يمكن أن أفشل فشلاً ذريعاً»، هذه الطريقة في التفكير تساعدك في أن تظل تركز على الفوائد والمزايا بدلاً من السلبيات.
2- التركيز على البناء والاحتفاء بالعادات الصغيرة:
الخروج من السلبية يبدأ بخطوة، مهما كانت صغيرة، وممارسة العادة اليومية وسيلة رائعة للبدء في بناء الزخم، فإذا كنت تعاني من التركيز، فابدأ بالتأمل لمدة 5 دقائق في اليوم، ثم قم ببطء بالبناء على ذلك حتى تتمكن من التركيز لفترات أطول، وإذا كنت تعاني من عدم القدرة على الكتابة، فقم بكتابة يومياتك لمدة 5 دقائق في اليوم، وهذا سوف ينمو إلى 10 دقائق، ثم 20 دقيقة.
أهم شيء هو خلق عادات إيجابية يمكنك الاحتفاء بها لمقاومة السلبية بشكل طبيعي.
3- أعطِ لنفسك تصريحاً بأن تبتسم وتضحك:
عندما نكون في فضاء السلبية، من الصعب أن تجد الفكاهة في أي شيء، وتبين الدراسات والبحوث أن الابتسام والضحك يمكن أن يزيد من مستويات السيروتونين، هرمون السعادة لدينا، وأيضاً يثير لدينا إنتاج هرمون الإندورفين؛ مما يخلق حالة طبيعية من «السمو»، وهذا يؤدي إلى انخفاض الضغط بالإضافة للفوائد النفسية والفسيولوجية.
وهناك طريقة رائعة للبدء هو معرفة ما يجعلك تضحك، ولبضعة أيام، تتبع أنواع الأشياء التي تجعلك تضحك وبصوت عالٍ، أو تبتسم، أو حتى تجعلك تشعر بالارتياح، ثم قم بتجميع أكبر عدد ممكن من هذه المصادر مثل الكتب والمقالات والرسوم الكاريكاتيرية.. إلخ، وعندما كنت تشعر بالسلبية، استخدم واحدة من هذه الأشياء للهروب لبضع دقائق.
4- توقف عن قول: «لن أفعل»، و”لا يمكن”
عندما نريد أن ننجز شيئاً، نقوم في كثير من الأحيان بتخريب تقدمنا من خلال إقناع أنفسنا بأن أهدافنا صعبة وبعيدة المنال، فنقول: «لا يمكن»، و«لن نفعل»، وهذه تقوم بعمل المكابح: «لا أستطيع أن أكتب»، «لا أستطيع أن أفعل ذلك»، و«لن أكون قادراً على الإطلاق»، واستخدام هذه الكلمات في هذا السياق يعزز الرسائل السلبية التي نرسلها لأنفسنا؛ ولذلك لابد من التركيز على ما يمكنك القيام به: «أستطيع أن أكتب لمدة 5 دقائق في اليوم»، و«يمكن معرفة الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك». فتسليط الضوء يكون على قدراتك بدلاً من تسليطها على قيودك، والتركيز على كافة النتائج الإيجابية الممكنة. مثال آخر، إذا كنت لا تسافر لأنك تخشى الطائرة لن تطيق البقاء في الهواء، أو أنك لا يمكنك التواصل بلغة أجنبية، فاعلم أن الصعوبات في صالحك، وأن المكافآت سوف تفوق المآسي بكثير، وقم بمقارنة مخاوفك بعواقب عدم التحرك، وركز على الحقائق على نطاق واسع، وليس على المظاهر ولا على الخيال.
5- كن حذراً مع «دائماً»، وأيضاً مع «أبداً»:
«دائماً»، و«أبداً»، من المطلقات التي تستفز مشاعر العجز، أفكار مثل: «أنا دائماً لدي مشكلات مع هذا»، أو «أوه، أنا لا يمكن أن أفعل ذلك!»، تجردنا من القوة، قم بعدد من التحولات الصغيرة في كيفية استخدام اللغة: «لقد كانت لدي مثل هذه المشكلات في الماضي، ولكني استطعت أن أتعلم كيف أتغلب عليها»، أو «أنني أستطيع القيام بذلك إذا أردت».
قم باستعادة طاقتك عن طريق القضاء على المطلقات والتعرف على الاحتمالات.
6- قم بتنويع محيطك وبيئتك:
أحياناً لا نحتاج فقط إلا لتغيير المناطق المحيطة بنا، يمكن أن تتمشى؛ إذا كنت تعمل من المنزل، انضم إلى مركز عمل مشترك، إذا كنت تعمل في مكتب؛ خذ راحة في خارج مكان العمل، اذهب في إجازة لفترة قصيرة إذا استطعت، كلما كانت خبرتك أكبر؛ زادت فرصك في إيجاد متنفس كافٍ لتعزيز الإلهام ولسحب الخوف والخجل.
7- تحرك كما لو كانت حياتك تتوقف على ذلك:
لأنها كذلك.. حياتك تعتمد على الحركة!
معلوم أن ممارسة الرياضة مسؤولة عن إنتاج جميع أنواع المواد الكيميائية المفضية للشعور بالسعادة في أجسامنا، ناهيك عن أنها طريقة سهلة وجيدة بالنسبة لك، إذا كنت لا تمارس الرياضة حالياً على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع، ابدأ الآن، رويداً رويداً، لا تبدأ ببرنامج صارم دون تأقلم جسمك أولاً، ابدأ بالمشي قبل الركض، ابدأ بتمارين تحريك الجسم قبل الانتقال إلى الآلات، تحصل على هذه الفكرة، أقنع نفسك على قبول الانتصارات الصغيرة وبناء العادات الإيجابية التي سوف تستمر معك مدى الحياة.
8- تحدَّ نفسك:
عملية التعلم سواء كان ذلك في مهارة أو لغة أو هواية أو رياضة مفيدة لنا في نواحٍ كثيرة، فهي تأخذ أذهاننا بعيداً عن مشكلاتنا، وتتحدانا أن نركز، وذلك يزيد من مشاعرنا بالإنجاز، التي تميل إلى حجب السلبية، وتعزز ثقتنا عندما نتعلم وننمو.
وعندما بدأت حفر ثقب للإبداع، بدأت أيضاً في تبني المشاريع والهوايات التي أجبرتني على تعلم مهارات جديدة وطرق جديدة للتعامل مع نضالات كوني مبتدئاً، وعندما جلست في النهاية للكتابة مرة أخرى، كان لي منظور جديد عن هذه الحرفة التي فتحت لي ثروة من الأفكار الجديدة.
9- تحدث مع نفسك:
كتابة اليوميات يساعدنا على الاستفادة من موقعنا الداخلي لحل النزاعات؛ مما يسمح لنا بالعمل على حل القضايا دون الحاجة للإفراط في التفكير فيها، إخراج الأفكار السلبية من رؤوسنا وسكبها على الورق قد يساعد في التخفيف من تلك المشاعر ومن الشعور بالضيق.
قم باختيار الوقت من اليوم الذي تكون فيه قادراً على إزالة كل الانحرافات عن طريق الكتابة الحرة لمدة من 5 – 10 دقائق يومياً بشكل عفوي عن أي شيء يتبادر إلى الذهن، ستدهشك اكتشاف مدى المرونة والابتكار الذي نتمتع به عندما يتعلق الأمر بحل مشكلاتنا عن طريق التأمل الذاتي.